231

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Türler

لا أن يتكلف بأن المراد حفظه عن التبديل. والله أعلم. قال بعضهم النسخ إما قبل الامتثال وهو النسخ على الحقيقة. قلت ذلك مثل قوله تعالى

إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة

وقيل إن على بن أبى طالب عمل بها قبل أن تنسخ وأما بعد الامتثال وهو كثير. والنسخ إما لما فى القرآن وهو النسخ حقيقة، وإما لما فى أول الإسلام أو فى شرع من قبلنا، وتسمية ذلك نسخا مجاز كآية شرع القصاص والدية، وكان أمر به إجمالا، وكنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالكعبة، وصوم عاشوراء برمضان، والنسخ إما نسخ فرض بفرض، لا يجوز العمل بالأول كنسخ حبس الزوانى بالحد، وأما نسخ فرض بفرض يجوز العمل بالأول كآية المصابرة فى الأنفال، فإنه يجوز حمل الواحد على مائة إذا رجا منفعة، وأما نسخ ندب بفرض كالقتال كان ندبا ثم كان فرضا، وأما نسخ فرض بندب كنسخ قيام الليل بقراءة ما تيسر من القرآن.

والله أعلم. قال أبو عبيدة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه مأكله قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر، وكلما ثبت الآن من القرآن ولم ينسخ فهو بدل مما قد نسخت تلاوته، فكلما نسخه الله من القرآن مما لا نعلمه الآن فقد أبدله بما علمناه وتواتر لفظه ومعناه، فلم يقع نسخ إلى غير بدل فلم يناف ذلك قوله عز وجل { نأت بخير منها أو مثلها } أى نأت بآية أو آيتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك، أنفع لكم أو أسهل عليكم فى الامتثال، أو أكثر لأجوركم من الآية المنسوخة أو بمثلها فى النفع أو السهولة أو الأجر، ويجوز أن يراد بالمثل أمثال، وإنما قلت هذا وأجزت أن يكون خيرا شاملا لآية فصاعدا لما فى أثر عن ابن الخصار أن كلما ثبت من القرآن فهو بدل مما نسخ لفظه، لكن ليس متعينا لإمكان أن يراد آية بآية فقط، بل هذا هو المتبادر من الآية. وقرأ أبو عمرو نات بقلب الهمزة ألفا، كما نقرأ عن ورش عن نافع، والخيرية إنما هى باعتبار النفع أو السهولة أو كثرة الأجر، وليس المراد أن آية فى ذاتها خير من أخرى، إذ لا نقص فى كلام الله، وكل منه فى غاية الكمال، وأجاز بعضهم التفاضل بين الآيات والسور من غير اعتقاد نقص أو ذم، وهو عندى غير بعيد لأن القرآن مخلوق كسائر ما خلق الله، كما فضل بعض الرسل على بعض، وما نسخ إلى السهولة كان أسهل فى العمل، كنسخ فرض قيام الله على المؤمنين، فذلك خير لهم فى الدنيا لسقوط التعب عنهم وما نسخ إلى الأشق كان أكمل فى الثواب كنسخ وجوب صوم عاشوراء بوجوب صوم رمضان أو الأيام المعدودات برمضان على القول بأنهن غيره، فذلك خير أيضا، لأنه أكثر ثوابا فهو خير للآخرة، وأما نسخ المثل بالمثل فكنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة، فإنه لا مشقة فى أحدهما زائدة على الآخر والأجر على الامتثال سواء، ولكن تقدم أن تسوية مثل هذا نسخا تجوز، لأنه لم يكن التوجه إلى بيت المقدس آية فى القرآن، ومن النسخ إلى الأسهل نسخ عدة الحول بعدة أربعة أشهر وعشر، ومن النسخ إلى الأثقل نسخ وصية الأقرب بآية الإرث على زعم الشافعى أنها منسوخة، فإن الحصر للمال فى ورثة مخصوصين ثقيل على الموصى، والسهولة له تصرفه فى الوصية بما شاء لمن شاء، هذا ما ظهر لى، والحق أن وصية الأقرب ثابتة للأقرب الذى ليس وارثا، هذا مذهبنا خلافا لما روى عن الشافعى من أن وصية الأقرب على الإطلاق منسوخة بآية الإرث.

ولما قال غيره إنها منسوخة بقوله صلى الله عليه وسلم

" لا وصية لوارث "

والجمهور على جواز نسخ القرآن بالحديث المتواتر، مستدلين بالحديث المذكور أنه ناسخ، وأجاب الشافعى بأن ذلك ضعيف، لأن كون الميراث حقا للوارث يمنع من صرفه إلى الوصية، فثبت أن آية الميراث مانعة من الوصية، وبأن الحديث لا يكون خيرا من القرآن ولا مثله، ولو كان وحيا، لأن القرآن كلامه، والوحى ولو كان كلامه لكن جعل درجة قراءته أعظم بحيث جعله يتلى بلفظ مخصوص لا يبدل، ومدحه فى آياته، وقد قال

نأت بخير منها أو مثلها

فعلمنا أن المأتى به هو القرآن، فيكون من جنس المنسوخ كما هو المتبادر، وقيل إن كانت السنة بوحى جاز نسخ القرآن بها وإلا فلا، فإذا كانت باجتهاد فلا ينسخ بها، وأنا أعجب ممن أجاز نسخه بالسنة مطلقا، وإنما يقرب كلامه من الجواز لو كان يقول السنة كلها وحى، كما استدل بعض بقوله تعالى

إن هو إلا وحى يوحى

Bilinmeyen sayfa