30

Ḥāshiyat al-Suyūṭī ʿala Sunan al-Nasāʾī

حاشية السيوطي على سنن النسائي

Soruşturmacı

عبد الفتاح أبو غدة

Yayıncı

مكتب المطبوعات الإسلامية

Baskı

الثانية

Yayın Yılı

1406 AH

Yayın Yeri

حلب

وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ ثُمَّ قِيلَ لِلِاغْتِسَالِ بِأَيِّ مَاءٍ كَانَ اسْتِحْمَامٌ وَذَكَرَ ثَعْلَبُ أَنَّ الْحَمِيمَ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَاءِ الْبَارِدِ مِنَ الْأَضْدَادِ وَعَامَّةُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى جَمِيعِهِ وَبِمَعْنَى مُعْظَمِهِ وَالْوَسْوَاسُ حَدِيثُ النَّفْسِ وَالْأَفْكَارِ وَالْمَصْدَرُ بِالْكَسْرِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ عَلَّلَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا النَّهْيَ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يُورِثُ الوسواس وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُغْتَسِلَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ قطره ورشاشه فَيحصل لَهُ وسواس وروى بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْمُغْتَسَلِ مَخَافَةَ اللَّمَمِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَغَيْرُهُ أَنَّ اللَّمَمَ طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ قَالَ وَيُقَالُ أَيْضًا أَصَابَتْ فُلَانًا لَمَّةٌ من الْجِنّ وَهُوَ الْمَسُّ وَالشَّيْءُ الْقَلِيلُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ مِنَ الْجِنِّ وَهُوَ مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِأَنَّ الْمُغْتَسَلَ مَحَلُّ حُضُورِ الشَّيَاطِينِ لِمَا فِيهِ مَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ لَكِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ قَالَ وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَنَسٍ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَسْوَاسِ فِي الْحَدِيثِ الشَّيْطَانُ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَإِنَّ عَامَّةَ فِعْلِ الْوَسْوَاسِ أَيِ الشَّيْطَانِ مِنْهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فَهِمَهُ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْحَدِيثِ وَلَا مَانِعَ مِنَ التَّعْلِيلِ بِهِمَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ انْتَهَى قُلْتُ بَلْ هُنَا عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّ اللَّمَمَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَسٌ هُوَ الْوَسْوَاسُ بِعَيْنِهِ وَذَلِكَ طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ فَإِنَّ الَّذِي يُسَمَّى فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الْوَسْوَاسُ هُوَ الَّذِي فِي لُغَةِ الْيُونَانِ المَالَيْخُولِيا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ فَسَادِ الْفِكْرِ وَقَدْ كَثُرَ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ إِطْلَاقُ الْوَسْوَاسِ مُرَادًا بِهِ ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ أَحْمَدَ عَنْ عُثْمَانَ ﵁ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ حَزِنَ أَصْحَابُهُ حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يُوَسْوَسُ وَقِيلَ لَوْلَا مَخَافَةُ الْوَسْوَاسِ لَسَكَنْتُ فِي أَرض

1 / 35