Böyle Buyurdu Zerdüşt

Felix Faris d. 1358 AH
160

Böyle Buyurdu Zerdüşt

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

Türler

وسار زارا يقطع أبعاد البحر تساوره مثل هذه الهموم، وتدور به مثل هذه الأسرار، حتى إذا تخطى مجال أربعة أيام عن الجزر السعيدة وما ترك عليها من صحبه، اشتدت عزيمته فتغلب على آلامه، وثبت قدميه في موقفه متجها إلى مقدراته مناجيا سريرته وقد عاد إليها مرحها وسرورها قائلا: لقد فزعت إلى عزلتي؛ لأنني تقت إليها، فأنا الآن منفرد أمام صفاء السماء ومدى البحار، وقد خطا النهار إلى عصره وما التقيت بأصحابي للمرة الأولى إلا في وقت العصر، وفي مثل هذا اليوم اجتمعت بهم للمرة الثانية، والعصر هو الساعة التي يهدأ فيها اضطراب الأنوار جميعها؛ لأن السعادة الذاهبة بددا منشورة على مسالكها بين السماء والأرض تتجه إلى الاستقرار في روح الضياء، وها إن السعادة تحول اضطراب النور إلى سكون.

فيا لعصر حياتي! إن سعادتي هي أيضا قد انحدرت يوما إلى الوادي تطلب مستقرا، فلقيت هذه الأرواح النيرة تفتح لها الملجأ الأمين.

يا لعصر حياتي! لكم تخليت عن أشياء في الحياة توصلا إلى مغارس أفكاري الحية، وإلى أنوار الصباح تدور في ذراتها أسمى أماني وآمالي.

لقد طلب المبدع يوما رفاقا له وفتش عن أبناء آماله، فأدرك أنه لن يجدهم إذا هو لم يخلقهم خلقا.

لقد أتممت نصف مهمتي باتجاهي نحو أبنائي وبعودتي إليهم، وقد وجب على زارا أن يبلغ نفسه الكمال من أجل هؤلاء الأبناء، وما يحب الإنسان من صميم قلبه إلا ابنه ونتيجة جهوده، وحيث يتجلى الحب الأشد فهنالك تكمن القوة المولدة، ذلك ما أدركته بتفكيري.

إن أزهار أبنائي لا تزال تتفتق في الربيع والريح تهب على صفوفهم فتهزها، فأبنائي أشجار حديقتي ونبت خير أراضي.

إن هذه الأشجار متراصة في منابتها على الجزر السعيدة، ولسوف أقتلعها واحدة فواحدة لأغرسها متفرقة فتتعلم احتمال العزلة وتنشأ فيها الأنفة والحزم؛ لينتصب كل منها تجاه البحر وقد تصلبت جزوعها وتعقدت أغصانها كمنائر حية للبقاء القاهر.

على كل شجرة أن تشخص في مهب العواصف المترامية إلى البحر حيث يتدافع الغمر إلى قاعدة الجبل، فلا تغفل ليلا ونهارا عن تفحص سرائرها، عليها أن تتحمل التجارب ليعلم أنها من سلالتي وأنها تحدرت من أصلي تعززها الإرادة المجالدة، فتبدو صامتة حتى عندما تتكلم، وإذا ما استسلمت تبدو معطية وهي آخذة، وهكذا يتحول من يمشي على أثر زارا بأضرابه وبإبداعه إلى شخصية تحفر شريعتي على الواحي فيكتمل بذلك كل شيء.

وهأنذا من أجل هذه الشخصية وأمثالها أسعى إلى تكوين شخصيتي؛ فأمتنع عن ورود السعادة مقتحما كل شقاء في آخر تجربة أتحملها لأدرك سريرتي.

لقد آن الأوان لرحيلي وقد نبهني إلى وجوب الرحيل خيال المسافر وأطول الأزمان وأعمق الساعات صمتا؛ إذ نفخ الريح في فتحة القفل فتراجعت درفة الباب قائلة: هيا.

Bilinmeyen sayfa