قوله: »أيهم يكتبها أولا«، قال ابن حجر: "في رواية رفاعة بن يحيى المذكورة: (أيهم يصعد بها أول) وللطبراني من حديث أبي أيوب (أيهم يرفعها)، قال السهيلي: روي (أول) بالضم على البناء لأنه ظرف قطع عن الإضافة، وبالنصب على الحال" انتهى. وأما "أيهم" فرويناه بالرفع وهو مبتدأ وخبره يكتبها، قال الطيبي وغيره: تبعا لأبي البقاء في إعراب قوله تعالى: {يلقون أقلامهم, أيهم يكفل مريم}[آل عمران:44]، قال: وهو في موضع نصب والعامل فيه ما دل عليه (يلقون)، و(أي) استفهامية، والتقدير يقول: (أيهم أن يكتبها)، ويجوز في أيهم النصب بأن يقدر المحذوف (ينظرون أيهم). وعند سيبويه أي موصولة، والتقدير (يبتدرون الذي هو يكتبها أول). وأنكر جماعة من البصريين ذلك، ولا تعارض بين روايتي (يكتبها ويصعد بها) لأنه يحمل على أنهم يكتبونها ثم يصعدون بها، والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة ويؤيده ما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا: "أن لله <1/266> ملائكة يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر" الحديث. واستدل به على أن بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة، إلى أن قال: "والحكمة في سؤاله له عما قال أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا بمثله إلخ، فذكر أن هذا الحديث يدل على جواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش على من معه، وعلى تطويل الاعتدال بالذكر، إلى أن قال: فائدة:
قيل: الحكمة في اختصاص العدد المذكور من الملائكة بهذا الذكر أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور، فإن البضع من الثلاث إلى التسع وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفا، ويعكر على هذا الزيادة المتقدمة في رواية رفاعة بن يحيى وهو قوله: "مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى" بناء على أن القصة واحدة، ويمكن أن يقال: المتبادر إليه هو الثناء الزائد على المعتاد وهو من قوله: "حمدا كثيرا" إلى آخره دون قوله: "مباركا عليه"، فإنها كما تقدم للتأكيد، وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفا إلخ.
Sayfa 254