ونساء التير يسترن ما تحت السرر، ومن السبة عندهن أن يخفين صدورهن، فلم تستطع حواضن الإنجليز اللائي يتخذنهن مراضع أن يحملنهن على ترك العري كما عجز تيبو صاحب من قبلهن عن إلباس أولئك الهمج من زراع النخيل ثيابا. (4) سكان شواطئ ملبار «الناير، إلخ »
لشعوب الهند المختلفة نظم وعادات نتمثل بها ما جاوزته الأمم المتمدنة من المراحل والأطوار قبل أن تصل إلى حالها الحاضرة، فنحن، حين نجوب شبه جزيرة الهند، نبصر جميع أدوار الحياة التي مر أجدادنا منها.
والناير القاطنون في ساحل ملبار يزاولون بعض تلك النظم الفطرية التي عاد الغرب لا يعرفها في غير الكتب، فاليوم يستطيع الباحث أن يبحث عند الناير في نظام الأمومة كما كان في فجر التاريخ.
دلت المباحث الحديثة التي عرضناها في كتابنا «الإنسان والمجتمعات ومصدرهما وتاريخهما» على أن نظام الأمومة أول نظام ظهر بعد الدور الذي كانت تعد فيه جميع نساء القبيلة وجميع أولادهن ملك جميع رجال القبيلة، فنظام الأمومة ذلك هو أصل الأسرة، وما كانت الأسرة لتنشأ بغيره، ونظام الأسرة ذلك يجعل الأم زعيمة أولادها، ويمنحهم حق وراثة اسمها وأموالها، فحلت المصالح الفردية القوية بذلك محل المصالح القبلية الضعيفة.
وفي أوائل القرن السابع عشر من الميلاد زار فرانسوا بيرار ساحل ملبار فوصف الناير بما يقرب من حالهم في أيامنا، فذكر أنهم قوم محاربون مقاديم ذوو عادات تذكر الإنسان بفرسان الدور الإقطاعي الأوربي في القرون الوسطى لما وجده فيهم من حب الفخر وشدة البأس والحرص على الاستقلال وخلق الكرم وحفظ الكرامة واحترام النساء.
وكان الناير في القرن السادس عشر من الميلاد أناسا أغنياء أقوياء يملكون مدنا مهمة، فقال ذلك السائح: «يبدو زامورن «تمولي» في كالي كت من أعظم أمراء الهند وأغناهم، فهو يقدر أن يجهز 150000 جندي من الناير، ويعد جميع ملوك الناير المقيمون بذلك الساحل من أتباعه فيطيعونه خلا ملك كوجين.»
والناير من الناحية الجثمانية عرق ذو مسحة من الجمال، فهم ذوو قامات ناهضة وهيئات مليحة وأطراف لطيفة وجلود سمر لامعة.
وتعني كلمة الناير «السادة»، ولا عجب، فالناير تتألف منهم طائفة أريستوقراطية مسيطرة على ساحل الملبار، والناير، وإن خضعوا ذات حين للبراهمة، لم يلبثوا أن رفعوا نير هؤلاء عنهم، ولم يتركوا لهم غير نفوذ روحي ، والبراهمة هؤلاء ليسوا من أصل آري، فلم يعدوا مساوين لبراهمة شمال الهند الآريين ، والناير أنفسهم، وإن كانوا يزعمون أنهم من طبقة الأكشترية، لا يراهم الهندوس إلا من طبقة الشودرا، والناير يتكبرون على الأهلين الذين يحيطون بهم ويتعاظمون على التير الخاضعين لهم مع أن جلود هؤلاء أصفى من جلودهم، والناير يعتلون الموبلا الذين هم عرب مسلمون مخضرمون، والموبلا هؤلاء على جانب عظيم من الشجاعة مع ذلك، فتراهم لا ينفكون، في الغالب، عن مقاتلة سادتهم قتالا لا هوادة فيه ولا رحمة.
وأكثر الأقوام الذين بلغوا شأوا في التقدم جاوزوا نظام الأمومة الذي نراه في الناير، فلا تجد هذا النظام عند غير القليل من الأهلين كالكهاسيا القاطنين في ولاية آسام فتكلمنا عنهم في فصل آخر، وكالناير الذين نتكلم عنهم في هذا المطلب.
ولا تجد في القبائل العريقة في الفطرة أثرا للنكاح، فنسوة إحدى هذه القبائل ملك جميع رجالها، فإذا تطورت هذه القبيلة قليلا أخذت بنظام الأمومة، شأن الناير، فغدت النسوة ملك قليل من الرجال وعهد إليهن في إدارة الأسرة.
Bilinmeyen sayfa