Felsefi Hasat
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
Türler
4
وهذا يدلنا على أن النقد الجذري هو القاسم المشترك لا بين هذين الفيلسوفين الأصليين فحسب، بل بين جميع الاتجاهات التي سنتوقف عندها بعد قليل. (5)
ترتب على رفض الفلسفة المثالية «أن أصبح الاتجاه إلى الواقع وإلى الإنسان أمرا طبيعيا، فنزع كثير من الفلاسفة المعاصرين إلى الواقعية، وترتب على نقد فكرة المطلق لدى معظم الفلاسفة المعاصرين ازدياد الاهتمام بالإنسان الفرد، بذلك عادت أصداء دعوة سقراط إلى معرفة الإنسان لنفسه تتردد من جديد، وبخاصة عند بعض الوجوديين.»
5 (6)
أصبحت الفلسفات المعاصرة أكثر ارتباطا بالعلم، وإن لم تعد قائمة على العلم ونتائجه بشكل مباشر كما كان الحال في القرن التاسع عشر. وانعكس هذا التأثير على استخدام المنهج العلمي والاستعانة بنتائج العلوم الطبيعية والنظريات العلمية في أغلب التيارات الفلسفية السائدة في القرن العشرين، حتى أصبح يطلق عليه اسم عصر المنهج والتحليل. وإذا كان الاهتمام بالمنهج يعود إلى عهد ديكارت وهيوم ... إلخ، إلا أن هذا القرن نجح نجاحا كبيرا في تحليل المفاهيم وتصنيف أشكال التفكير والتحرر من الميتافيزيقا التقليدية. (7)
كانت العقود الأولى من القرن العشرين فترة فحص نقدي، وامتدت الدراسة النقدية طوال القرن لتشمل كل مناحي الحياة والعقل والعلم والأخلاق والفن والدين، بل والفلسفة ذاتها. صحيح أن التحليل النقدي هو جوهر الفلسفة على امتداد تاريخها، لكن الدراسات النقدية في القرن العشرين اتخذت أبعادا مختلفة وشملت كل شيء في حياة الإنسان في المجتمعات الرأسمالية والصناعية المتقدمة، حتى تبلورت في مدرسة فلسفية حاولت أن تؤسس نظرية نقدية كان لها تأثيرها على أغلب فلاسفة النصف الثاني من القرن العشرين، وهي مدرسة فرانكفورت ونظريتها النقدية الاجتماعية. (8)
يوصف القرن العشرين بأنه عصر الكلمات والرموز بقدر ما هو عصر مضاد للميتافيزيقا. وينطبق هذا بوجه خاص على النصف الثاني من القرن وهي الفترة الزمنية التي ظهرت فيها تيارات فلسفية يمكن القول بأنها جديدة ومقطوعة الصلة بما سبقها، ومفرطة في طموحها. فقد انشغل الفلاسفة المعاصرون في إنجلترا وأمريكا بتحليل المفاهيم والبحث عن الدلالة والمعنى في الاستخدامات اللغوية، وحدث نوع من التحول في التفكير الفلسفي في تلك الحقبة، وتطورت الفلسفة التحليلية الإنجليزية، «وتحولت إلى دراسة اللغة العادية في كل تنوعها وكان فيتجنشتين هو المهندس الرئيسي لهذا التحول، حينما أكد أننا نكتشف اللغة من خلال استعمالها في مختلف مجالات النشاط الإنساني في حياتنا اليومية، وليس فحسب في استخدامها العلمي ، فالكلمة لها معنى فقط داخل تيار الحياة.»
6
وهكذا سادت تيارات فلسفية طالبت العقل بالتريث وآمنت بأن الجهل باللغة وسوء استخدامها هو المسئول عن الإخفاق العقلي والفوضى الروحية التي سادت التفكير الغربي، وأصبحت اللغة هي أحدث ملاذ للفلسفة والمأوى الآمن من الهجوم الضار عليها. وتطورت هذه النوعية من الدراسات على أيدي الفلاسفة الفرنسيين بوجه خاص، كما سنرى في تحليلات البنيويين والتفكيكيين. (9)
ظهرت في الثلث الأخير من القرن العشرين بعض التيارات الفلسفية المعروفة باسم فلسفات ما بعد الحداثة، وشهدت فرنسا على وجه التحديد تحولا جديدا في الفكر الفلسفي يتسم بشيء من الأفول النسبي لفلسفات الوجود. وظهرت البنيوية ثم التفكيكية وغيرهما من فلسفات ما بعد الحداثة التي تعد رد فعل بنهاية الحداثة أو هي التجربة الأخيرة بالحداثة، كما أنها رد الفعل العقلي والأخلاقي والجمالي لنهاية الحداثة. (10)
Bilinmeyen sayfa