رأت اللجنة عدم التمييز بين علامات إعراب أصلية وأخرى فرعية، فلا تقول: إن الأسماء الخمسة معربة بالواو أو الألف أو الياء نيابة عن حركة كذا، بل هي مرفوعة بضمة ممدودة، منصوبة بفتحة ممدودة، مجرورة بكسرة ممدودة، وفي هذه الفقرة من قرارها: قسمت اللجنة الأسماء بحسب ما تظهر فيه الحركات كلها أو بعضها، وجعلت بين هذه الأقسام أيضا ما تظهر فيه ألف ونون، أو ياء ونون، أو واو ونون، وعدت من كل أولئك أقساما سبعة، ثم تقول بعد هذا كله: إنها تقرر عدم التمييز بين علامة أصلية وأخرى فرعية.
وتنظر
12
في هذا الصنيع فترى - فيما يخص الأسماء الخمسة والحركات الممدودة فيها - ليس فيه شيء من التيسير ما دمنا نفهم مع النفسيين وأهل التربية أن اللغة إنما هي الأصوات، لا صور الأصوات، فهنا قد وجد صوتان: ضمة قصيرة وأخرى طويلة، سواء أصورتها بواو أو بممدود الضمة، فهي صوت مغاير للأولى، وقد وجد التعدد وتغيرت الأحوال والقواعد على المتعلم.
ثم إنها فيما عدته من أقسام حسب ظهور الحركات على الكلمات، في الأحوال جميعها - أو في بعضها - قد عدت فيما قلنا سبعة أقسام بالأسماء الخمسة، فكثرت عما في القديم، إذ كانت تعد الياء حالة مشتركة في المثنى وجمع المذكر، ثم ما التيسير في هذا، وقد ذكرت علامات متعددة، هي حينا حركات، وحينا حروف، وحينا حركات بدل حركات كما في الممنوع من الصرف ؟! ولعل في النص على النيابة راحة ذهنية، على أن القدماء الأولين لم يجعلوا النص على النيابة أمرا هاما يجب ذكره، فليس في هذا العمل كله تيسير. (3)
قالت اللجنة: «جعل النحاة لحركات الإعراب ألقابا، ولحركات البناء ألقابا» (ص8). لكنك تجد أن ليس النحاة - استغراقا ولا عهدا - قد جعلوا ذلك، بل هو جعل سيبويه - والكوفيون يخالفونه
13 - وقد عادت اللجنة نفسها أخيرا فقالت: «ومن النحويين من لم يلتزم هذه التفرقة.» وكانت تحسن لو قدمت هذا، وأخذت به. وفي كل حال، انتهت اللجنة إلى أن ترى أن يكون لكل حركة لقب واحد في الإعراب والبناء، وأن يكتفى بألقاب البناء، والأمر أيسر من أن يوقف عنده كما ترى. (4)
حاولت اللجنة ضبط الجملة بأصنافها تحت تقسيم واحد، ينتظم الفعلية والاسمية، والجملة الصغيرة والكبيرة، وهو صنيع إن ساغ في المنطق لأنه يبحث في المعاني والمفاهيم، ولا شأن له بالألفاظ مطلقا، أو قبل في البلاغة؛ لأنها تبحث عن حسن المعاني، وتعرض للألفاظ بهذا المقدار، فلعل هذا الصنيع - على ما يبدو لي - لا يسهل في النحو؛ لأنه يتحدث عن الصحة واستقامة المعنى الأول، وفي هذا يطيل الوقوف عند الألفاظ، ويلحظ فيها أدق الفروق، فيتحدث مكرها عن الفاعل ونائبه والمعنى فيه، والمبتدأ والأحكام اللفظية لكل منهما، لا مفر، على حين قد ينظمها كلها البلاغي أو المنطقي تحت اعتبارات جامعة، فيسميها مسندا ومسندا إليه، وفي كل صنعت اللجنة في هذا السبيل أشياء فيها محل للنظر، فهي مثلا: (5)
قالت إن تسمية طرفي الجملة، المحدث عنه والحديث اصطلاح جديد، ولكنه قديم يعرفه من اتصل بأوائل كتب النحو، وأحيانا يجده في أواسطها في مواضع من «المفصل». (6)
آثرت تسميتها - كالمناطقة - المحمول والموضوع، على ما فيه من اعتبار معنوي، بعيد عن عقل المتعلم، وعن طبيعة الدرس اللغوي التي تلتزم الألفاظ والظواهر الحسية لتدل بها على المعاني، وفي كل حال حاولت ضبط إعراب الطرفين، فارتكبت صعوبات لا تطرد، وليس فيها يسر، فهي مثلا: (7)
Bilinmeyen sayfa