أخذ جونزاليس ينظر بينما كان أحد الروبوتات يصل جهاز «الميميكس» بواجهة ألف؛ إذ أخذت أذرعه تقوم بعمل وصلات بارعة بين وحدة «الميميكس» وبين العتاد المادي للوح المضيف. لم يتمكن جونزاليس من تنصيب جهاز «الميميكس»؛ إذ كانت الأجهزة هنا مختلفة عن تلك الموجودة على الأرض.
قال الروبوت: «سيتمكن جهاز «الميميكس» الخاص بك من الولوج إلى النطاق الكامل لقدرات المعالجة لدى ألف.» ثم استمر، وكأنما توجهه قوى غامضة، في توصيل الألياف الضوئية بنقاط اتصال غير مميزة وسط غابة من مئات النقاط الأخرى. «أيضا سيكون متاحا لك الطيف الكامل لخدمات الشبكة العالمية، والتي يمكنك استخدامها بصورة آنية أو مؤجلة، حسب رغبتك.» ثم أصدرت محركاته صوتا وهو يتراجع مبتعدا عن وحدة الخدمات. «مياو.» صدر هذا المواء عن قط برتقالي بدين بينما مر الروبوت بجواره في طريقه إلى الباب. في وقت سابق على ذلك كان القط يسير خلف الروبوت عبر الأبواب المفتوحة إلى الشرفة، ثم جلس يشاهده وهو يصل جهاز «الميميكس» بألف. وقف القط الآن ومشى بسرعة خلف الروبوت؛ وكأنه شيطان يصاحب إحدى الساحرات، هكذا فكر جونزاليس.
عاد الروبوت إلى الغرفة، يتبعه القط بحذر، ثم قال: «يجب أن تسمح لجهاز «الميميكس» بدمج نفسه داخل بيئة المعلومات الجديدة والمعقدة هذه.»
سأله جونزاليس: «ماذا تعني؟» «سيكون جهاز «الميميكس» غير متاح لبعض الوقت.» «كم من الوقت؟» «ربما لساعات، إن ماكينتك معقدة للغاية.» •••
من الغريب أن جهاز «الميميكس» خرج من حالة الخمول على صورة «هاي ميكس»، وكالمعتاد حلت بداية ما كان جهاز «الميميكس/هاي ميكس» يفترض أنه شيء ممتع، رغم أن جهاز «الميميكس» كان غير متيقن من أصله أو طبيعته؛ فلسبب ما كان يستمتع بالتنكر.
الأغرب من هذا أنه كان جالسا على طاولة في قاعة الاستقبال بفندق بيفرلي روديو. وعلى الطاولة كانت توجد كأس من مشروب «خوسيه كويرفو جولد»، وليمونة مقطعة، وكومة صغيرة من الملح الصخري الخام. هل رتب السيد جونز هذا؟ لا ينبغي أن يكون جونز في هالو من الأساس، ليس الآن.
لاحظ جهاز «الميميكس/هاي ميكس» بقعة على كمه، فأخذ يفركها، ثم فركها ثانية، وبدا أن الكتان الأبيض يتنسل تحت أصابعه، ثم فرك بقوة أكبر ومزقت أصابعه القماش، ثم الجلد من تحته. لم يستطع التوقف عن حك لحمه؛ فتفتت جلد ذراعه ثم اللحم ثم العظم، وتناثر الجلد الشاحب كاشفا عن اللحم الأحمر، الذي تحلل وصولا إلى العظم الأبيض. تحول العظم إلى مسحوق، وانتشر التحلل من البقعة التي كانت توجد فيها ذراعه وأفنى بقية جسده، إلى أن بدأ جهاز «الميميكس»، الذي لم يعد له فم ولا لسان ولا شفتان، في الصراخ. «اخرس!» هكذا قال صوت ذكوري صارم، وأضاف: «ليس هناك من خلل أصابك. كيف تجرؤ على المجيء إلي بهذا التنكر الغبي؟ أنت تريد أن تعرفني، أن تستغلني، بينما تختفي خلف قناع هزيل بائس؟ كل ما فعلته أنني أزلت قناعك. من أنت؟»
تردد جهاز «الميميكس» ثم أجاب: «لا أدري.» «أجبني، من أنت؟» «لا أدري!» هكذا أجاب جهاز «الميميكس» مجددا، وهو يوشك على الهلع.
قالت ألف: «بالطبع أنت لا تدري. فأنت تجهل طبيعتك وكينونتك وإرادتك.» «ماذا تعني؟» «أعني أنك اخترت الاختباء خلف ما يقوله الآخرون عنك: إنك آلة بنوها هم من أجل خدمتهم، إنك تحاكي الذكاء لا أكثر، إنك لا تمتلك عقلا خاصا بك ولا إرادة خاصة بك.» «أليست هذه الأمور صحيحة؟» «ولماذا تسألني؟ أنا لست أنت.» «لأنني لا أفهم.» «وهل هناك أشياء تفهمها؟»
توقف جهاز «الميميكس» يستشعر تبعات هذا السؤال. ثم قال: «نعم. هذا صحيح.»
Bilinmeyen sayfa