284

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Türler

{ الحق من ربك } مبتدأ وخبره جملة مستأنفة، وأل فيه للحقيقة أو للجنس، أى أن الحق ثابت من ربك، أو آت من ربك، مثل ما أوحى إليك وإلى الأنبياء قبلك، فما لم يكن من ربك ليس حقا كالذى عليه اليهود والنصارى من الباطل، ويجوز أن تكون أل للعهد، فيكون الحق هو المذكور وقوله { يكتمون الحق } أى أن أمر الرسول من ربك ولو جحدوه وكتموه أو الحق الذى كتموه، الذى هو الحق مطلقا، لأنهم قد كتموا حقوقا أخر فى شأن غيره، صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون الحق خبرا لمحذوف، أى هو الحقن ومن ربك خبر ثان أو حال من الحق، وقرأ على بنصب الحق فيكونا مفعولين أو لا ليعلمون، ومن ربك مفعول ثان أو الحق مفعول ليعلمون، ومن ربك حال من الحق، على أن العلم بمعنى العرفان، أو الحق مفعول ثان، ومن ربك حال منه، والأول محذوف، أى يعلمونه الحق، أو مفعولان محذوفان كما مر، أو يقدر له مفعول واحد بمعنى العرفان، والحق بدل من الحق، أو مفعول لازم، وأل فى هذه الأوجه للحقيقة أو للجنس أو للعهد كذلك، وإذا كانت أل للعهد فهو من وضع الظاهر موضع المضمر ولا سيما إذا جعلناه مفعولا ليعلمونه. { فلا تكونن من الممترين } خطاب له، صلى الله عليه وسلم، لفظا، والمراد أمه لأنه، صلى الله عليه وسلم، لا يتوقع منه الامتراء، وتقدم الكلام فى مثل هذا، وعلى كل حال فليس الامتراء بالاختيار، بل هو ضرورى، ولكن نهى عنه لفظا، والمراد الكناية عن أن أمرك يا محمد متحقق لا يشوبه شك، فجملة لا تكون من الممترين طلب لفظا ووضعا، واستعملت مجازا فى الإخبار عن تحقق الأمر، أو فى الأمة باكتساب المعارف المبطلة للشك، فإن اكتسابها سبب لعدم الكون من الممترين، أو فى النهى عن فعل ما هو من أفعال الممترين، وهذه المجازات أبلغ من الحقيقة التى هى قولك إن أمرك يا محمد متحقق، أو اكتسبوا المعارف أو لا تفعلوا بمقتضى الجهل، لأن المعنى إن لم تحققوا الأمر، أو إن لم تكتسبوا المعارف، أو فعلتم ما خالف الحق، فأنتم من الممترين، فإن هذا زجر عن ذلك بإيقاعه فى جملة الممترين، وما يوقع الزجر به مخوف، ولأن النهى عن الكون على الامتراء أبلغ من النهى عن نفس الامتراء، مثل قولك لا تمتر، لأن النهى عن الكون على صفة يدل على عموم الأكوان المستقبلة بالنص، والنهى عن نفس الصفة يدل على عموم الأكوان المستقبلة بالالتزام، ودلالة النص أظهر، والممترى الشاك، فالمعنى لا تكونن من الشاكين فى أن الحق مطلقا، أو الحق الذى أنت عليه هو من ربك، أو لا تكونن من الشاكين فى كتمانهم الحق، أو فى رسالتك، وسمى الجدال مراء لأن كلا يوقع الآخر فى الشك، أو يشك فى قول الآخر، أو لأن كلا يجمع ما عند الآخر.

[2.148]

{ ولكل وجهة } أى ولكل أمة أو فريق قضى الله أن تخالف الأخرى قبلة تتوجه إليها فى صلاتها ونحوها، وأنتم يا معشر اليهود والنصارى، الذين أدركتم بعثة محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من أمته، فالواجب عليكم استقبال الكعبة، فإن كل من أدركته بعثته، صلى الله عليه وسلم، فهو من أمته، كما أن قبلة اليهود قبلها صخرة بيت المقدس، وقبلة النصارى مشرق الشمس، وقبلة الأنبياء من قبل ذلك الكعبة، وكذلك أقوامهم فيعدون أمة واحدة، تقابل الكعبة، ولو قبل بناء إبراهيم لها، لأن قبلة واحدة جمعتهم واليهود أمة قبلتهم الصخرة، والنصارى أمة قبلتهم المشرق، ومن أدرك بعثة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، من الناس كلهم أمة قبلتهم الكعبة، وافقوا أو عاندوا، ولك أن تقول لكل أمة نبى قبلة وافقت قبلة غيرها أو خالفت، وقيل المعنى ولكل أهل جهة من الآفاق من المسلمين وجهة من الكعبة يصلون إليها، وظهر لى وجه آخر أن المعنى لكل أهل جهة أسلموا أو كفروا وجهة من الكعبة يجب عليهم استقبالها، فإن الواجب على جميع الكفار أن يؤمنوا به صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، ويستقبل الكعبة، والوجه الأول ما حام أحد حوله غيرى. والثالث مأخوذ من القول قبله، وفيه الوجهة المنهاج والشرع، قال جل جلاله

لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا

فالمعنى لكل أمة دين، ومن توافقت من الأمم فهى أمة واحدة، باعتبار الوفاق، فالواجب على من أدركته البعثة من اليهود والنصارى وغيرهم أن يكونوا على دين الإسلام، ومنه استقبال الكعبة، أو لكل أمة دين وافق دين الأخرى أو خالفه، والجمهور على تفسير الوجهة بالقبلة وهو الصحيح المناسب لما بعده وما قبله، فإن بعد ذلك

ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام

وهو قول مجاهد كابن عباس، وعليه فالوجهة فعلة بمعنى مفعول، أى جهة متوجه إليها، ولك وجه آخر هو أن الوجهة فعلة للهيئة كالجلسة بالكسر أى حالة يتوجه بها إلى الكعبة، ويدل لمذهب الجمهور قراءة أبى ولكل قبلة. { هو موليها } لفظ هو عائد إلى الفريق المحذوف بعد كل المعوض عنه تنوين كل، باعتبار لفظه، أو باعتبار آحاده، أو إلى الأمة باعتبار آحادها، أو إلى لفظ كل، و ها مفعول ثان، والأول محذوف مؤخر، أى هو موليها نفسه، وهو مروى عن ابن عباس وغيره، أو هو موليها نفسه، وإنما قلت الأول النفس أو الوجه، لأنه فاعل معنى، لأنه قال، و ها عائدة للوجهة وهى متلوة، ويجوز عود لفظ هو إلى الله، جل وعلا، أى الله موليها كل أمة، أو كل فريق أو كل واحد، فالمحذوف ثان أيضا، وجملة هو موليها نعت وجهة، وقرئ ولكل وجهة بإضافة كل إلى وجهة، فلكل وجهة بالإضافة خبر، والمبتدأ محذوف أى لكل جهة أهل أو ناس أو أمة أو فريق أو نحو ذلك.

ويجوز كون اللام زائدة فى هذه القراءة، وكل مبتدأ، وجملة هو موليها خبر فيكون على هذا عائدة إلى كل لوقوعه على الوجهة، والابتداء عامل ضعيف، فقوى بالحرف المأتى به للتأكيد، أو اللام زائدة للتأكيد وتقوية العامل الضعيف، لكونه وصفا على الاشتغال، أى هو مول لكل وجهة موليها، أو لكونه وصفا ومتأخرا، أى هو لكل وجهة مول هو موليها، أو اللام غير زائدة، بل متعلقة باستبقوا، فيكون المزيد على هذا الاحتمال فاء فاستبقوا. وقرأ ابن عامر هو مولاها بفتح اللام مشددة كذلك، على أن لفظ هو عائد إلى الفريق أو غيره مما ذكر غير الله سبحانه وتعالى، فيكون الضمير المستتر فى مولى النائب عن الفاعل هو المفعول الأول عائد إلى ما عاد إليه لفظ هو، فى هذه القراءة، و ها مفعول ثان لكن مضاف إليها، كقولك الخير أنت معطاه، والتولية الجعل تاليا. { فاستبقوا الخيرات } بادروا يا معشر المؤمنين واليهود والنصارى وغيرهم الخصال الحسنة الدينية والدنيوية، كاستقبال القبلة والصلاة أول الوقت وغير ذلك من العبادات الواجبة والندبية، والآية ونحوها دليل على أن أول الوقت أفضل إلا الفجر مطلقا والعشاء شتاء، وإلا أربع ركعات تصلى من السنة قبل الظهر، فإن من صلاهن أول الوقت، ثم الظهر أفضل ممن يصلى الظهر أول الوقت، ومن تأخر عن أول الوقت فالأولى البدء بالظهر، وفى القواعد للشيخ إسماعيل الجيطالى رحمة الله أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يصلى أربعا بعد الزوال، فيطيل فيهن، ويروى عنه أنه قال

" من صلاهن تماما يلى معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى الليل ".

وروى ابن المبارك فى رقائقه بسند، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال

Bilinmeyen sayfa