نوادر الرسائل (٩ - ١٠)
-[حديث الإفك]-
ويليه
من مناقب النساء الصحابيات
تأليف
الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي
المتوفى سنة (٦٠٠ هـ)
عني بتحقيقهما
إبراهيم صالح
دار البشائر
الطبعة الأولى
١٩٩٤ م
Bilinmeyen sayfa
الله المستعان حسبي الله ونعم الوكيل
الجزء فيه حديث الإفك
جمع
الحافظ أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي ﵁
وقف لمؤلفه ﵀ على جميع المسلمين
1 / 14
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ
حَدِيثُ الإِفْكِ
١- أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ بِهَا، أَنْبَأَ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ الْمُعَدِّلُ، وَأَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بَنْدَارَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ الشُّرُوطِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبِي أَبُو الْمَعَالِي ثَابِتٌ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْبَرْقَانِيُّ، قَالَ: فَقَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيِّ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيَّوبَ (ح) وَأَخْبَرَكَ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ أَيُّوبَ صَاحِبُ الْمَغَازِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ (ح) وَأَخْبَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنُ يُوسُفَ الْهَسَنْجَانِيُّ، قَالا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ -، قَالا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ: وَكُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثَهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا، وَوَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي، عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يَصْدُقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا: قَالَتْ عَائِشَةُ:
⦗١٦⦘ " كَانَ رَسُولُ اللَّهُ ﷺ، إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [مَعَهُ]، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ [وَ] َأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا فَرِغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذِنَ لَيْلةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جِزْعِ ظُفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي وَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ، وَلَمْ يَغْشِهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا نَأْكُلُ الْعَلَقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا.
فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ، وَلا مُجِيبٍ، فَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَّنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي وَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ.
⦗١٧⦘ فَبَيَّنَّا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السَّلْمِيُّ، ثُمَّ الذَّكَوَانِيُّ [قَدْ عَرَسَ] مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمُرْتُ وَجْهِيَّ بِجِلْبَابِي، وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ، وَلا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكَبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مَوْغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ.
قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبِّي بْنِ سَلُولٍ.
قَالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشاعُ وَيَتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، وَيُقِرُّهُ، وَيَسْتَمِعُهُ، وَيَسْتَوْشِيَهُ.
قَالَ عَرْوَةُ: لَمْ يُسَمِّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ إِلا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وُمِسْطَحَ بْنَ أَثَاثَةَ، وَحِمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ فِي أُنَاسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لِي بِهِمْ عُصْبَةٌ، ⦗١٨⦘ كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: وَإِنْ كَبُرَ ذَلِكَ، كَانَ يُقَالُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِّي بْنِ سَلُولٍ.
قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يَسُبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، تَقُولُ: إِنَّهُ الَّذِي، قَالَ:
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لَعِرْضُ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، وَلا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يُرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اللُّطْفَ، وَالْبِرَّ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيبُنِي، وَلا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ، نَقَهْتُ فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزًا، وَكُنَّا لا نَخْرَجُ إِلا مِنْ لَيْلٍ إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الكُنُفُ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأُمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّنَزُهِ قَبْلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بالْكُنُفِ أَنْ نتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا.
قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا، وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا، وَأُمَّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثُرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلا شَهِدَ بَدْرًا؟، قَالَتْ: أَهَنْتَاهُ، أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: ⦗١٩⦘ وَمَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بَقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ.
قَالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي. فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَقُلْتُ: أَئْذَنْ لِي آتِي أَبَوَيَّ. قَالَتْ: وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا. قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ: يَا أُمِّي، مَاذَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرٌ إِلا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهَ أَوْ قَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟
قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ.
قَالَتْ: فَأَصْبَحْتُ أَبْكِي، وَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ [مِنَ الْوُدِّ]، فَقَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْلُكَ، وَلا نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقُكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: " أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ شَيْئًا يُرِيبُكِ؟ ". قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا قَطْ أَمْرًا أُغْمِضُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، ⦗٢٠⦘ فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيِّ بْنِ سَلُولٍ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِي؟ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلا مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إِلا خَيْرًا، وَمَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِي إِلا مَعِي.
فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْذُرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا مَا أَمَرْتَ.
قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ لَهُ أُمُّ حَسَّانٍ ابْنَةُ عَمِّهِ مِنْ فَخْذِهِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، قَالَ: وَذَلِكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لا تَقْتُلُهُ، وَلا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تَقْتُلَهُ.
⦗٢١⦘ فَقَامَ أُسَيِّدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لَنَقْتُلَنَّهُ، وَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ.
قَالَتْ: فَثَارَ الْحَيَّانُ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَفْشَلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُخَفِّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ.
وَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلِّهِ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلا اكْتَحِلُ [بِنَوْمٍ]، حَتَّى إِنِّي لأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقُ كَبِدِي.
قَالَتْ: فَبَيَّنَّا أَبَوَايَّ جَالِسَايَّ عِنْدِي، وَأَنَا أَبْكِي، اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذَنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي.
قَالَتْ: فَبَيَّنَّا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ.
قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِي مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ.
قَالَتْ: وَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: يَا عَائِشَةَ، " فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةٌ فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ، وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ وَتَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ".
فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ [ﷺ] فِيمَا قَالَ.
قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ - وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا -: إِنِّي وَاللَّهِ ⦗٢٢⦘ لَقَدْ عَلِمْتُ [أَنَّكُمْ] قَدْ سَمِعْتُمْ [بِهَذَا] حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، لا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ - وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ - لَتُصَدِّقَنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي، وَلَكُمْ مَثَلا إِلا أَبَا يُوسُفَ حِينَ يَقُولُ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ .
قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللَّهُ يَعْلَمُ حِينَئِذٍ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنَزِّلُ فِي شَأْنِي وَحْيًا، وَلَشَأْنِي - كَانَ - أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ قَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيَّ رُؤْيَا فِي النَّوْمِ يُبَرِّئُنِي اللَّهُ ﷿ بِهَا.
قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلا خرجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْهِ، وَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى أَنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ الْعَرَقِ مِثْلَ الْجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ.
قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بَهَا أَنْ قَالَ: " [أَبْشِرِي] يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ ".
قَالَتْ: فَقَالَ لِي أَبِي: قُومِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَإِنِّي لأَحْمَدُ اللَّهَ ﷿، [هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي] .
قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ﴾ الْعَشْرُ الآيَاتِ.
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرِ الصِّدِّيقُ - وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ -: وَاللَّهِ لا أُنْفِقُ عَلَى مُسْطَحٍ شَيْئًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ .
⦗٢٣⦘ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. وَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا.
قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ؟.
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلا خَيْرًا، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ.
قَالَ: وَثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَهُ، لَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطْ.
قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﷿ [شَهِيدًا] .
1 / 15
٢- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا أُسَامَةُ، ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ، وَمَا عَلِمْتُ [بِهِ]، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيَّ ⦗٢٤⦘ خَطِيبًا، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ، فَتَشَّهَدَ، فَحَمِدَ اللَّهَ ﷿، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ، " أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي سُوءًا قَطُّ، وَأَبْنُوهُمْ بِمَنْ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلا دَخَلَ بَيْتِي قَطُّ، إِلا وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلا غَابَ مَعِي ".
فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِن بالْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أَمُّ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ.
حَتَّى كَادُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي الْمَسْجِدِ شَرٌّ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ.
فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ، فَعَثُرَتْ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: عَلامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثُرَتِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: عَلامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ ثُمَّ عَثُرَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: عَلامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ وَانْتَهَرْتُهَا، وَقُلْتُ: عَلامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلا فِيكِ، فَقُلْتُ: فِيَّ أَيْ شَأْنِي؟ فَذَكَرَتْ لِيَ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَاللَّهِ.
فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، فَكَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَمْ أَخْرُجْ لَهُ، لا أَجِدْ مِنْهُ قَلِيلا وَلا كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلامَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ، فَإِذَا أَنَا بِأُمِّ رُومَانٍ، فَقَالَتْ: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا، فَقَالَتْ: خَفِّضِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَإِنَّهُ - وَاللَّهِ - لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ تَكُونُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلا حَسَدْنَهَا وَقُلْنَ فِيهَا. فَقُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: ⦗٢٥⦘ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَاسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي، وَهُوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ فَقَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ أَمْرِهَا. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ [يَا] بُنَيَّةُ إِلا رَجَعْتِ، فَرَجَعْتُ.
وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَمْ يَزَالا عِنْدِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، فَتَشَهَّدَ النَّبِيُّ ﷺ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، " إِنْ كُنْتِ قارَفتِ سُوءًا وَظَلَمْتِ، تُوبِي إِلَى اللَّهِ ﷿، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ".
وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ، فَقُلْتُ: أَلا تَسْتَحْيِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْهُ، فَقَالَ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِيهِ. فَقَالَتْ: أَقُولُ مَاذَا؟.
فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْتُ، فَحَمَدْتُ اللَّهَ ﷿ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ وَاللَّهُ ﷻ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ، وأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ، وَاللَّهِ ﷿ يَعْلَمُ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، لَتَقُولَنَّ: قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدْ لِي وَلَكُمْ مَثَلا إِلا أَبَا يُوسُفَ، وَمَا أَحْفَظُ اسْمَهُ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ .
وَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سَاعَتَئِذٍ، فَرُفِعَ عَنْهُ، وَإِنِّي لأَسْتَبِينُ السُّرورَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: " أَبْشِري يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ بَرَاءَتَكِ ". فَكُنْتُ أَشَدُّ مَا كُنْتُ غَضَبًا، فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلا أَحْمَدُهُ، وَلا أَحْمَدُكُمَا، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أنْكَرْتُمُوهُ وَلا غَيَّرْتُمُوهُ، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي.
وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتِي، فَسَأَلَ الْجَارِيَةَ عَنِّي، فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ، لا أَعْلَمُ عَلَيْهَا عَيْبًا، إِلا أَنَّهَا كَانَتْ تَنَامُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ [فَتَأْكُلَ] خَمِيرَتَهَا أَوْ عَجِينَهَا - شَكَّ هِشَامٌ - فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: أَصْدُقِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى ⦗٢٦⦘ أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَعِيبَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَالَهُ. فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ، مَا أَعْلَمُ عَلَيْهَا، إِلا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي قِيلَ فِيهِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطْ، فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَعَصِمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا، فَلَمْ تَقُلْ إِلا خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ: الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ، كَانَ يَسْتَوْشِيَهُ، وَيَجْمَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ.
فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يَنْفَعُ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ ﵁، ﴿أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ﴾ يَعْنِي مِسْطَحًا ﴿أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى، وَاللَّهِ إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَنَا، وَعَادَ أَبُو بَكْرٍ لِمِسْطَحٍ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ لَهُ.
صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَصْحَابِ أَبِي أُسَامَةَ، وَالْبُخَارِيِّ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ.
وَرَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ، سِوَى أَبِي أُسَامَةَ أَبُو أُوَيْسٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَيُونُسَ بْنِ بَكِيرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَغَيْرِهِمْ.
1 / 23
٣- أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيَّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيُّ، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ -، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي -، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
⦗٢٧⦘ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ، وَمَا عَلِمْتُ [بِهِ]، قَامَ فِيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ، فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، " أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي مِنْ سُوءٍ قَطْ، وَأَبَنُوهُمْ، بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ [عَلَيْهِ] مِنْ سُوءٍ قَطْ، وَلا دَخَلَ بَيْتِي، إِلا وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلا غَابَ مَعِي ".
فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ بالْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أَمُّ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: كَذِبْتَ، أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ، وَالْخَزْرَجِ فِي الْمَسْجِدِ شَرٌّ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ.
فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ، فَعَثُرَتْ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَانْتَهَرْتُهَا، فَقُلْتُ: أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلا فِيكِ، فَقُلْتُ: فِيَّ أَيْ شَأْنِي؟، قَالَتْ: فَبَقَرَتِ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ هَذَا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَاللَّهِ.
فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، لَكَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَمْ أَخْرُجْ لَهُ، ولا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلا، وَلا كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَأَرْسَلَ مَعِيَ الْغُلامَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَوَجَدْتُ أُمَّ رُمَانٍ فِي السُّفْلِ، وَأَبُو بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَقَالَتْ أُمِّي: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا، وَذَكَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ، وَإِذَا هِيَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّةُ خَفِّضِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلِهَا، وَلَهَا ضَرَائِرٌ، إِلا حَسَدْنَهَا، وَقِيلَ فِيهَا، قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَتْ: فَاسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي، وَهُوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ فَقَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، ⦗٢٨⦘ فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ يَا بُنَيَّةُ إِلا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ.
قَالَتْ: فَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتِي، فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمي، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلا أَنَّهَا تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا وعَجِينَهَا.
قَالَتْ: فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اصْدُقِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهَ، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ.
فَبَلَغَ الأَمْرُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ قِيلَ لَهُ فِيهَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهَ! مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطْ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَمْ يَزَالا عِنْدِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ، وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي، وَشِمَالِي، فَتَشَهَّدَ النَّبِيُّ ﷺ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، " فَإِنْ كُنْتِ قارفتِ سُوءًا أو ظَلَمْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ".
قَالَتْ: وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ، فَقُلْتُ: أَلا تَسْتَحْيِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا؟ فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِي، فَقُلْتُ: أَجِبْهُ، فَقَالَ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي، فَقُلْتُ: أَجِيبِيهِ، فَقَالَتْ: أَقُولُ مَاذَا؟.
قَالَتْ: فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ، تَشَهَّدْتُ، فَحَمَدْتُ اللَّهَ، وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ، مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وأُشْرَبْتُمُوهُ قُلُوبَكُمْ، وَلَئِنْ قُلْتُ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، لَتُقُولُنَّ: قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا، قَالَتْ: فَالْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِلا أَبَا يُوسُفَ، حِينَ قَالَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ .
⦗٢٩⦘ قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ سَاعَتِهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ، وَإِنِّي لأتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، " فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ بَرَاءَتَكِ ".
قَالَتْ: فَكُنْتُ أَشَدُّ مَا كُنْتُ غَضَبًا. فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلا أَحْمَدُهُ، وَلا أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي.
وَأَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَعَصِمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلا خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِهِ: مِسْطَحُ بْنُ أَثَاثَةَ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَحِمْنَةُ، وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلَولٍ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيَهُ وَيَجْمَعُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ.
فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لا يَنْفَعُ مِسْطَحًا أَبَدًا بِنَافِعَةٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ، ﴿أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى﴾ يَعْنِي: مِسْطَحًا، ﴿أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبِّ، إنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، فَعَادَ لِمَا كَانَ يَنْفَعُهُ بِهِ.
صَحِيحٌ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وأبي كريبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.
1 / 26
٤- أَخْبَرَنَا أَبُو مُوسَى، أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكُوشَيْذِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِيذه، أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيَّوبَ الطَّبَرَانِيُّ (ح) وَأَنْبَأَ أَبُو رَشِيدٍ حَبِيبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرِ بْنِ مَنْصُورٍ الأَصْبَهَانِيَّانِ، أَنْبَأَ أَبُو مَنْصُورٍ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاذشاه -، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحِرَّانِيُّ، ثنا أَبِي -، ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ -، عَنْ عَائِشَةَ ⦗٣٠⦘ ﵂، قَالَتْ:
دَخَلت عَليَّ أُمُّ مِسْطَحٍ، فَخَرَجْنَا إِلَى حَيْرِ [عَادٍ]، فَوَطِئَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ عَلَى عَظْمٍ أَوْ شَوْكٍ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكِ مِنَ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، أَتَدْرِينَ مَا قَدْ طَارَ عَلَيْكِ؟، قُلْتُ: لا وَاللَّهِ، قَالَتْ: مَتَى عَهْدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكِ؟، قُلْتُ: رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُ فِي أَزْوَاجِهِ مَا أَحَبَّ، يَبْدَأُ بِمَنْ أَحَبَّ مِنْهُنَّ، وَيَأْتِي مَنْ أَحَبَّ، قَالَتْ: فَإِنَّهُ طَبَّقَ عَلَيْكِ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَرْتُ مَغْشِيًا عَلَيَّ، فَبَلَغَ أُمُّ رُومَانٍ، فَلَمَّا بَلَغَهَا أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ بَلَغَهَا الأَمْرُ، جَاءَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهَا، وَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَجَلَسَ عِنْدَهَا، وَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَسَّعَ التَّوْبَةَ ". فَازْدَدْتُ السُّوءَ إِلَى مَا بِي.
فَبَيَّنَّا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَنْتَظِرُ بِهَذِهِ الَّتِي خَانَتَكَ، وَفَضَحَتْنِي؟ قَالَتْ: فَازْدَدْتُ سُوءًا إِلَى سُوءٍ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا تَرَى فِي عَائِشَةَ؟ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: لَتُخْبِرُنِّي مَا تَرَى فِي عَائِشَةَ، فَقَالَ: قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ تَعَالَى [عَلَيْكَ] النِّسَاءَ، وَلَكِنْ أَرْسِلْ إِلَى بَرِيرَةَ خَادِمهَا، فَسَلْهَا، فَعَسَى أَنْ تَكُونَ قَدِ اطَّلَعَتْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا.
فَأَرْسَلَ إِلَى بَرِيرَةَ، فَجَاءَتْ، فَقَالَ: أَتَشْهَدِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: " فَإِنِّي سَائِلُكِ عَنْ شَيْءٍ فَلا تَكْتُمِينِي "، قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنْ شَيْءٍ تَسْأَلُنِي عَنْهُ إِلا أَخْبَرْتُكَ بِهِ، وَلا أَكْتُمُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا. قَالَ: " قَدْ كُنْتِ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَهَلْ رَأَيْتِ مِنْهَا مَا تَكْرَهِينَهُ؟ " قَالَتْ: لا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالنُّبُوَةِ، مَا رَأَيْتُ مِنْهَا مُنْذُ كُنْتُ عِنْدَهَا إِلا خُلَّةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَتْ: عَجَنْتُ عَجِينًا لِي، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: احْفَظِي هَذِهِ الْعَجِينَةَ حَتَّى أَقْتَبِسَ نَارًا فَأَخْبِزَ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَغَفَلَتْ عَنِ الْخَمِيرِ، فَجَاءَتِ الشَّاةُ فَأَكَلَتْهَا.
⦗٣١⦘ فَأَرْسَلَ إِلَى أُسَامَةَ ﵁، فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، مَا تَرَى فِي عَائِشَةَ؟ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: لَتُخْبِرُنِّي مَا تَرَى فِيهَا، قَالَ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ تُمْسِكَ عَنْهَا حَتَّى يُحْدِثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْكَ فِيهَا.
قَالَتْ: فَمَا كَانَ إِلا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا نَزَلَ جَعَلْنَا نَرَى فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَجَاءَ عُذْرُهَا مِنَ اللَّهِ ﷿، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، ثُمَّ أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْبَأَنِيَ اللَّهُ ﷿ بِعُذْرِكِ ". فَقُلْتُ: بِغَيْرِ حَمْدِكَ، وَحَمْدِ صَاحِبِكَ.
قَالَتْ: فَعِنْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمَ، وَكَانَ إِذَا أَتَاهَا، يَقُولُ: كَيْفَ تِيكُمْ؟.
1 / 29
٥- أَخْبَرَنَا أَبُو مُوسَى، أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَنْبَأَ حَبِيبٌ، وَمُحَمَّدٌ، أَنْبَأَ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالا: ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنَعَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، قَالا: أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁.
قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ وَحَدَّثَنِي أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ، ثُمَّ النِّجَّارِيُّ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيَّةِ ثُمَّ النِّجَّارِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَخَرَجَ سَهْمُ عَائِشَةَ فِي غَزْوِ النَّبِيِّ ﷺ، بَنِي الْمُصْطَلَقِ مِنْ خُزَاعَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ جُوَيْرِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ قَلِيلَةُ اللَّحْمِ خَفِيفَةٌ، تَلْزَمُ خِدْرَهَا، فَإِذَا أَرَادَ النَّاسُ الرَّحِيلَ ⦗٣٢⦘ ذَهَبْتُ وَتَوَضَّأْتُ، وَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ مَحَفَّتَهَا، فَتُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ.
فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَالَ فِيهَا الْمَنَافِقُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنِ اشْتَرَكَ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ أَنَّهَا خَرَجَتْ تَتَوَضَّأُ حِينَ دَنُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَانْسَلَّ مِنْ عُنُقِهَا عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ، فَارْتَحَلَ النَّبِيُّ ﷺ وَالنَّاسُ، وَهِيَ فِي بِغَاءِ الْعِقْدِ، وَلَمْ تَعْلَمْ بِرَحِيلِهِمْ، فَشَدُّوا عَلَى بَعِيرِهَا الْمَحْفَةَ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا فِيهَا كَمَا كَانَتْ تَكُونُ، فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا فَلَمْ تَجِدْ فِي الْمُعَسْكَرِ أَحَدًا، فَغَلَبَتْ عَيْنَاهَا.
وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السَّلْمِيُّ صَاحِبُ النَّبِيِّ ﷺ تَخَلَّفَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَنِ الْعَسْكَرِ حَتَّى أَصْبَحَ.
قَالَتْ: فَمَرَّ بِي فَرَآنِي وَاسْتَرْجَعَ، فَأَعْظَمَ مَكَانِي حِينَ رَآنِي وَحْدِي، وَقَدْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُنِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ.
قَالَتْ: فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي، فَسَتَرْتُ وَجْهِيَ عَنْهُ بِجِلْبَابِي وَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِي، فَقَرَّبَ بَعِيرَهُ، فَوَطِئَ عَلَى ذِرَاعِهِ، وَوَلانِي قَفَاهُ حَتَّى رَكبتُ وَسَوَّيْتُ ثِيَابِي، ثُمَّ بَعَثَهُ، فَأَقْبَلَ يَسِيرُ بِي حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ نِصْفَ النَّهَارِ أَوْ نَحْوَهُ، فَهُنَالِكَ قَالَ فِيَّ وَفِيهِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ، وَأَنَا لا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلا مِمَّا يَخُوضُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَمْرِي، وَكُنْتُ تِلْكَ اللَّيَالِي شَاكِيَةً.
وَكَانَ أَوَّلُ مَا أَنْكَرْتُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَعودُنِي قَبْل ذلك إِذَا مَرِضْتُ، وَكَانَ تِلْكَ اللَّيَالِي لا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَلا يُعُودُنِي إِلا أَنَّهُ يَقُولُ وَهُوَ مَارٍ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَيَسْأَلُ عَنِّي بَعْضَ أَهْلِ الْبَيْتِ.
فَلَمَّا بلغَ النَّبِي ﷺ مَا أَكْثَرَ فِيهِ مِنَ النَّاسِ مِنْ أَمْرِي غَمَّهُ ذَلِكَ، وَقَدْ كُنْتُ شَكَوْتُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَى أُمِّي مَا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْجَفْوَةِ، فَقَالَتْ لِي: يَا بُنَيَّةُ، اصْبِرِي، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ يُحِبُّهَا زَوْجُهَا، لَهَا ضَرَائِرٌ، إِلا رَمَيْنَهَا.
قَالَتْ: فَوَجَدْتُ حِسًّا تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى ⦗٣٣⦘ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، وَكُنَّا ذَلِكَ الزَّمَانُ لَيْسَتْ لَنَا كُنُفٌ نَذْهَبُ فِيهَا، إِنَّمَا كُنَّا نَذْهَبُ كَمَا يَذْهَبُ الْعَرَبُ لَيْلا إِلَى لَيْلٍ، فَقُلْتُ لأُمِّ مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ: خُذِي الإِدَاوَةَ فَامْلِئِيهَا، فَاذْهِبِي بِنَا إِلَى الْمَنَاصِعِ، وَكَانَتْ هِيَ، وَابْنُهَا مِسْطَحٌ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ قَرَابَةٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، فَكَانَا يَكُونَانِ مَعَهُ وَمَعَ أَهْلِهِ، فَأَخَذَتِ الإِدَاوَةَ، وَخَرَجْنَا نَحْوَ الْمَنَاصِعِ، فَعَثُرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتُ، قَالَتْ: ثُمَّ مَشَيْنَا فَعَثُرَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتُ لِصَاحِبِ النَّبِيِّ ﷺ وَصَاحِبِ بَدْرٍ، فَقَالَتْ: إِنَّكِ لَغَافِلَةٌ عَمَّا فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِكِ، فَقُلْتُ: أَجَلْ، فَمَا ذَاكَ؟، فَقَالَتْ: إِنَّ مِسْطَحًا، وَفُلانًا، وَفُلانَةً فِيمَنِ اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيِّ بْنِ سَلُولٍ، أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، يَتَحَدَّثُونَ عَنْكِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ، وَيَرْمُونَكِ بِهِ.
قَالَتْ: فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ مِنَ الْغَائِطِ، وَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بِدْئِي إِلَى بَيْتِي.
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَأَخْبَرَهُمَا مَا قِيلَ فِيَّ، وَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، فَقَالَ أُسَامَةُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلِمْنَا عَلَى أَهْلِكَ سُوءًا، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ النِّسَاءَ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ الْخَبَرَ فَتَوَعَّدَ الْجَارِيَةَ يَعْنِي: بَرِيرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ ﵁: " فَشَأْنُكَ أَنْتَ بِالْخَادِمِ ".
فَسَأَلَهَا عَلِيٌّ عَنِّي، فَلَمْ تُخْبِرْهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلا بِخَيْرٍ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ سُوءًا، إِلا أَنَّهَا جُوَيْرِيَّةٌ تُصْبِحُ عَلَى عَجِينِ أَهْلِهَا، تَدْخُلُ الشَّاةُ الدَّاجِنَ [فَتَأْكُلُهُ] .
قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ سَمِعَ مَا قَالَتْ فِي بَرِيرَةُ لِعَلِيٍّ إِلَى النَّاسِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، " مَنْ لِي مِنْ رِجَالٍ يُؤْذُونَنِي فِي أَهْلِي، مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي سُوءًا، وَيَرْمُونَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِي مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوءًا، وَلا خَرَجْتُ مَخْرَجًا إِلا خَرَجَ مَعِي فِيهِ ".
⦗٣٤⦘ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ، ثُمَّ الأَشْهَلِيُّ مِنَ الأَوْسِ: إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَحَدٍ مِنَ الأَوْسِ كَفَيْنَاكَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فِيهِ بِأَمْرِكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْخَزْرَجِيُّ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ، وَهَذَا الْبَاطِلُ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الأَشْهَلِيُّ وَرِجَالٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فَاسْتَبُّوا وَتَنَازَعُوا، حَتَّى كَادَ أَنْ يَعْظُمَ الأَمْرُ بَيْنَهُمْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْتِي، وَبَعَثَ إِلَى أَبَوَيَّ فَأَتَيَاهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عَائِشَةُ، " إِنِّمَا أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، وَإِنْ كُنْتِ أَخْطَأْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِيهِ ".
فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لِي أَبِي: لا أَفْعَلُ، هُوَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَالْوَحْيُ يَأْتِيَهُ، فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ لِي كَمَا قَالَ أَبِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَقْرَرْتُ عَلَى نَفْسِي بِبَاطِلٍ لَتُصَدِّقُنَّنِي، وَلَئِنْ بَرَّأْتُ نَفْسِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي بَرِيئَةٌ لَتُكَذِّبَنَّنِي، وَمَا أَجِدُ لِي، وَلَكُمْ مَثَلا إِلا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، حِينَ يَقُولُ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾، وَنَسِيتُ اسْمَ يَعْقُوبَ لِمَا بِي مِنَ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ وَاحْتِرَاقِ الْخَوْفِ، فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ مِنَ الْوَحْيِ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ ".
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنَزَّلَ الْقُرْآنُ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو لِمَا يَعْلَمِ اللَّهُ مِنْ بَرَاءَتِي أَنْ يُرِيَ النَّبِيَّ ﷺ فِي أَمْرِي رُؤْيَا، فَيُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا عِنْدَ نبيِّهِ ﷺ.
فَقَالَ لِي أَبَوَايَ عِنْدَ ذَلِكَ: قُومِي فَقَبِّلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ، بِحَمْدِ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ لا بِحَمْدِكُمْ.
قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ، وَأُمِّهُ. فَلَمَّا رَمَانِي حَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا.
قَالَتْ: فَلَمَّا تَلا ﷺ قَوْلَ اللَّهِ ﷿: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ بَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَعَادَ النَّفَقَةَ عَلَى ⦗٣٥⦘ مِسْطَحٍ وَأُمِّهِ.
قَالَتْ: وَقَعَدَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ، فَضَرَبَهُ صَفْوَانٌ ضَرْبَةً، فَقَالَ صَفْوَانُ لِحَسَّانَ فِي الشِّعْرِ حِينَ ضَرَبَهُ:
تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ مِنِّي فَإِنَّنِي ... غُلامٌ إِذَا هُوجِيت لَسْتُ بِشَاعِرْ
وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حِمَايَ وَأَنْتَقِمُ ... مِنَ الْبَاهِتِ الرَّامِي الْبُرَاةَ الطَّوَاهِرْ
ثُمَّ صَاحَ حَسَّانُ، وَاسْتَغَاثَ النَّاسَ عَلَى صَفْوَانٍ، فَلَمَّا جَاءَ النَّاسُ فَرَّ صَفْوَانٌ، فَجَاءَ حَسَّانُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَاسْتَعْدَاهُ عَلَى صَفْوَانٍ فِي ضَرْبه إِيَّاهُ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَهِبَ لَهُ ضَرْبَةَ صَفْوَانٍ إِيَّاهُ، فَوَهَبَهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَعَاضَهُ عَنْهَا حَائِطًا مِنْ نَخْلٍ عَظِيمٍ وَجَارِيَةٍ رُومِيَّةٍ، وَيُقَالُ: قِبْطِيَّةٍ تُدْعَى سِيرِينَ، فَوَلَدَتْ لِحَسَّانَ ابْنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الشَّاعِرُ.
قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ بَاعَ حَسَّانُ ذَلِكَ الْحَائِطَ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي وِلايَتِهِ بِمَالٍ عَظِيمٍ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَلَغَنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ ﵎ فِيهِ: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبِيِّ بْنِ سَلُولٍ أَحَدُ بَنِي الْحَارِثِ مِنَ الْخَزْرَجِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقِيلَ فِي أَصْحَابِ الإِفْكِ الأَشْعَارُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁، لِمِسْطَحٍ فِي رَمِيِّهِ عَائِشَةَ، وَكَانَ يُدْعَى ⦗٣٦⦘ عَوْفًا:
يَا عَوْفُ وَيْحَكَ هَلا قُلْتَ عَارِفَةً ... مِنَ الْكَلامِ وَلَمْ تَتْبَعْ بِهِ طَمَعَا
فَأَدْرَكَتْكَ حُمَيَّا مَعْشَرٍ أَنُفٍ ... فَلَمْ تَكُنْ قَاطِعًا يَا عَوْفُ مُنْقَطَعَا
هَلا جَرَيْتَ مِنَ الأَقْوَامِ إِذْ حَسَدُوا ... فَلا تَقُولُ وَإِنْ عَادَيْتَهُمْ قَذَعَا
لَمَّا رَأَيْتَ حَصَانًا غَيْرَ مُقْرِفَةٍ ... أَمِينَةَ الْجَيْبِ لَمْ تَعْلَمْ لَهَا خَضَعَا
فِيمَنْ رَمَاهَا وَكُنْتُمْ مَعْشَرًا أُنُفًا ... فِي سَيِّئِ الْقَوْلِ مِنْ لَفْظِ الْخَنَا سُرُعَا
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرًا فِي بَرَاءَتِهَا ... وَبَيْنَ عَوْفٍ وَبَيْنَ اللَّهِ مَا صَنَعَا
فَإِنْ أَعِشْ أَجْزِ عَوْفًا فِي مَقَالَتِهِ ... سُوءَ الْجَزَاءِ بِمَا أَلْفَيْتُهُ تَبِعَا
وَقَالَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ﵂، فِي الَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ، مِنَ الشَّعْرِ:
شَهِدَ الأَوْسُ كَهْلُهَا وَفَتَاهَا ... وَالْخُمَاسي مِنْ نَسْلِهَا وَالْفَطِيمُ
وَنِسَاءُ الْخَزْرَجَيْنِ يَشْهَدْنَ ... بِحَقٍّ وَذَلِكُمْ مَعْلُومُ
أَنَّ ابْنَةَ الصِّدِّيقِ كَانَتْ حَصَانًا ... عَفَّةَ الْجَيْبِ دِينُهَا مُسْتَقِيمُ
تَتَّقِي اللَّهَ فِي الْمَغِيبِ عَلَيْهَا ... نِعْمَةُ اللَّهِ سِتْرُهَا مَا تَرِيمُ
خَيْرُ هَذِي النِّسَاءِ حَالا وَنَفْسًا ... وَأَبًا لِلْعُلَى نَمَّاهَا كَرِيمُ
لِلْمَوَالِي إِذْ رَمَوْهَا بِإِفْكٍ ... أَخَذَتْهُمْ مَقَامِعٌ وَجَحِيمُ
لَيْتَ مَنْ كَانَ قَدْ قَفَاهَا بِسُوءٍ ... فِي حُطَامٍ حَتَّى يَتُوبَ اللَّئِيمُ
وَعَوَانٌ مِنَ الْحُرُوبِ تَلَظَّى ... يَتَبَنَّى فَوْقَهَا عِقَابٌ كَرِيمُ
لَيْتَ سَعْدًا وَمَنْ رَمَاهَا بِسُوءٍ ... فِي كَظَاظٍ حَتَّى يَتُوبَ الظَّلُومُ
وَقَالَ حَسَّانُ وَهُوَ يُبَرِّئُ عَائِشَةَ مِمَّا قِيلَ فِيهَا، وَيَعتذرُ إِلَيْهَا:
⦗٣٧⦘ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرَيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
حَلِيلَةُ خَيْرِ النَّاسِ دِينًا وَمَنْصِبًا ... نَبِيِّ الْهُدَى وَالْمكرمَاتِ الْفَوَاصِلِ
عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ نَاصِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خَيْمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلِ
فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ جَاءَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلائِطٍ ... بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قَوْلِ امْرِئٍ بِي مَاحِلِ
وَكَيْفَ وَوِدِّي مَا حَيِّيتُ وَنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنُ الْمَحَافِلِ
لَهُ رُتَبٌ عَالٍ عَلَى النَّاسِ فَضْلُهَا ... تقَاصَرُ عَنْهَا سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ
قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وَحَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، أَمَرَ الَّذِينَ رَمُوا عَائِشَةَ ﵂، فَجُلِدُوا الْحَدَّ جَمِيعًا ثَمَانِينَ.
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الشِّعْرِ حِينَ جُلِدُوا:
لَقَدْ ذَاقَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ أَهْلُهُ ... وَحمْنَةُ إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَحُ
تَعَاطُوا بِرَجْمِ الْقَوْلِ زَوْجَ نَبِيِّهِمْ ... وَسَخْطَةُ ذِي الْعَرْشِ الْكِريمِ فَأُتْرِحُوا
فَآذُوا رَسُولَ اللَّهِ فِيهَا وَعَمَّمُوا ... مَخَازَى سُوءٍ جُلِّلُوهَا وَفُضِّحُوا
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ فِي الْحَائِطِ الَّذِي أَعْطَاهُ رَسُولَ اللَّه ﷺ حَسَّانَ: هُوَ بِئْرُحَاءٍ الَّذِي كَانَ لأَبِي طَلْحَةَ، فَتَصَدَّقَ بِهِ إلى رَسُول اللَّهِ ﷺ، فَهُوَ ⦗٣٨⦘ قَصْرُ بَنِي حُدَيْلَةَ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ.
1 / 31
٦- أَخْبَرَنَا أَبُو مُوسَى، أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكُوشَيْذِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّانِّيُّ، أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا خَالِد بن خداشٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، قَالَتْ:
" لَمَّا بَلَغَنِي مَا تَكَلَّمُوا بِهِ هَمَمْتُ أَنْ آتِي قَلِيبًا فَأَطْرَحُ نَفْسِي فِيهِ ".
٧- وَبِهِ، قَالَ: أَنْبَأَ الطَّبَرَانِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحرَّانِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلَقِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ، وَفِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، قَالَ أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا ". وَهَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ. وذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ خَمْسٍ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ لأَنَّهُ وَرَدَ فِي طُرُقٍ لِحَدِيثِ الإِفْكِ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلَقِ، وَذَكَرَ أَنَّ عُذْرَهَا نَزَلَ بَعْدَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ لَيْلَةً.
٨- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا ⦗٣٩⦘ هَشِيمٌ، أَنْبَأَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ جَاءَنِي النَّبِيُّ ﷺ فَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ، فَقُلْتُ: بِحَمْدِ اللَّهِ لا بِحَمْدِكَ ".
٧- وَبِهِ، قَالَ: أَنْبَأَ الطَّبَرَانِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحرَّانِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلَقِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ، وَفِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، قَالَ أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا ". وَهَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ. وذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ خَمْسٍ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ لأَنَّهُ وَرَدَ فِي طُرُقٍ لِحَدِيثِ الإِفْكِ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلَقِ، وَذَكَرَ أَنَّ عُذْرَهَا نَزَلَ بَعْدَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ لَيْلَةً.
٨- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا ⦗٣٩⦘ هَشِيمٌ، أَنْبَأَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ جَاءَنِي النَّبِيُّ ﷺ فَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ، فَقُلْتُ: بِحَمْدِ اللَّهِ لا بِحَمْدِكَ ".
1 / 38
٩- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو طَالِبٍ الْيُوسُفِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ الْقُطَيْعِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
" لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ، وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا نَزَلَ أَمر بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأةٍ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ ".
١٠- أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ، أَنْبَأَ أَبِي، أَنْبَأَ الْبَرَقَانِيُّ، أَنْبَأَ الإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى، وَالْحَسَنُ، قَالا: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانٍ، قَالَ الْحَسَنُ: وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالا جَمِيعًا: إِذَ قِيلَ لَهَا مَا قِيلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عُذْرَهَا، فَقَالَتْ: " بَيَّنَّا أَنَا وَعَائِشَةُ إِذْ دَخَلَتْ - وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذْ وَلَجَتْ - عَلَيْهَا امْرَأةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، إِذْ هِيَ تَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلانٍ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَتْ: لِمَ؟ قَالَتْ: لأَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيثَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَيُّ حَدِيثٍ؟ فَأَخْبَرَتْهَا، قَالَتْ: فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَخَرَّتْ مَغْشِيًا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: " مَا هَذِهِ؟ " - وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: مَا هَذَا؟ - فَقُلْنَا: حُمَّى أَخَذَتْهَا، قَالَ: " فَلَعَلَّهُ مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ ⦗٤٠⦘ بِهِ؟ ". قَالَتْ: فَقَعَدَتْ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لا تَعْذُرُونِي، فَمَثَلِي وَمَثَلَكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ: ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ . قَالَتْ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ مَا أُنْزِلَ، فَأَتَاهَا فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لا بِحَمْدِ أَحَدٍ.
١٠- أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ، أَنْبَأَ أَبِي، أَنْبَأَ الْبَرَقَانِيُّ، أَنْبَأَ الإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى، وَالْحَسَنُ، قَالا: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانٍ، قَالَ الْحَسَنُ: وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالا جَمِيعًا: إِذَ قِيلَ لَهَا مَا قِيلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عُذْرَهَا، فَقَالَتْ: " بَيَّنَّا أَنَا وَعَائِشَةُ إِذْ دَخَلَتْ - وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذْ وَلَجَتْ - عَلَيْهَا امْرَأةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، إِذْ هِيَ تَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلانٍ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَتْ: لِمَ؟ قَالَتْ: لأَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيثَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَيُّ حَدِيثٍ؟ فَأَخْبَرَتْهَا، قَالَتْ: فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَخَرَّتْ مَغْشِيًا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: " مَا هَذِهِ؟ " - وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: مَا هَذَا؟ - فَقُلْنَا: حُمَّى أَخَذَتْهَا، قَالَ: " فَلَعَلَّهُ مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ ⦗٤٠⦘ بِهِ؟ ". قَالَتْ: فَقَعَدَتْ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لا تَعْذُرُونِي، فَمَثَلِي وَمَثَلَكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ: ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ . قَالَتْ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ مَا أُنْزِلَ، فَأَتَاهَا فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لا بِحَمْدِ أَحَدٍ.
1 / 39