كأنما تفقد المرأة سرورها بمصاحبة الرجال فهي تلتمس هذا السرور بمصاحبة بنات جنسها الذي خرجت منه بالمزاج وإن بقيت فيه بتركيب الأعضاء.
ومن المقارنات التي تتكرر في كل جيل تلك المقارنة الخالدة بين الرجال والنساء في الحب أيهما أقوى فيه وأيهما أوفى وأيهما أقرب إلى الروحانية والقداسة.
بعض الأقدمين زعموا أن المرأة أقوى شهوة من الرجل، وزعموا أنهم قاسوا هذا الفارق بمقياس الحساب، فوجدوا أن نصيب النساء تسعة وتسعون والواحد الباقي من نصيب الرجال.
وبعض المحدثين زعموا أن الحب أهم للمرأة من الرجل؛ لأن شواغل الرجل قد تلهيه عن الاستغراق فيه.
ولا بد من فارق في الحب بين الجنسين على كل حال.
لأن هدف المرأة من الحب هو الرجل وهدف الرجل من الحب هو المرأة، وهما مختلفان في الصفة والغاية والوسيلة.
لا بد من فارق بين الحب المعبر والحب الكتوم، فالحب المعبر - وهو حب الرجل - يتسامى بتعبيره أحيانا إلى خلق الجمال في الفنون كما يصنع المغرم الذي ينشد القصيد أو يبدع التماثيل أو ينطلق بالغناء.
والحب الكتوم - وهو حب المرأة - قد يتوارى عن الأنظار ويتغلغل في الأسرار ويعمد إلى الرقى والتعاويذ وإلى السحر الأسود يستميل به من لا يميل ومن لا يرفع المرأة في نظره أنه يستمال عنوة وجهرة، كما يفعل الرجل حين يستميل من يهواها من النساء.
فالفن الجميل شفيع حب الرجل، والسحر الأسود شفيع المرأة؛ لأن هذا مجذوب إلى الخفاء وذاك مجذوب إلى الضياء، وإن وجد كلاهما أصلا لغرض غير هذين الغرضين.
وإن الفجوة بعيدة بين الوجهتين.
Bilinmeyen sayfa