فأجريت لام الابتداء على الأصل وكسرت لام الإضافة لتوافق حركة العامل أثره، وإذا أدخلت على المضمر كانت مفتوحة لأن الفرق حاصل بجوهر المدخول عليه، فإن لام الابتداء لا تدخل إلا على المرفوع، وكذا باء الإضافة بنيت على الكسر (لأنها لازمة للحرفية والجر) أي غير مفارقة لهما،، بمعنى أنها لا توجد بدونهما، يقال لزم فلان بيته: إذا لم يفارقه ولم يوجد في غيره، ومنه قولهم أم المتصلة لازمة لهمزة الاستفهام، وكل واحدة من الحرفية والجر يناسب الكسر، أما الجر فلموافقة حركة الباء أثرها، وأما الحرفية فلاقتضائها السكون الذي هو عدم الحركة:
والكسر بمنزلة العدم لقلته إذ لا يوجد في الأفعال ولا في غير المنصرف من الأسماء ولا في الحروف إلا على الندرة كجير فقيل هما وجهان، ونقض الأول بواو العطف وفائه اللازمتين للحرفية، والثاني بكاف التشبيه اللازمة للجر، وقيل المجموع دليل واحد فاندفعا وبقى النقض بواو القسم وتائه، وأجيب بأن عملهما بنيابة الباء فكأن الجر ليس أثرا لهما. لا يقال اعتبار الحرفية احترازا عن كاف التشبيه مستدرك لأن الكاف إذا كانت اسما لا تعمل جرا في المضاف إليه، فإن العامل فيه هو الحرف المقدر على ما ذكره في المفصل، لأنا نقول: احترز عنها دفعا للانتقاض بها على مذهب من جعل المضاف عاملا، ومن الناس من دفع النقض بواو القسم وتائه بأن اعتبار خصوصية القسم ليس بلازم، فالواو إن لزمت الحرفية لا تلزم الجر وقد تكون عاطفة، والتاء لا تلزم شيئا منهما لأنها قد تكون اسما كضمير الخطاب، فورد عليه أن الكاف أيضا لا يعتبر فيها خصوصية التشبيه، ولم تكن لازمة للجر أيضا كضمير المخاطب، فيلغو قيد لزوم الحرفية لأنه احتراز عن الكاف اتفاقا فالتجأ إلى أن قال وكلام الزجاج أن الباء بنيت على السكر فصلا بين ما يجر وقد يكون اسما كالكاف وما يجر وما يكن إلا حرفا كالباء، ويشبه أن يكون هذا مراد المصنف، وفيه بعد لأن القوم اعتبروا خصوصيات المعاني فقالوا كاف التشبيه إما حرف وإما اسم بمعنى مثل، ولم يلتفتوا إلى مجرد صورة الكاف، ولم يقولوا أيضا إنها تكون ضميرا أو حرف خطاب. وقول المصنف نحو كاف التشبيه ولام الابتداء الخ يدل على اعتبار خصوصيات المعاني، وكيف لا وبذلك يظهر تعدد اللامين وكون إحداهما مفتوحة والأخرى مكسورة (قوله أحد الأسماء العشرة) في المفصل أحد عشر، فإما أن لا يعتد بأيم الله لأنه منقوص أيمن وإما بابنم لأنه مزيد ابن ، والأول أولى لأن المنقوص قد يوزن أصله فيقال أيم أفعل كأيمن، وكأنه هو بخلاف المزيد إذ لا يوزن ابنم بوزن ابن أصلا (قوله بنوا أوائلها) أي بنوها لذلك تحقيقا واستعمالا، وإن كان يعتبر تحريك أوائلها تقديرا وقياسا كما قال أصله سمو وكما يقال أصل ابنو بنو، ولعل الحكمة في وضعها كذلك التفنن في الوضع وطلبا للخفة فيها لكثرة استعمالا في الدرج. وقوله لئلا يقع تعليل للزيادة مطلقا، وأما خصوصية الهمزة فلينجبر بقوتها وكونها من أقصى المخارج ضعفها بسكون أوائلها وضعفها (قوله إذا كان دأبهم) التعليل بذلك دون الامتناع إشارة إلى جواز الابتداء بالساكن وهو الحق، ومن قال بامتناعه لا يسمع منه إلا حكايته عن لسان.
Sayfa 33