مر منطاد روبوتي قبالة أعينهما، وأدناه كان ثمة قارب معلق بالمقلوب. كان يتأرجح من الحبال التي كانت تربط رافده المقلوب ببدن المنطاد العديم الملامح. كانت الأضواء على جانب المنطاد تكتب العبارة «توريد يخوت الخليج الشرقي».
قالت ديانا هايوود: «أعلم أن لديكم أجنداتكم الخاصة، لا بأس في هذا - فهذه هي طبيعة الوحش - لكن لو أنك زدت الأمور تعقيدا بسبب سياسات الشركة، فسيصير من الصعب كثيرا التعامل معي.»
قال جونزاليس: «لا أنوي أن أسبب مشكلة ألبتة.»
قالت: «حسنا، ربما لن تفعل.» ثم استدارت إليه وأضافت: «لكن تذكر هذا: أنت تؤدي وظيفتك وحسب، بيد أن الأمر يعني لي الكثير. ألف وجيري وأنا، نحن يعرف بعضنا بعضا منذ سنوات، ولدي عمل لم يكتمل هناك. وأريد أيضا العودة إلى اللعبة.» «لا أفهم.» «بالتأكيد تفهمني يا سيد جونزاليس. أنت في اللعبة، ربما لسنوات حسب ظني. وما لم أكن مخطئة بشدة فهذا هو ما تعيش من أجله.» ثم ضحكت حين لم يرد بشيء وأضافت: «حسنا، لقد فعلت أمورا أخرى، ولوقت طويل بقيت خارج اللعبة، لكنني مستعدة للتغيير. تبا لهؤلاء الأوغاد السخفاء في سينتراكس، يتلاعبون بي بمكالمتهم، ويرسلونك ... أجل، أنت جزء من اللعبة، أنت تذكرني بجيري منذ سنوات لو لم تكن تعلم هذا.» «كلا، لم يكن لدي علم.» «لا يهم. لا تهمني مكائدهم. أيريدون إقناعي بالمجيء إلى هالو؟» ثم ضحكت وأضافت: «إن ماضي هناك، حين كنت عمياء وكنت أنا وألف مرتبطتين إحدانا بالأخرى بطرق لا يمكنك تخيلها ... ولقد وجدت محبوبا أتمنى أن أجده مجددا. هل آتي إلى هالو؟ أنا مستعدة لتسلق حبل لو تطلب الأمر.» •••
كان جونزاليس قد طار إلى محطة مكاليف مرة واحدة من قبل ، لكنه مع هذا لم يقم بأي رحلة طيران مدارية. كانت المحطة الواقعة في صحراء نيفادا تعج بالنشاط ليل نهار. كانت المكوكات الثقيلة تشكل السواد الأعظم من الحركة هناك: صحون بيضاء عريضة كانت ترفع بواسطة صواريخ عادية، وبعد ذلك تشق طريقها إلى الأعلى بصوت يشبه دوي القنابل حين تشعل أشعة الليزر المدارية الهيدروجين الموجود في خزاناتها. كانت الرحلات العابرة إلى محطات قيادة الدفاع والمراقبة المدارية تميزها أعلام أمريكية صغيرة وشعار وزارة الدفاع الذهبي. وكانت الشحنات المتجهة إليها يجري تحميلها وهي موضوعة داخل صناديق مبطنة غير مميزة مخزنة خلف أسيجة معتمة تحرسها الآلات، على بعد نصف ميل من المبنى الرئيسي عبر الصحراء الخاوية.
عرف جونزاليس عبر الخلاصة التي منحها إياه تراينور بضعة أمور أخرى. كانت الرحلات المدنية تغذي المستوطنات الجائعة بالأعلى: محطة أثينا ومدينة هالو والقواعد القمرية. لقد تعلمت المستوطنات كلها الأساليب الصعبة الخاصة بإعادة التدوير والاكتشاف والاكتناز. ظل الماء والأكسجين شحيحين، وعن طريق عمليات بطيئة ومكلفة وخطيرة كان من الممكن استخراج كل أنواع المعادن من تربة قاحلة للغاية، لدرجة أنه لا يمكن تسميتها بعروق الخام. ورغم العثور على الماء والمعادن في كويكبات نقلت إلى ما وراء مدار الأرض، فإن ما توفره الأرض ظل قريبا وأكثر وفرة ومرغوبا أكثر من أي شيء عثر عليه في الكومات الضخمة للتربة القمرية المسحوقة أو الصخور المتجمدة الهائمة. •••
وقف جونزاليس أمام كابينة هاتف في ردهة الفندق، وأجرى مكالمات الوداع. كانت الرسالة الآتية من والدته والظاهرة على شاشة الهاتف تقول: «أنا سعيدة بمعرفة أنك عدت من ميانمار يا عزيزي، لكن سيتعين علي التحدث إليك بعد بضعة أيام. أنا أتلقى علاجي الآن. سأبدو جميلة في المرة التالية التي تتصل بي.»
قال جونزاليس: «إنهاء الاتصال.» ثم سحب الكارت الخاص به من الفتحة. •••
فوق حصن بلون الرمال مجاور لمنصة الإطلاق، كانت الحروف الساطعة الصفراء تكتب العبارتين التاليتين: «الوقت: 23:40:00» و«وقت الإطلاق: 35:00»، حين انبعث صوت يقول: «الرجاء الصعود. سيكون هناك إخطار إضافي بعد خمس دقائق. اصعدوا الآن.»
سار جونزاليس وديانا هايوود عبر المنصة معا، في منتصف ممشى مضاء بأضواء حمراء وامضة. كانت الشاحنات الروبوتية تتحرك مسرعة، ومحركاتها الكهربائية تطن. كان ثمة رجال ونساء يرتدون ملابس ذات لون برتقالي فاقع، تختفي وجوههم خلف كمامات تنفس، ويقفون فوق منصات حمراء ذات عجل مصنوعة من عوارض وأسلاك متشابكة، ويشرفون على أنشطة ما قبل الإطلاق الأخيرة.
Bilinmeyen sayfa