Mavi Çanta
الحقيبة الزرقاء: رواية عصرية أدبية غرامية
Türler
فدهش إدورد لهذا القول وسأل: كيف عرف ذلك؟ - إن ابني ذكي نبيه ومع ذلك هو طيب القلب يحبك فلا توجس منه. - ولكن كيف عرف؟ - عرف من دموع مس أليس، ومن بعض ألفاظ كانت تبلغ أذنيه عن غير إصغاء منه وأنتم على المائدة، ومن الأوراق المنفية التي كنت تطرحها في السلة، وهو يرميها مع الزبالة و...
فانتبه إدورد إلى ذلك، وقال لنفسه بصوت مسموع: «إذن كذا عرف خالي أمر الرسالة.» ثم وجه خطابه للشيخ داي: نعم أيها العم. فإني أشفق على أليس ابنة خالي؛ تحبني حب الفتاة للشاب، وأنا أحبها حب الأخ للأخت لأننا ربينا معا كالأخوين، فيستحيل علي أن أحبها غير هذا الحب الأخوي، ولا سيما لأني مولع بحب فتاة نبيلة، ولكن حصولي على يدها عزيز علي جدا لأن أمها من سلالة بيت شريف وزوجة شريف، فلا تشاء أن تزوجها إلا شريفا؛ ولذلك تراني أجاهد في عالم السياسة الآن لعلي أرقى إلى قمة الشرف، على أني مللت هذا التوقع ونفد صبري. - على ذكر السلالة فكرتني. ألم تزل تجهل نسبك؟
فتنبه إدورد لهذا السؤال جيدا، وحزر أن الشيخ داي لا يسأله هذا السؤال اعتباطا، بل لا بد أن يكون ينوي شيئا أو يعرف سرا؛ فصبر ليرى ماذا ينتهي به تسآله الخفي هذا وسأله: وأي فخر بنسبي يستحق أن أبحث عنه؟ سألت خالي مرة فقال لي ما كان يقوله من قبل، وأخاف أني إذا بحثت عن أقاربي لأبي أجر على نفسي عارا أو حقارة من تقربهم إلي إذا كانوا منحطين. - ولكن قد يكونون معتبرين فتفخر بهم، وربما كانوا أعوانك في مطامحك وإلا فتنكر قرابتهم مدعيا أنك من أسرة سميث أخرى غير أسرتهم، لأن أسرات سميث عديدة.
فأشرق وجه إدورد لهذا القول، ورجح في يقينه أن الشيخ يعرف كثيرا عن سر نسبه، فقال متغافلا: دعني مهما كانوا فإني على ما أظن أرفع مكانة منهم، ولو كانوا شيئا في الدنيا لبحثوا عني ولم يتركوني لعناية أهل أمي.
فسكت الشيخ وعلى وجهه أمائر الكلام، فقال له إدورد: تكلم. في وجهك دلائل كلام أحب أن تقوله، وإن كان سرا فبح به ولا تخف، فإن صدري بئر أسرار بلا قرار. - لا أسرار عندي وإنما خطر لي أن أستفتيك بمسألة مهمة جدا، وأرجح أنك تقدر أن تصيب بالفتيا؛ لأنك تشتغل بالسياسة والصحافة الآن، ومسألتي قضائية سياسية. - قل. - إنما هي حكاية طويلة بعض الطول، فأخاف أن تملها. - كلا، بل أسمعها بلذة مهما كانت؛ لأني ككاتب أعرف كيف أستفيد من حكايتك.
واستوى إدورد في مكانه، وكان كأنه كله آذان يستوعب بها حديث الشيخ داي، وصار ينتظر أن يسمع منه سرا غريبا فقال الشيخ: إذن خذ كأسا أخرى من الوسكي وأعرني أذنك.
وناوله كأسا واعتدل في كرسيه وجعل يتكلم. - كان فتى غني من عامة الناس شريكا لفتى شريف على معمل كبير، وكانت بينهما صداقة متينة جدا، وكان للفتى الشريف أخت، فطمع الشاب الغني بيدها وطلبها إلى أبيها وأخيها شريكه فقبلاه بعلا لها. أما هي فسخطت وغضبت لأنها كانت متكبرة جدا، وحسبت أن قبولهما بطالب ليس من الأشراف إهانة لها، وقالت: «أنا الآن «لايدي» فكيف أرضى أن أصير «مسزا»؟ لا أرضى بعلا إلا لوردا كأبي؛ لكي أبقى لايدي كما أنا، وكما كانت أمي من قبلي.» فأغريت بثروة ذلك الفتى فلم تغر؛ لأنها كانت تؤثر ألقاب الشرف على كل غنى، ولما نفدت حيل الفتى في استمالتها صمم على أن يبذل جهده في تذليل كبريائها مهما استطاع، ووضع نصب عينيه مشروعا لذلك وهو: أن يغري شريكه اللورد أخا تلك اللايدي بأن يتزوج أخته أي أخت الفتى العامي الغني، فكان يبالغ في إكرامه والتودد إليه، والفتاة لم تدخر جهدا في محاسنته؛ حتى وقع اللورد في حبها وطلب أن يتزوجها، فاستشار أباه وأخته في ذلك فأبيا كل الإباءة، وقد كان لأخته المتصلفة تأثير عجيب على أبيها، فحملته أن يتهدده بحرمانه من لقبه وميراثه إذا تزوج تلك الفتاة؛ لأنه يشق عليها جدا أن تكون امرأة أخيها غير شريفة الحسب.
ولكن الفتى الشريف كان يحب الفتاة حبا شديدا، فأشار عليه أخوها أن يتزوجها سرا ويبقي الزواج مكتوما، ريثما يموت أبوه فيعلن زواجه؛ وإذا ذاك لا تعود إباءة أخته تجدي شيئا. فاستصوب الفتى الشريف هذا الرأي، وعقد الزواج شرعيا سرا ، وكان يتردد على زوجته وهي في بيت أخيها من غير أن يعرف أبوه أو أخته شيئا من ذلك، بيد أن خادمه الأمين الذي كان يحبه جدا كان عارفا بكل ذلك، ولا بد من معرفته ما دام لا مندوحة لسيده وسيدته الجديدة من خدمة.
وما انتهت السنة بعد عقد الزواج حتى ولدت الزوجة ذكرا، وماتت على أثر النفاس؛ فحزن عليها زوجها حزنا شديدا حتى كاد يجن، وعلى الأثر مات أبوه فازداد حزنه وانتظر فرصة موافقة لإعلان زواجه وإظهار ابنه اليتيم لأخته، ولكنه كان في إبان حزنه يسري عن نفسه تارة بالشرب إلى حد السكر، وطورا بالألعاب، وآخر بالمقامرة.
وكان ضعيف القلب جدا بحيث أن تلك الأحزان وأساليب معيشته المختلفة قضت عليه فجاءة في ذات ليل وهو في فندق القمار قبل أن يعلن زواجه وابنه لأخته كما نوى؛ أي بعد بضعة أيام لوفاة أبيه. واتفق أن كان خادمه معه إذ أصابه الخفقان العاجل الذي لم يمهله عشر دقائق، فاستدعى الخادم شريكه أخا زوجته في الحال، فلما دخل هذا عليه ورآه جثة بلا حراك بكى بكاء مرا، وتمتم قائلا: «مات قبل أن أنفذ مأربي، ولكني سأجعل هذا المأرب أتم إن شاء الله.» ثم جلس يتأمل، فقال له الخادم: «يجب أن نأخذه إلى قصره، ولكن لا بد أن تعلم أخته بعض أمره قبل أن تراه؛ لئلا تقضي عليها هذه المفاجأة الرهيبة.»
Bilinmeyen sayfa