Hakikat
الحقيقة: وهي رسالة تتضمن ردودا لإثبات مذهب دارون في النشوء والارتقاء
Türler
وأخيرا لو كانت الأنواع نتيجة خلق خصوصي لما اقتضى أن يكون فيها شيء من الأعضاء المسماة أثرية، أو لم يكن من الواجب أن كل نوع يتضمن فيه وفي جرثومته كل الأعضاء اللازمة له لا أكثر ولا أقل، وإلا فما «معنى الخلق على هذه الصورة؟ وأين الحكمة؟ وما هي الغاية؟ وهل يمكن تعليل هذه الأعضاء تعليلا يرضي العالم، ويقنع العاقل بغير مذهب دارون؟» أليست رابطا يربط الصور بعضها ببعض، وبما تقدمها من الأجداد البالية التي تقادمت عليه العصور، وتقلبت عليها الدهور؟
أيحتاج بعد ذلك إلى دليل على كون الحي متصلا بعضه ببعض بسلسلة انتقالات، وإن خفيت في البعض لأسباب طبيعية معلومة، إلا أنها ظاهرة في البعض الآخر بما يصح معه القياس ويتأيد به البرهان، أو يا ترى لا يجوز للطبيعيين القياس على الاختبار، ويجب لسواهم بدون ذلك، أم هل يعد مثل هذه المعلومات افتراضات وأباطيل وأضاليل، وغيرها مما لا يستند إلى شيء من العلوم الطبيعية يحسب حقائق، أم لعل أعظم الحقائق ما بني على الأوهام، كما يقول الفارياق في كتاب «الساق على الساق».
الفصل الرابع
في الإنسان وسائر الحيوان
إن الإنسان كالحيوان متكون على نفس النواميس التي تكون بموجبها عالم الأحياء، والأونثروبولوجيون بعد تشريح أعضائه ومراقبة قواه العاقلة ومقابلتها بالحيوانات الأخر الأقرب إليه لم يروا بدا من إثبات حيوانيته، أي إثبات الأصل الحيواني له، وقد اجتهد خصوم التسلسل كثيرا لكي يقيموا بينه وبين الحيوان فاصلا تشريحيا يجعله نوعا قائما بنفسه لا صلة بينه وبين القرد فلم ينجحوا، وأقوى حججهم أن الإنسان له عضلة طويلة خصوصية قابضة للإبهام، متميزة عن سائر القوابض، والقرد ليس له ذلك، فقالوا: إن بناء الإبهام العضلي كاف وحده لجعل الإنسان منفصلا عن الحيوان.
إلا أن هذه الدعوى باطلة، فقد جاء في جريدة العلم الفرنسوية بتاريخ 20 أيلول سنة 1884 ما نصه:
لقد بالغوا كثيرا بالقيمة التي يعدونها لهذه الصفة، ويصح لنا أن نرد على ذلك كما رد عليه كارل فوخت ودلي بقولنا: إن هذه الصفة وإن صحت لا تفيد سوى وصف يصح على التباين فقط، لولا أن لنا أدلة تشريحية تكفينا مئونة هذا القول.
ثم بسطت ذلك بكلام نؤثره عنها، قالت: «إن أصابع الإنسان تنقبض بواسطة عضلتين منفصلتين الواحدة عن الأخرى : إحداهما قابضة مشتركة تنشأ من الوجه المقدم للزند ومن النصف الأنسي للرباط بين العضمتين، وتنتهي في سلاميات الأصابع الأربع الأخيرة، والثانية قابضة خصوصية للإبهام تنشأ من النصف الوحشي للرباط بين العظمين، ومن السطح المقدم للكعبرة، وتندغم بسلامي الإبهام الظفرية، فهذا الوضع يجعل حركات الإبهام مستقلة، فلا يشترك بحركة الأصابع كما في بعض القرود، ولا ينقبض اضطرارا لانقباض السبابة، كما في بعض القرود الشبيهة بالإنسان كالكوريلا والشمبانزي.
فخصوم مذهب النشوء يسألونك دائما أن تريهم في القرود أوضاعا تشريحية خاصة بالإنسان، على أن احتجاجهم هذا فاسد كاحتجاج من ينكر أن الفرس آت من الهيبوريون، فيطلب إليك أن تريه هيباريونا ذا ظلف واحد كحافر الفرس، على أن الهيباريون الوحيد الظلف لا يكون حقيقة الهيباريون نفسه، وإنما يكون الفرس أو الأصل المشتق منه، وهكذا القرد ذو القابضة الإبهامية المستقلة لا يكون القرد، بل الأصل المرتقي عنه الإنسان، ولكن لو رأوا فرسا ذا ثلاثة أظلف «وهذه الحالة التقهقرية كثيرة»، لما أمكن فهم ذلك فيه إلا بناموس الأتافيسم - أي الرجعة كما اصطلحنا عليه في كتاب بخنر، ويراد بها ظهور صفات في النسل غير موجودة في آبائه القريبة، ولا توجد إلا في أجداده البعيدة، ولا حاجة إلى القول بأن هذا الناموس يثبت القربى - فلنر إذا كان مثل ذلك يوجد في الإنسان.»
قالت: «وفي القرود الشبيهة بالإنسان ترى الحزمة العضلية للإبهام تنفصل عن جسم العضلة القابضة الغائرة للأصابع أكثر فأكثر كلما ارتفعت في سلم هذه القرود، كما أنك ترى في الإنسان في حالات شاذة العضلة القابضة الخاصة بالإبهام تختلط بسائر القوابض. وهذا الاختلاط يكون على درجات مختلفة، وقد ذكره كثير من المؤلفين فلا سبيل للريب فيه، وقد ذكر تتو أنه رأه في عشرين حالة، وفي ثلاث منها كان تاما، وقد ذكر ولشم حالة من هذا القبيل، وكذلك رأى كل من جروبر وجستاف وججنبور وشدزنسكي مرة واحدة امتزاج العضلتين القابضتين الغائرتين امتزاجا تاما، مع فقد وتر الإبهام كما في الأوران أوتان.»
Bilinmeyen sayfa