50

Yeni Havva

حواء الجديدة

Türler

ومن شواهد ذلك مما عرفته بنفسي أن رجلا أبى على ابنته أن تأتي إلى بيتي؛ لكي تقيس فسطانها عليها، وطلب أن أمضي أنا إلى منزل جارتي؛ لأنها صديقة أسرته فألتقي بابنته هناك وأقيس فسطانها، حتم بذلك وإلا فلا يأذن أن أخيط ملابس أسرته.

وسمعت مرة أن رجلا سخط على زوجته؛ لأنها كلفتني أن أخيط ثوبها، وكانت تتردد علي لكي تقيسه عندي، وحرم عليها إعادة هذا الذنب.

ومرة كنت في بيت إحدى «زبائني» في يوم زيارتها، وإذ وفدت عليها زائرة فعرفتها بجميع زائراتها ما عداي، فشق علي ذلك وما عتمت أن خرجت مقسمة ألا أعود إليها، وكنت أنتظر أنها تعلم سبب خروجي العاجل، وتعتذر لي أو تسترضيني بمجاملة فلم ترني وجهها.

ومرة صادفت إحداهن في منتزه مع أسرتها، وبعض أصدقائها فأعرضت عني كأنها لم تعرفني قط.

وقيل لي مرة: إن فلانا عدل عن خطبة فلانة؛ لأنه عرف أن بيني وبين أمها تزاورا.

وأنكى من كل هذا أن شقيقة ذلك الذي خانني صادفتني مرة في السبيل، فأعرضت عني مقطبة كأني قاتلة أبيها.

وأما معارفي القدماء الذين عرفتهم قبل سقطتي، فقل منهم من كان يجاملني بعض المجاملة إذا صادفني، وأكثرهم كانوا يعرضون عني، وما من آنسة أو سيدة من صواحبي القديمات سألت عني أو زارتني.

أما الشبان فلم يتودد إلي أحد منهم إلا ظهرت أخيرا غاية تودده دنيئة، مع أني كنت أبذل جهدي أن أظهر محتشمة أديبة، ما رأيت رجلا يتقرب إلي باحترام لشخصيتي كأنهم لم يثقوا بما كانوا يرونه من حسن أخلاقي، ولا صدقوا ما ظهر لهم من احتشامي وأدبي، ومهما تودد إلي بعضهم كنت أكتشف مداهنته، فلا ينطلي علي رثاؤه.

صبرت مدة طويلة على هذا الحال، واحتملت كثيرا من استخفاف الناس بي وغضهم من مقامي على أمل أن يمحى عاري شيئا فشيئا فلم أفز بأمنيتي، نعم إني اجتذبت إلي بعض الصديقات الفاضلات، وأقنعتهن بحسن خصالي واستقامة مبادئي، ووفرة آدابي ولكنهن بقين يذكرن عاري، فإذا مال إلي شاب يجهل سيرة حياتي أخبرنه عنها، وأغفلن ذكر محامدي فيضرب صفحا عني.

أخيرا اقتنعت أن عاري وشم في معصم حياتي لا يمحى مهما فعلت من المبرات، وأتيت من الحسنات وتقلدت من الفضائل.

Bilinmeyen sayfa