Bilim Kurguya Özlem
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
Türler
بوسع المرء اليوم أن يبرهن بسهولة على أنه لا يمكن استقاء قانون طبيعي صحيح من أي عدد متناه من الوقائع، إلا أننا ما نزال نقرأ عن نظريات علمية يبرهن عليها من الوقائع، فلماذا هذه المقاومة العنيدة للمنطق الابتدائي؟
ثمة تفسير معقول جدا، وهو أن العلماء يريدون أن يجعلوا نظرياتهم جديرة بالاحترام ومستحقة للقب «علم»، أي لقب المعرفة الأصيلة، ولكن أهم معرفة في القرن السابع عشر، أوان ولد العلم، هي المتعلقة بالرب والشيطان والفردوس والجحيم. وهذه معرفة عواقب الخطأ فيها وخيمة، فإذا أخطأ المرء في حدوسه الافتراضية عن الإلهيات فإن عاقبة خطئه هي الدينونة الأبدية، غير أن «التنوير»
Enlightenment
ذهب إلى أننا جهلاء وغير معصومين في الأمور الثيولوجية، ومن ثم فليس ثمة ثيولوجيا علمية، ليس ثمة معرفة ثيولوجية؛ فالمعرفة لا يمكن أن تكون إلا عن «الطبيعة»، ولكن هذا النوع الجديد من المعرفة يجب أن يخضع للمعايير التي استقوها من الثيولوجيا على نحو مباشر: يجب أن تثبت إثباتا لا يقبل الشك، يجب أن يحقق العلم نفس اليقينية التي أفلتت من الثيولوجيا. لم يكن يسمح للعالم الجدير بهذا الاسم أن يخمن، بل عليه أن يبرهن من الوقائع على كل عبارة يفوه بها، كذا كان معيار الأمانة العلمية. النظريات غير المثبتة بالوقائع كانت تعد دجلا آثما، هرطقة في المجتمع العلمي.
ليس غير سقوط النظرية النيوتنية ما نبه العلماء في هذا القرن (العشرين) إلى أن معايير الأمانة عندهم كانت يوتوبية، فقبل أينشتين كان معظم العلماء يعتقدون أن نيوتن قد فك شفرة القوانين النهائية للرب عن طريق البرهنة عليها من الوقائع. في بدايات القرن التاسع عشر أحس أمبير أن عليه أن يسمي كتابه عن تأملاته في الكهربية المغناطيسية: النظرية الرياضية في الظواهر الكهربية الديناميكية المستنبطة تماما من التجربة، ولكنه في نهاية الكتاب يعترف عرضا بأن بعض التجارب لم تجر على الإطلاق، وأنه حتى الأدوات الضرورية لم تشيد!
فإذا كانت جميع النظريات غير قابلة للإثبات على حد سواء، فما الذي يفرق المعرفة العلمية عن الجهل، ويميز العلم عن العلم الزائف؟
أحد الأجوبة عن هذا السؤال قدمه في القرن العشرين «المناطقة الاستقرائيون»
inductive logicians . شرع المنطق الاستقرائي في تحديد احتمالية شتى النظريات وفقا للدليل الكلي المتاح، فإذا كان الاحتمال الرياضي لنظرية ما عاليا فإنها تتصف بأنها علمية، وإذا كان الاحتمال منخفضا أو صفرا فهي غير علمية؛ وعليه فإن السمة المميزة للأمانة العلمية هي ألا تقول أي شيء ليس عالي الاحتمال على أقل تقدير، ولمذهب الاحتمالية
probabilism
ملمح جذاب؛ فبدلا من إضفاء تمييز أبيض/أسود بين العلم والعلم الزائف يقدم مذهب الاحتمالية متصلا يمتد من النظريات الرديئة ذات الاحتمالية الضئيلة إلى النظريات الجيدة ذات الاحتمالية العالية، غير أنه في عام 1934م أعلن كارل بوبر - أحد أعظم الفلاسفة نفوذا في زمننا - أن الاحتمالية الرياضية لجميع النظريات - العلمية والعلمية الزائفة - بالنظر إلى أي قدر من الأدلة هو صفر، فإذا صح قول بوبر تكون النظريات العلمية ليست فقط غير قابلة للإثبات على السواء، بل أيضا غير محتملة على السواء. الأمر بحاجة إلى معيار جديد للتمييز. واقترح بوبر معيارا مذهلا نوعا ما: فقد تكون نظرية ما علمية وإن لم تكن ثمة ذرة من الدليل في صالحها، وقد تكون زائفة وإن كانت جميع الأدلة المتاحة في صفها. يعني ذلك أن الصفة العلمية أو غير العلمية للنظرية يمكن أن تتحدد بمعزل عن الوقائع، وفقا لبوبر فإن النظرية تكون «علمية» إذا كان المرء مستعدا لأن يحدد مقدما تجربة (أو ملاحظة) فاصلة بوسعها أن تكذب النظرية، وتكون «علمية زائفة» إذا كان رافضا تحديد مثل هذا «المكذب بالقوة»
Bilinmeyen sayfa