İsa b. Hişam'ın Hikayesi

Muhammed el-Muvaylihi d. 1349 AH
53

İsa b. Hişam'ın Hikayesi

حديث عيسى بن هشام

Türler

المحكمة تنورت يا بك ولا لزوم للكلام مطلقا فهلم طلباتك.

المحامي (ساخطا في نفسه) :

طلباتنا هي «أننا نطلب من باب أصلي الحكم ببراءة المتهم، وإن رأت المحكمة غير ذلك فنرجو استعمال الرأفة بالمادة 532 عقوبات.

قال عيسى بن هشام: وبعد ذلك نطق القاضي بالحكم فحكم على الباشا بالحبس سنة ونصفا بمقتضى المادتين المذكورتين من قانون العقوبات، وبخمسة قروش والمصاريف بالمادة المذكورة أيضا من المخالفات، فضاقت الأرض بي وأظلمت الدنيا في عيني، وكدت أشترك مع صاحبي في الذهول والإغماء لولا أن المحامي أكد لي كل التأكيد أنه لا بد من البراءة في محكمة الاستئناف لعدالة رجالها، ولكن يجب مع ذلك أن نرفع عريضة شكوى إلى «لجنة المراقبة» لحسن التأثير في القضية عند نظرها في الاستئناف، ثم قال لي: اعلم أن السبب في كل ما صدر عن هذا القاضي من المقاطعة والمعاكسة والاستعجال هو؛ لأنه مدعو في وليمة بعض رفاقه عند الظهر تماما، وأمامه في جدول القضايا ثلاثون قضية يريد أن يأتي عليها كلها حكما قبل حلول الميعاد.

وأطعنا إشارة المحامي فقدمنا عريضة إلى «لجنة المراقبة»، ولما طلبنا منه أن يتوجه معنا للسؤال عما تم في أمرها تنحى عن استصحابنا، وقال: إنه كان يود مباشرة ذلك بنفسه، ولكنه يمنعه أن يعلم القاضي بسعيه في التظلم منه فيتعمد في المستقبل أذاه، وينصرف همه إلى نكايته بسبب شكايته، والمحامي في حاجة دائمة إلى اجتلاب رضاء القاضي واجتناب غضبه، فقبلت عذره، ودعوت الباشا إلى التوجه والسؤال، فأعرض ونأى بجانبه وخاطبني وهو يشتد في الإباء ويلج في الامتناع بقوله:

الباشا :

يكفيني ما قد وصلت إليه من الذل والهوان وما قاسيته من نزول القدر، وحلول الضيم بحكم القضاء من رافع السماء، وأنا أربأ بنفسي أن يجتمع عليها ذلان في سلك واحد؛ ذل المتحمل للظلم المستكن للجور، وذل المشتكي الضارع والمتظلم الخاضع، فإليك عني لا تكن عونا للخطوب، ومفتاحا للكروب، وصدق ابن يعقوب

رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ، ويعلم الله لولا عذاب النار، لفرجت عن همي بالانتحار، وبودي لو يبدل حكم الحبس بالإعدام لأخلص من هذه الأوصاب والآلام، وقد عشت دهري ما علمت أن السجن يكون في عقاب الكبراء والأمراء، وإنما هو يجري عندنا في عقاب الغوغاء من الناس والسفلة من العامة، وللأمراء الامتياز على كل حال، فإن كان ثم لنا عقاب، فضرب الرقاب، وعندنا أن لقاء المنون، أليق بنا من ظلمة السجون.

عيسى بن هشام :

ما كنت أعهد من مثلك هذا الجزع والفزع، ولا أتوقع منك مثل هذا الخور والهلع، وأنت البطل الجريء والشجاع المقدم، وما الشجاعة إلا في التصبر على المكروه والتجلد للخطوب تتلقاها بوجه طلق وصدر رحب، وتترقب الفرج منها بعد الضيق.

Bilinmeyen sayfa