ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين
فأبيا أن يقبلا منه، فأقسم لهما بالله أنه لهما لمن الناصحين. فاغترا بذلك وما كانا يظنان أن أحدا يحلف بالله كاذبا، فبادرت حواء إلى أكل الشجرة، ثم ناولت لآدم حتى أكل منها. قال ابن عباس وابن مسعود والجمهور أغواهما مشافهة كما رأيت، بدليل وقاسمهما، والمقاسمة ظاهرها المشافهة، فقال طائفة إن إبليس لم يدخل الجنة بعد أن أخرج منها، وإنما أغواه بوساوسه من الأرض. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم "
قال الكلبى دعا حواء من باب الجنة، فقال لها كلى من تلك الشجرة، فأيكما أكل منها قبل صاحبه كان هو المسلط على صاحبه. قال الحسن وسوس إليهما من الأرض، لم يكن ليخلها بعد قول الله عز وجل
اخرج منها فإنك رجيم
قال الكلبى فابتدر الشجرة فسبقته حواء وأعجبها حسن الشجرة وثمرتها فأكلت منها وأطعمت آدم. وروى محمد ابن اسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قيس أنه قال سمعت سعيد بن المسيب يحلف بالله ولا يستثنى
" ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل، ولكن حواء سقته الخمر حتى سكر، فقادته فأكل. فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الخمر مجمع الخبائث وأم الذنوب " قلت يرده أن خمر الجنة لا يسكر، وأنه فى حال سكره لا يكلف، فكيف وصفه بالعصيان؟ "
ووصف نفسه بظلم نفسه، إلا أن يقال ذلك فى جنة الدنيا أو خلق الله فى تلك الخمر الإسكار امتحانا، أو ناولها الخمر من الدنيا إبليس، وأنه وصفه بالعصيان، ووصف نفسه بالظلم إذ شرب مسكرا، ولم يتحفظ. ويقال لما قال الله جل وعلا لآدم وحواء { لا تقربا هذه الشجرة } قال نعم لا تقربها ولا نأكل منها، ولم يستثنيا فى كلامهما، فوكلهما الله تعالى إلى أنفسهما حتى أكلا. قال الحسن بن محمد بن الحسين سمعت جدى يقول يروى عن إبراهيم ابن أدهم أنه قال أورثتنا تلك الأكلة حزنا طويلا. وزعموا عن الشبلى أنه قال هذا أبونا آدم باع ربه بكف من حنطة، وذلك بوسوسة إبليس، وأعظم الأدوية - لمن ابتلى بوسوسته - الإعراض عنه، والثقة بالله والتعوذ به، وعدم الالتفات إلى ذلك اللعين. ويجوز هجر من اشتغل بالوسواس ليرتدع. قال ابن عطاء الله مؤلف كتاب المنن كان بى وسواس فى الوضوء، فقال لى الشيخ أبو العباس المرسى إن كنت لا تترك هذه الوسوسة لا تعد تأتينا. فشق ذلك على وقطع الله الوسواس عنى. وكان أبو العباس المذكور يلقن للوسواس سبحان الملك الخلاق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد، وما ذلك على الله بعزيز.
قال ابن عباس قال الله تعالى يا آدم ألم يكن فيما أتحت لك من الجنة مندوحة عن الشجرة؟ قال بلى يا رب، وعزتك. ولكن ما ظننت أن أحدا يحلف بك كاذبا. قال فبعزتى لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش فيها إلا بكد. فأهبطه من الجنة وعلمه صنعه الحديد، وأمره بالحرث، وزرع وسقى حتى بلغ وحصد ودرس وذراه وطحنه وعجنه وخبزه وأكله، فلم يبلعه حتى بلغ منه الجهد. قال ابن عباس لما أكل من الشجرة قال الله تبارك وتعالى يا آدم ما حملك على ما صنعت؟ قال يا رب زينته لى حواء، قال فإنى أعاقبها ألا تحمل إلا كرها ولا تضع إلا كرها، وأدميها فى الشهر مرتين، فرنت حواء عند ذلك، فقيل عليك الرنة وعلى بناتك. وقيل رنت وقيل لها ذلك حين قتل هابيل. قال فى عرائس القرآن لما أكل من الشجرة المنهى عنها ابتلاه الله - عز وجل - بعشرة أشياء أولها معاتبته إياه على ذلك، بقوله تعالى
ألم أنهكما عن تلكما الشجرة
Bilinmeyen sayfa