Savaş ve Barış

Lev Tolstoy d. 1450 AH
103

Savaş ve Barış

الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة

Türler

وأشارت إلى أريكة رجته أن ينتظرها عليها، ومضت بسكون إلى الباب الذي كانت الأبصار كلها شاخصة إليه، ففتحته بحذر، وأغلقته وراءها.

قرر بيير أن يطيع زميلته في كل ما تريد؛ لذلك مضى إلى الأريكة التي أشارت إليها، واطمأن عليها، وما كادت آنا ميخائيلوفنا تخرج من غرفة المحتضر، حتى تعلقت الأبصار بها؛ أبصار متطفلة ومشفقة، ورأى بيير أن كل الموجودين يتهامسون بينهم، ويشيرون إليه بطرف العين في شيء من الفزع واللوم، شعر بهم يظهرون نحوه عناية لم يعهدها من قبل؛ فالسيدة المجهولة منه، التي كانت مع رجال الدين، نهضت لتقدم له مكانها، والضابط المساعد التقط قفازه الذي سقط من يده وقدمه إليه، والأطباء صمتوا عند اقترابه، وأفسحوا له الطريق باحترام. ود بيير بادئ الأمر أن يجلس في مكان آخر كي لا يزعج السيدة، وأراد أن يلتقط بنفسه قفازه، وتمنى لو تحاشى لقاء الأطباء الذين ما كانوا يعترضون سبيله، غير أنه شعر فجأة بشعور غامض يوحي بأن من اللباقة أن تمر تلك الليلة بسلام، وأن يقوم خلالها بالأدوار التي تفرضها الظروف عليه، والتي ينتظرها الجميع منه، ومن ثم أن يتقبل من جميع الموجودين هذرهم وتمنياتهم وتعزياتهم، وإذن فقد سمح للضابط أن يعيد إليه قفازه، وجلس في المكان الذي أخلته السيدة مباعدا بين يديه في جلسة بريئة تشبه وضع التماثيل المصرية، قرر في نفسه أن كل هذه الأمور ينبغي أن تمر على هذا الشكل، وأنه - تحاشيا لأي تصرف أخرق من ناحيته - ينبغي أن يتحاشى ذلك المساء كل ابتكار أو رغبة شخصية، وأن يقنع بإطاعة من يوجهونه إطاعة عمياء.

لم تمض دقيقتان حتى دخل الأمير بازيل مرفوع الرأس وعلى صدره ثلاثة أوسمة ذهبية، كان يبدو كأنه قد ازداد هزالا منذ حين، وكانت عيناه أكثر اتساعا من جري العادة، عندما راح يديرهما في القاعة ليعثر على بيير، فلما وقعت أبصاره عليه، اتجه نحوه مباشرة وأمسك بيده - وهو الأمر الذي لم يتعطف أبدا بعمله من قبل - وهزها بعنف، وكأنه يختبر درجة مقاومته، وقال له: تشجع يا صديقي، لقد طلب رؤيتك، وهذا أمر جيد.

ود الأمير بازيل أن يبتعد، غير أن بيير قدر أن من المناسب أن يطرح عليه سؤالا، فقال: كيف حال صحة ...؟

تردد قليلا وهو لا يدري هل يجدر به أن يقول «الكونت» أو يقول «أبي». - لقد أصيب بنوبة جديدة منذ نصف ساعة، نعم لقد أصيب بنوبة جديدة، فتشجع يا صديقي.

واستعمل الكونت كلمة «ضربة» للدلالة على النوبة، لذلك فقد ظل بيير فترة طويلة وهو يعتقد أن الأمير بازيل أراد بكلمته معناها الحقيقي، كان عقله شديد التشوش والاضطراب قاصرا في تلك اللحظة عن إدراك مرمى تلك الكلمة؛ لذلك فقد راح ينظر إلى الأمير بهلع حتى تبينت له أخيرا الغاية الحقيقية من تلك الكلمة، ومضى الأمير بازيل على أطراف قدميه - بعد أن تبادل كلمة مع الطبيب لوران - إلى غرفة المحتضر، وكانت تلك الطريقة الجديدة في المشي جديدة عليه، حتى إن كل جسمه راح يهتز تبعا لخطاه، وجاءت كبرى الأميرات فتبعته وفي أعقابها عدد من القساوسة والشمامسة ورجال الكونت، وتعالت ضجة وراء الباب، وفجأة خرجت آنا ميخائيلوفنا، وهي دائمة شحوب الوجه، تحمل تقاسيمها طابع الشعور بالواجب، فهرعت إلى بيير ولمست ذراعيه وهي تقول: إن الرحمة الإلهية لا تنفد ولا تنضب، ستقام الآن طقوس المسحة الأخيرة، فتعال.

خطا بيير بضع خطوات على السجادة السميكة المرنة، وبينما كان يجتاز الباب رأى الضابط المساعد، والسيدة المجهولة، وعددا من الخدم يتبعونه، وكأن الأمر أضحى في تلك اللحظة في غير حاجة للاستئذان.

الفصل الثالث والعشرون

اللقاء الأخير

كان بيير يعرف تماما تلك الغرفة الفسيحة التي تغطي أرضها قطع السجاد العجمي الفاخر، والتي قسمت إلى قسمين بقوس مرتكز على أعمدة ، كان نور أحمر قوي، نور كنسي، كذلك الذي ينبعث خلال صلاة المساء، يضيء أقصى الغرفة المؤثثة بسرير كبير من خشب «الأكاجو» «شجرة كابلي» ذي ستائر حريرية، وبخزانة كبيرة محاطة بالصور، وتحت «الأيقونات» التي كانت زينتها الثمينة تلتمع تحت الأنوار كانت هناك أريكة كبيرة من نمط «فولتير»، وقد غطي مسندها بالوسائد التي كانت أغلفتها النظيفة قد أبدلت منذ حين بأخرى جديدة، وعلى تلك الوسائد البيضاء كالثلج أسجي جثمان الكونت بيزوخوف، وقد لف حتى وسطه في غطاء أخضر نضير اللون، نظر بيير إلى ذلك الوجه النبيل، ذي الجبين العريض الذي تحيط به هالة متناسقة من الشعر الأبيض، وإلى تلك القسمات التي يعلوها الاصفرار المشوب بحمرة خفيفة، والتي حفرت فيها التجاعيد أخاديد عميقة واضحة.

Bilinmeyen sayfa