الذي هو (آية) وقوله (من آيات هذا البيت المحرم) ناظر إلى قوله تعالى - فيه آيات بينات - (ما تعبت فيه منه) الضمير الأول لما، والثاني للكتاب، فتجعل من بيانية لا تبعيضية لأنه تعب في مجموعه لا في بعضه فقط. وقيل بالعكس: أي ما تبعت منه في تصنيف الكتاب . وقيل الأول لله تعالى، والثاني لما: أي ما تعبت فيه: أي في ذات الله ومرضاته كقوله تعالى - جاهدوا فينا - وقيل بالعكس، فيكون منه صفة لسببا فلما قدمت صارت حالا:
أي يجعل المتعوب فيه وهو الكتاب سببا من الله تعالى. وقد يقال الأول للحرم، والثاني لما: أي ما تعبت منه في الحرم، والباء في (بيميني) بمعنى في: أي يسعى بين يدي وفى يميني، وهو مقتبس من قوله تعالى - يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم - (ونعم المسؤول) عطف على أسأل الله، فإما أن يجعل أسأل الله إنشاء للسؤال، أو يقدر القول في نعم: أي وأقول نعم والمخصوص بالمدح محذوف: أي نعم المسؤول: أي المدعو هو: أي الله تعالى، أو نعم المطلوب هو: أي الجعل المذكور.
سورة فاتحة الكتاب فاتحة الشئ أوله، فقيل الفاتحة في الأصل مصدر بمعنى الفتح كالكاذبة بمعنى الكذب، ثم أطلقت على أول الشئ تسمية للمفعول بالمصدر، لأن الفتح يتعلق به أولا وبواسطته يتعلق بالمجموع، فهو المفتوح الأول. وقيل الفاتحة صفة، ثم جعلت اسما لأول الشئ إذ به يتعلق الفتح بمجموعه، فهو كالباعث على الفتح، وأدخل التاء علامة للنقل من الوصفية إلى الاسمية كما في النطيحة، وهذا هو الوجه لأن فاعلة في المصادر قليلة، وقس على الفاتحة حال الخاتمة (قوله الكتاب) كالقرآن يطلق على مجموع المنزل المكتوب في المصحف وعلى القدر المشترك بينه وبين أجزائه المخصوصة، ومعنى فاتحة الكتاب أوله، ثم صارت بالغلبة علما لسورة الحمد، وقد تطلق عليها الفاتحة وحدها، فإما أن يكون علما آخر بالغلبة أيضا لكون اللام لازمة، وإما أن يكون اختصارا لفاتحة الكتاب واللام كالخلف عن الإضافة إلى الكتاب مع لمح الوصفية الأصلية. قال صاحب الكشف رحمه الله تعالى: وهذه الإضافة بمعنى من لأن أول الشئ بعضه. ورد عليه بأن البعض قد يطلق على ما هو فرد الشئ كما يقال: زيد بعض الإنسان، وعلى ما هو جزء له كما يقال: اليد بعض زيد. وإضافة الأول إلى الشئ بمعنى من دون الثاني، ومن ثمة اشترط في الإضافة بمعنى من كون المضاف إليه جنسا للمضاف صادقا عليه، وجعل من بيانية كخاتم فضة. فإن قلت: لعله يجعل الكتاب بمعنى القدر المشترك الصادق على سورة الحمد وغيرها: أي فاتحة هي الكتاب قلت: يأباه أن كونها فاتحة وأولا بالقياس إلى مجموع المنزل لا القدر المشترك. فإن قلت: جوز العلامة في سورة لقمان الإضافة بمعنى من التبعيضية وجعلها قسيم الإضافة بمعنى من البيانية حيث قال: معنى إضافة اللهو إلى الحديث التبيين، وهى الإضافة بمعنى من كقولك: باب ساج، والمعنى: من يشترى اللهو من الحديث، واللهو
Sayfa 22