لطائفة واستيضاح إعجازه بعد أن يكون ظرف لبرع وما عطف عليه (بخط) مفعول آخذا، يقال: خذ الحطام، وخذ بالحطام، ترك العطف بنى الإخبار يكون تنبيها على أن كل واحد منها أمر مستند بنفسه يستأهل أن يثبت استقلالا (قد رجع) بيان لقوله (طويل المراجعات) أي رجع زمانا طويلا في التعلم (ورجع إليه) في التعليم (ورد) على غيره في المناظرات (ورد عليه، فارسا في علم الإعراب) تخصيص للنحو من بين سائر العلوم: أي يكون مع أخذه منها بخط وافر كاملا في علم الإعراب فإنه العمدة في هذا الباب (مقدما) في معرفة كتاب سيبويه على حملته فإنه أحسن كتاب وضع فيه، قال السيرافي: ما سبقه بمثله من قبله ولا لحقه من بعده (وكان) عطف على قد برع (مع ذلك) أي مع ما ذكر من براعته في العلمين بعد كونه كذا وكذا (مسترسل الطبيعة) أي سلس الطبيعة في الحركات الفكرية نحو دقائق العلوم سهل القبول لها لانقيادها من قولهم بعير رسل بفتح الراء: سهل السير، وناقة رسلة، فيها لين (مشتعل القريحة) في استجلاء الدقائق وانتقادها عند الوصول إليها، وقوله (وقادها) دفع لتوهم الخمود كناب العرفج بعد سرعة الاشتعال، كما أن منقادها دفع لتخييل الضعف من الاسترسال، وقد يقال: حاصله أن له طبيعة كالماء في السلاسة والقبول، وكالنار في النفوذ والتوقد (اللمحة) الإشارة الخفية (والرمز) الإيماء بالشفتين والحاجبين (والكزازة) الانقباض واليبس، يقال رجل كز، وقوم كز بالضم وفرس كزة، إذا كان في عود ها يبس عن الانعطاف (والجاسي) الصلب من جسأت يده من العمل: أي صلبت (الجافي) النابي من الجفاء وهو الغلظة في العشرة وترك الرفق في المعاملة والكلام. أثبت أولا سلاسة الطبيعة وصفاءها وجودة القريحة وذكاءها بحسب الفطرة، ثم نفى أضدادها مبالغة في إثباتها. ثم شرع بقوله (متصرفا) في الصفات العملية المتفرعة على تلك الغرائز الخلقية. ولا شبهة في أن ذلك ترتيب أنيق لا فتور فيه ولا إلباس، فمن لا يعجبه مثل هذا التركيب فليتهم نفسه (والدربة) العادة والتجربة (أساليب الكلام) فنونه (والمرتاض) ما تمت رياضته (والريض) ما كان أهلا لها ولم يرض بعد. وقوله (غير ريض) دفع لتوهم التجوز في المرتاض (بنات الفكر) أما المقدمات وتلقيحها ترتيبها على وجه يؤدى إلى المطلوب. وأما النتائج كما اشتهر في الاستعمال أو يراد استخراج نتيجة من أخرى دلالة على قوة الفطانة وكمال الرياضة، أو يراد التلقيح لأجلها، و (قد علم) بيان وتقرير لقوله مرتاضا بتلقيح بنات الفكر: أي قد علم كيف يرتب أجزاء الكلام، ويؤلف بينها وكيف ينظم أفرادها، ويرصف في نظمها، أي علم كيفية التلقيح في المقدمات وأجزائها (الترصيف) الضم والإحكام (طالما) تأكيد لقوله قد علم، وكلمة " ما " في طالما وقلما إما مصدرية: أي طال اندفاعه، وإما كافة تكفهما عن طلب الفاعل لفظا وتهيئهما لوقوع الفعل بعدها، ويؤيده أنها كتبت موصولة كما في إنما، وجاز الفصل بينها وبين الفعل قال: الكميت:
وقد طال ما يا آل مروان أنتم * (ولقد رأيت) هو إلى آخر الخطبة معطوف على قوله ثم إن أملأ العلوم،
Sayfa 17