167

والثاني: هدى جزاء وهو الجنة، قال الله تعالى: {والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ، سيهديهم ويصلح بالهم ، ويدخلهم الجنة عرفها لهم}[محمد:4-6]، ولأن الذين قاتلوا، قد قتل منهم في الحال قوم، فصح أن الهدى الذي وعدهم الله في الآخرة؛ لأنهم لم يبقوا لهداية الدنيا. وقد قرأ أبو عمرو: {والذين قتلوا في سبيل الله ...}الآية. ومما يؤكد هذا قول الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت }[القصص:56]، أراد به هدى الجزاء على الحقيقة؛ لأنه لا يثيب من أحب في الآخرة.

فلو كان المراد بالهداية هاهنا في الدنيا، لكان هذا مخالفا للكتاب والسنة، ناقضا للأصول؛ لأنه قد هدى في الدنيا من أحب ومن لم يحب، وأثاب أيضا في الدنيا من أحب، فصح أن المراد: أنك لا تثيب في الآخرة من أحببت، وصح أن الجزاء يسمى هدى، وقول الله تعالى: {إن الله لا يهدي القوم الظالمين }[المائدة:51]، وقوله: {إن الله لا يهدي القوم الفاسقين }[المنافقون:6]، فهو يريد هداية الثواب؛ لأنه قد هداهم في الدنيا فلم يهتدوا، قال عز من قائل: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى }[فصلت:17].

Sayfa 230