ولا يخفى أنّ في حمد الله ذاته في هذا الموضع يتضمّن إرشادًا لعباده أن يحمدوه سبحانه على إرسال الرسول ﷺ إليهم وإنزال الكتاب عليهم (١) .
لطائف:
الأولى: في مناسبة افتتاح سورة الكهف بالحمد بالسورة قبلها ذكر السيوطي في كتابه أسرار ترتيب القرآن أنّ بعض العلماء قال: مناسبة وضعها بعد سورة الإسراء افتتاح تلك بالتسبيح وهذه بالتحميد، وهما مقترنان في القرآن وسائر الكلام بحيث يسبق التسبيح التحميد.
ثم أضاف إلى قولهم قائلًا: مع اختتام ما قبلها بالتحميد أيضًا. أي في قوله تعالى في خاتمة سورة الإسراء ﴿وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا..﴾ الآية (٢)، وذلك من وجوه المناسبة بتشابه الأطراف (٣) .
الثانية: إنّ في إيثار إنزال القرآن الكريم من بين سائر صفاته تعالى - في هذا المقام - تنبيهًا على أنّه من أعظم نعمائه؛ فإنه الهادي إلى ما فيه كمال العباد والداعي إلى ما به ينتظم صلاح المعاش والعباد ولا شيء في معناه ما يماثله (٤) .
والثالثة: إنّ في وصف الرسول ﷺ في هذا الموضع - بوصف العبودية لله تعالى تنبيهًا على بلوغه إلى أعلى معارج العبادة ومقاماتها؛ وتشريفًا له أيّ تشريف. ومثله قوله تعالى ﴿تبارك الذي نزل الفرقان على
(١) انظر: تفسير السعدي ج٥ ص٥.
(٢) سورة الإسراء: الآية (١١١) .
(٣) أسرار ترتيب القرآن للسيوطي ص ١١٣-١١٤.
(٤) محاسن التأويل للقاسمي: ج١١ ص٥.