وَيُحْرِمُوا حِينَ ذَلِكَ عِنْدَ نُهُوضِهِمْ إِلَى مِنًى، وَأَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيَ بِالْبَقَاءِ عَلَى إِحْرَامِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ ﵇ حِينَئِذٍ إِذْ تَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ حَتَّى اشْتَرَيْتُهُ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، وَلَأَحْلَلْتُ كَمَا أَحْلَلْتُمْ، وَلَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ»، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَلِيٌّ وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْوَفْرِ سَاقُوا الْهَدْيَ، فَلَمْ يَحِلُّوا وَبَقَوْا مُحْرِمِينَ، كَمَا بَقِي ﵇ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ، وَكَانَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَسُقْنَ هَدْيًا فَأَحْلَلْنَ، وَكُنَّ قَارِنَاتِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَكَذَلِكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ ﷺ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، أَحَلَّتَا حَاشَا عَائِشَةَ، ﵂، فَإِنَّهَا مِنْ أَجْلِ حَيْضِهَا لَمْ تَحِلَّ كَمَا ذَكَرْنَا، وَشَكَا عَلِيٌّ فَاطِمَةَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أَحَلَّتْ فَصَدَّقَهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي أَنَّهُ هُوَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ سَأَلَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْكِنَانِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُتْعَتُنَا هَذِهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ ﵇ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَالَ: «بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وَأَمَرَ ﵇ مَنْ جَاءَ إِلَى الْحَجِّ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَتَى ﵇ عَلَيْهَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِهِ أَنْ يَثْبُتُوا عَلَى أَحْوَالِهِمْ، فَمَنْ سَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ لَمْ يَحِلَّ، فَكَانَ عَلِيٌّ فِي أَهْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَكَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَأَقَامَ ﵇ بِمَكَّةَ مُحْرِمًا مِنْ أَجْلِ هَدْيِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ الْمَذْكُورِ وَالِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَلَيْلَةَ الْخَمِيسِ ثُمَّ نَهَضَ ﷺ ضَحْوَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ، وَهُوَ يَوْمُ مِنًى، وَهُوَ يَوْمُ
1 / 118