وأجزم بأنه اسم، وقوله (غير صفة) مبالغة في تعيين المراد دفعا لأن يتوهم من الاسم ما يقابل الفعل ويعم الصفة.
فإن قلت: ذكر أولا أن الإله بمعنى المعبود فيكون صفة فكيف قطع بنفي الوصفية هاهنا؟ قلت: لم يذكر أنه بمعناه بل قال (هو اسم يقع على المعبود) ولا يلزم من ذلك كونه صفة كما أن الكتاب اسم يقع على المكتوب وليس بصفة. وبيانه أن الاسم قد يوضع لذات مبهمة باعتبار معنى معين يقوم به فيتركب مدلوله من ذات مبهم لم يلاحظ معه خصوصيته أصلا ومن صفة معينة فيصح إطلاقه على كل متصف بتلك الصفة ومثل ذلك يسمى صفة، وذلك المعنى المعتبر فيه يسمى مصححا للإطلاق كالمعبود مثلا ويلتزم ذكر موصوف معه لفظا أو تقديرا تعيينا للذات التي قام بها المعنى. وقد يوضع لذات معينة ولا يلاحظ معها شئ من المعاني القائمة بها فيكون اسما لا يشتبه بالصفة قطعا كفرس وإبل، وقد يوضع لها ويلاحظ في الوضع معنى له نوع تعلق بها، وذلك على قسمين: الأول أن يكون ذلك المعنى خارجا عن الموضوع له وسببا باعثا لتعيين الاسم بإزائه كأحمر إذا جعل علما لولد فيه حمرة، وكالدابة إذا جعلت اسما لذوات الأربع في أنفسها وجعلها دبيبها سببا للوضع لجزءا من مفهوم اللفظ. الثاني أن يكون ذلك المعنى داخلا في الموضوع له فيتركب من ذات معينة ومعنى مخصوص كأسماء الآلة والمكان والزمان، وكالدابة إذا جعلت اسما لذوات الأربع مع دبيبها، وهذان القسمان أيضا من الأسماء، والمعنى المعتبر فيهما مرجح للتسمية لا مصحح للإطلاق، ولا يطردان في كل ما يوجد فيه ذلك المعنى ولا يقعان صفة لشئ، ولكنهما بما يشتبهان بالصفات، والقسم الأخير أشد التباسا لإن المعنى المعتبر في الوضع داخل في مفهوم كل منهما، ومعيار الفرق أنهما يوصفان ولا يوصف بهما على عكس الصفات، وحيث وجد في الاستعمال إله واحد ولم يوجد شئ له مع كثرة دورانه على الألسنة عرف أنه من الأسماء دون الصفات وهكذا حكم كتاب وإمام وسائر ما اعتبر فيه المعاني مع خصوصية ما للذات (قوله فلو جعلتها كلها صفات) اعترض عليه تارة بأن الكلام في إله بدليل قوله: لا تقول شئ إله وتقول إله واحد، ومن الجائز أن يكون إله صفة ويكون الله اسما لذاته، فلا يلزم بقاء صفاته غير جارية به على موصوف، وأخرى بأنه لم يجوز أن يوضع لذاته باعتبار قيام معان بها ألفاظ، ولا يوضع لخصوصية الذات اسم ولا استحالة في ذلك، إنما المستحيل أن توجد صفات في نفس الأمر ولا يكون هناك ذات موصوفة بها.
وأجيب عن الأول بأن لفظ الله هو الإله بحذف الهمزة، فإن كان الإله صفة كان الله أيضا صفة وإن عرض له الاسمية لصيرورته علما. والمقصود أن إلها لو كان صفة لم يكن لله تعالى في أصل الوضع اسم تجرى عليه صفاته. وفيه نظر لأن إلها لو كان اسما لم يكن لله أيضا في أصل الوضع اسم تجرى عليه صفاته فإن إلها ليس في أصل وضعه اسما له بل للمعبود مطلقا فالمحذور مشترك، وعن الثاني بأن المراد من الاستحالة مخالفة القاعدة المعلومة من اللغة فإن الاستقراء دال على أن كل حقيقة تتوجه الأذهان إلى فهمها وتفهيمها فيما بين أهل اللغة قد وضع لها اسم يجرى عليه صفاتها وأحكامها، وإلى ذلك أشار بعض العلماء حيث قال إذا كان الله صفة وسائر أسمائه صفات يلزم أن
Sayfa 38