ثم إن هذه الأشياء الصغيرة، تحدث داخل صالون الكوافير سوسو، وسوسو هذا لا يثير غيرة الأزواج، يكفي أن اسمه سوسو، وأنه يلبس قميصا مشجرا، إنهم لا يعتبرونه رجلا.
إن المجتمع ينظر إلى الكوافير سوسو على أنه امرأة لها شنب!
ووضع سوسو المكوة على النار، وراح ينظر إليها وهي تلتهب وتحمر، وتذكر حادثة اليوم التي قلبت يومه إلى جحيم أشد نارا من هذه النار التي يراها بعينيه. لقد قضى ست سنوات أو أكثر، وهو يصفف شعور النساء، دون أن يشعر بأي خزي أو عار، وظل اسمه سوسو معلقا على لافتة محله سنوات وسنوات، والنساء ينادينه سوسو، ولا شيء في ذلك يمس رجولته. وماذا كان يعنيه من تلك الكلمة الجوفاء الفارغة «رجولته»، ما دام يكسب في اليوم عشرين جنيها تقريبا، وله رصيد ضخم في البنك، يزيد عن رصيد أي بيه محترم؟ ثم إنه في النهاية يعود إلى زوجته؛ ليثبت لها كل ليلة أنه رجل.
لكن حادثة اليوم هي التي أصابت رجولته في الصميم. كان ذاهبا في الصباح إلى محله ليفتحه ويبدأ عمله اليومي، حينما قابله في الطريق رجل يعرفه، وهو صاحب البقالة الجديدة ، الكائنة بجوار محله، ووقف الرجل يتأمل القميص المشجر، ثم قال في ميوعة وهو يربت على كتفه، كأنه يربت على كتف امرأة: إزيك يا سوسو! يا حنتوسو!
ولم يعرف لماذا غلى الدم في عروقه في تلك اللحظة! لقد ظلت النساء ست سنوات كاملة ينادينه سوسو ويربتن على كتفه، لكنه لم يشعر في أي لحظة أنهن يعاملنه كامرأة، وبالعكس كن يشعرنه برجولته دائما، ولكن هذا الرجل الصفيق يناديه سوسو، ويعامله كامرأة.
وانتبه سوسو من حمية الصراع في رأسه، على ذراع ناعمة بضة، تلتف حول عنقه وصوت ناعم يهمس في أذنه: صباح الخير يا سوسو، اديني ميعاد عشان تعمللي شعري، أجيلك امتى؟
ونظر إليها سوسو في استغراب! إنها تلصق جسمها بجسمه، بشكل يلفت النظر، ولكن كل النساء داخل المحل لا يلتفتن؛ إن ذلك شيء عادي جدا عند الكوافير سوسو في نظر المجتمع، وشيء غير عادي جدا في حجرة تضم رجلا وامرأة متحابين!
وقال سوسو في تأدب: بعد ساعة يا مدام.
ونظرت إليه شزرا وقرصته في أذنه، وقالت وهي تتأوه: هئ ... مالك النهاردة كدة واخدها جد قوي؟ هئ ... هئ ...
وانطلقت حناجر النساء تقول جماعة: ... هئ ... هئ ... مش عارفة سوسو ماله النهاردة؟ مبوز كدة ليه؟ شايل طاجن سته، الواد جد خالص، آل يعني ... ما تتعدل يا واد يا سوسو وللا أجيلك، وانت عارف أنا باعمل لك إيه! - إيه؟ بتعمليلو إيه يا روحية؟ - هئ هئ هئ ... هو عارف، ده سر بيني وبينه. - هئ ... لازم بتقرصيه، أصله واد مضروب بيموت في القرص!
Bilinmeyen sayfa