Veda Haccı
حجة الوداع
Soruşturmacı
أبو صهيب الكرمي
Yayıncı
بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٩٩٨
Yayın Yeri
الرياض
٥١٢ - كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا يَبْنِي عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. فَهَذَا نُزُولُ الْحِجَابِ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ نِكَاحِهِ ﵇ زَيْنَبَ، وَقَدْ كَانَ الْحِجَابُ كَمَا تَرَى قَبْلَ خَيْبَرَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ بِلَا شَكٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَتْ عَائِشَةُ ﵂ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ، فَقَالَتْ عَنْ صَفْوَانَ: وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَسَقَطَ التَّعَلُّلُ كُلُّهُ الَّذِي شُغِبَ بِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَا شَكٍّ أَصْلًا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى تَأْلِيفِ الْأَخْبَارِ الَّتِي أَوْرَدْنَا فِي الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَإِلَى بَيَانِ أَنَّهَا لَا تَعَارُضَ فِيهَا، وَأَنَّهَا كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهَا أَصْلًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ⦗٤٣٩⦘. فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَسْتَعِينُ: إِنَّ الرِّوَايَاتِ قَدْ جَاءَتْ كَمَا أَوْرَدْنَا، وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الرِّوَايَةِ فِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ فَعَلِمْنَا ضَرُورَةً أَنَّ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ فِيهَا الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ، وَسَائِرَهَا إِمَّا وَهْمٌ، وَإِمَّا فِيهَا حَذْفٌ بِإِثْبَاتِهِ تَتَّفِقُ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا. فَلَزِمَنَا أَنْ نَطْلُبَ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِنَعْتَقِدَهُ إِذْ لَا يَخْلُو كُلُّ شَيْءٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مِنَ الدِّيَانَةِ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا اللَّهُ تَعَالَى بِطَلَبِ الْحَقِّ فِيهَا وَإِصَابَتِهِ مِنْ دَلِيلٍ بَيِّنٍ وَاضِحٍ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ عَلَيْنَا كُلَّ مَا أَلْزَمَنَا مَعْرِفَتَهُ، وَكُلَّ مَا أَوْجَبَ عَلَيْنَا الْعَمَلَ بِهِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْعِلْمِ أَحَدَ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لَا خَامِسَ لَهَا عَلَيْهَا اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي الْفِقْهِ وَهِيَ: إِمَّا أَنْ يُنْزَلَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَيُعْتَمَدَ عَلَى مَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ. وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ مِنْهُمْ فِي رِوَايَتِهِ بَيَانًا لَمْ يَأْتِ بِهِ الْآخَرُونَ وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا نَذَارَةٌ وَشَهَادَةٌ، فُرِضَ عَلَيْنَا الْأَخْذُ بِهَا، وَعِلْمٌ عِنْدَ الَّذِي زَادَهُ ذَكَرَهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ. وَإِمَّا أَنْ نَطْلُبَ أَقْوَى الرِّوَايَاتِ بِبُرْهَانٍ وَاضِحٍ عَلَى أَنَّهُ أَقْوَاهَا بَيَانًا لَا بِدَعْوَى عَارِيَةٍ مِنَ الْبُرْهَانِ، إِذْ كُلُّ الرُّوَاةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا عُدُولٌ، فَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِقَبُولِ رِوَايَتِهِ مِنْ سَائِرِهِمْ إِلَّا بِبُرْهَانٍ وَاضِحٍ. وَإِمَّا أَنْ نَفْعَلَ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ ﷿ إِذْ يَقُولُ ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩] قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ ﵀: وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرْنَا آخِرًا هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ ⦗٤٤٠⦘ غَيْرُهُ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُعْتَمَدَ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَسَعُ أَحَدًا خِلَافُهُ. فَلَمَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ صَحَّ لَنَا بِلَا مِرْيَةٍ وَلَا شَكٍّ أَنَّهُ ﷺ كَانَ قَارِنًا، لَا تَحْتَمِلُ الْأَحَادِيثُ غَيْرَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا يَسَعُ خِلَافُهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي إِلَيْهَا فَزَعَ النَّاسُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرْنَا آنِفًا كُلُّهَا تُثْبِتُ أَنَّهُ ﷺ كَانَ قَارِنًا، وَتُبْطِلُ مَا عَدَاهُ. فَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، فَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرْنَا أَخِيرًا، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ تَعَدِّيهِ، وَهُوَ رَدُّ مَا تَنَازَعْنَا فِيهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ، فَنَقُولُ وَبِهِ ﷿ نَعْتَصِمُ: لَمَّا اخْتَلَفَ الرُّوَاةَ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَفْرَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْحَجَّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَمَتَّعَ ﵊، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَرَنَ ﵊ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، كَانَ هَذَا تَنَازُعًا يَجِبُ رَدُّهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى نَبِيِّهِ ﷺ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، فَلَمَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ وَجَدْنَاهُ ﷺ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ وَنَصَّ بِكَلَامِهِ الَّذِي لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا كَمَا ذَكَرَ عَنْهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، إِذْ قَالَ ﵊: «لَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ»، وَكَمَا ذَكَرَ أَنَسٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ ﷺ يَقُولُ: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا»، وَكَمَا ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ ﵊ يُلَبِّي بِهِمَا مَعًا، وَكَمَا ذَكَرَتْ حَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَرَّرَتْهُ ﵊ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَمِرٌ بِعُمْرَةٍ، لَمْ ⦗٤٤١⦘ يَحِلَّ مِنْهَا، فَلَمْ يُنْكِرْ ﵊ ذَلِكَ عَلَيْهَا، بَلْ صَدَّقَهَا وَأَجَابَهَا: أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ حَاجٌّ، وَهُوَ ﵊ لَا يُصِرُّ عَلَى بَاطِلٍ يَسْمَعْهُ أَصْلًا، بَلْ يُنْكِرُهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، فَصَحَّ بِمَا ذَكَرْنَا قِرَانُهُ يَقِينًا، وَلَيْسَ فِي كُلِّ مَا رُوِيَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ ﵊ يَقُولُ: «لَبَّيْكَ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ» وَلَا أَحَدَ قَالَ، إِنَّهُ ﵊ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ: أَفْرَدْتُ الْحَجَّ، وَلَا رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْهُ ﵊، أَنَّهُ قَالَ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَلَا أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي تَمَتَّعْتُ، وَهُوَ بِلَا شَكٍّ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا ذَكَرَ ﵊ أَنَّهُ قَرَنَ، وَسُمِعَ يُلَبِّيَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، صَحَّ أَنَّهُ قَارِنٌ يَقِينًا، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةُ عُدُولٍ مِنْ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ ﵃، يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ ﵊ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ قَارِنٌ، وَكَانَ هَذَا أَوْلَى عِنْدَ كُلِّ ذِي فَهْمٍ مِنْ ذِكَايَةِ صَاحِبٍ لَمْ يَنْسُبْهَا، إِلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ فِيهِ ﵊، وَقَدْ يُخْبِرُ الْمَرْءُ مِنْ ظَنِّهِ الَّذِي يَقَعُ لَهُ فِي الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ، كَمَا يُسَلِّمُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَهُوَ لَا يَشُكُّ عِنْدَ نَفْسِهِ أَنَّهَا أَرْبَعٌ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يُعْصَمْ مِنْهُ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْتُ أَمْرًا كَذَا، وَشَبَّثَ، وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا، وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ تَعَالَى حَفْصَةَ وَعَلِيًّا وَالْبَرَاءَ وَأَنَسًا عَنْ أَنْ يَقُولُوا: سَمِعْنَا، فِيمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ»، قِيلَ لَهُ: نَعَمْ، قَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ، وَذَكَرْنَاهُ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ﵁ إِنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ ﵊ يَقُولُ ذَلِكَ: إِذْ أَتَمَّ عُمْرَتَهُ، وَنَهَضَ إِلَى مِنًى، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذِكْرَ الْحَجِّ وَلَمْ يَسْمَعْ ذِكْرَ الْعُمْرَةِ، وَمَنْ زَادَ ذِكْرَ ⦗٤٤٢⦘ الْعُمْرَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ زَادَ عِلْمًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَا مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ، إِذْ قَالَ: قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصِ أَعْرَابِيٍّ، هُوَ حَدِيثٌ مُشْكِلٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَالَّذِي نَقَلَتْهُ الْكَوَافُّ، أَنَّهُ ﷺ لَمْ يُقَصِّرْ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا، وَلَا أَحَلَّ مِنْ شَيْءٍ مِنْ إِحْرَامِهِ، إِلَّا حَتَّى حَلَقَ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَعْطَى شَعْرَهُ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَلَعَلَّ مُعَاوِيَةَ عَنَى بِقَوْلِهِ: «بِحَجَّتِهِ» عُمْرَتَهُ ﵊ مِنَ الْجِعْرَانَةِ؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ بَعْدَ حِينَئِذٍ، وَهَذَا الظَّنُّ لَا يُسَوَّغُ فِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا لِأَنَّ فِيهِ بَيَانًا، أَنَّهُ كَانَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، أَوْ لَعَلَّهُ قَصَّرَ عَنْهُ ﵊ بَقِيَّةَ شَعْرٍ، لَمْ يَكُنِ اسْتَوْفَاهُ الْحَلَّاقُ بَعْدُ، فَقَصَّرَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمَرْوَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْطَأَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَجَعَلَهُ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ فِيهِ، أَنَّهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ وَهِشَامٌ ضَعِيفٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ " إِلَّا أَنَّ الْإِسْنَادَ فِي ذَلِكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ جَيِّدٌ صَحِيحٌ، لَا مَطْعَنَ فِيهِ، إِلَّا أَنَّ ⦗٤٤٣⦘ الَّذِيَ لَا شَكَّ فِيهِ، أَنَّهُ ﵊ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَا أَحَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى إِذْ تَطَيَّبَ وَحَلَقَ، ثُمَّ أَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْإِفْرَادِ لِلْحَجِّ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ ﵂ تَأْوِيلًا بَيْنَ الْحَوَالَةِ، وَهُوَ أَنْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا ﵂ لِلنَّبِيِّ ﷺ: وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكِ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ مِنَ الْعُمْرَةِ الَّتِي أَمَرْتَ النَّاسَ بِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ ﵀: وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحِلَّ أَحَدٌ مِنْ إِحْرَامِ غَيْرِهِ، وَلَا مِنْ عُمْرَةٍ اعْتَمَرَهَا سِوَاهُ، وَهَذَا مِنَ الْمُحَالِ الْمُمْتَنَعِ، وَسُؤَالٌ لَا يُعْقَلُ مِنْ لَفْظِ حَفْصَةَ ﵂، وَلَوْلَا أَنَّهُ عَلَيْهِ وَالسَّلَامُ كَانَ مُهِلًّا بِعُمْرَةٍ لَمْ يُهِلَّ مِنْهَا لَمَا أَقَرَّ حَفْصَةَ عَلَى ذَلِكَ السُّؤَالِ، وَقَالَ أَيْضًا قَائِلٌ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ ﵀: وَهَذَا خَطَأٌ بَلْ قَدْ ذَكَرَهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَمَا ذَكَرَهَا مَالِكٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ لَفْظِ الْعُمْرَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحَادِيثِ الْقِرَانِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَنَقُولُ: حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا عُبَيْدُ اللَّهِ، لَمَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذَلِكَ مُتَعَلَّقٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَيْسَ دُونَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الْغَايَةُ فِي الْعَدَالَةِ فِي رِوَايَتِهِ، فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ، فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى حَدِيثِ حَفْصَةَ جُمْلَةً، فَإِنْ تَعَلَّقَ مُتَعَلِّقٌ بِحَدِيثَيْنِ قَدْ ذَكَرْنَاهُمَا قَبْلُ، وَلَا عَلَيْنَا أَنْ نُعِيدَهُمَا لِنَسْتَوْفِيَ مُتَعَلَّقِ الْخَصْمِ، وَلَا نَدَعُ لَهُ مَقَالًا، ثُمَّ نُبَيِّنُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بُطْلَانَ شَغَبِهِ فِي ذَلِكَ، وَهُمَا
1 / 438