5
وإذ لم نستطع أن نرسم تاريخ مختلف الحضارات الإسلامية في الهند، نقتصر على وصف حضارة المغول التي هي أكثر تلك الحضارات ازدهارا، فما جاء في أخبار مؤرخيهم وأنباء الأوربيين الذين زاروا الهند في عصرهم يساعدنا على الحكم الصحيح في إدارتهم ونظام دولتهم، وما أبقوه من المباني يساعدنا على الحكم الصحيح في الفنون أيام سلطانهم.
ذر قرن
6
الدولة المغولية في الهند عندما استولى بابر في سنة 1526 على أغرا التي كان يملكها أمير أفغاني من أسرة لودي المالكة فمات فيها ملكا لهندوستان وكابل، فلم يأل ابنه همايون جهدا في الصراع دعما لدولته، ولم تبلغ دولة المغول في الهند ذروة الرقي إلا في عهد ملكها الثالث أكبر الذي ارتقى العرش سنة 1556 فدام سلطانه خمسين سنة، فهذا الملك الذي هو من أكابر رجال التاريخ ساوى بين المسلمين والهندوس حاضا تينك الأمتين على التزاوج، جاعلا نفسه قدوة، وهذا الملك، وإن لم يوفق لصهر ديانتي تينك الأمتين في دين واحد، استطاع أن يمزج فنون العمارة للأمم التي خضعت لحكمه، وهذا الملك وسع رقعة مملكته ودبر شئونها تدبيرا رشيدا كما يظهر ذلك من الكتاب الكبير الذي أمر وزيره أبا الفضل بنشره، فترى أنه أحصى الأراضي ومسحها وقدر أنواع تراب الولايات وفرض الخراج على حسب الخصب فجعل ثلث الغلات للدولة وثلثيها للمزارعين، وألغى كثيرا من الضرائب وصار يدفع إلى ضباطه رواتبهم نقدا بدلا من الإقطاعات.
وداومت دولة المغول على الازدهار في عهد خلفائه: جهانكير وشاهجهان وأورنغ زيب، بيد أن ما صدر عن أورنغ زيب هذا من عدم التسامح وما شهره على ممالك الدكن الإسلامية من الحروب أعد دولة المغول للانهيار، فلم تلبث الهند عند وفاته سنة 1707 أن وقعت في وهدة الفوضى، كما ذكرنا ذلك في فصل سابق.
وفي أوروبا تعد كلمة سلطان المغول مرادفة لكلمة السلطان المطلق والأبهة الباهرة، ولا يخلو هذا من أساس، فالحق أن ملك المغول كان مطلقا، فكان يستعين بسلطانه على صب كنوز مملكته، الغنية إذ ذاك، في بلاطه وإنفاقها على ضروب العظمة التي لا تعلوها عظمة.
شكل 5-2: أمبرناتها. نقوش طرف جانبي من المعبد «القرن التاسع على ما يحتمل»، «يبلغ ارتفاع القسم الظاهر في الصورة أربعة أمتار و50 سنتيمترا.»
وكنت تبصر بجانب الملك وزراء فتحسب أنه يستشيرهم في شئون الدولة المهمة، مع أن هواه كان دستور دولته، وكانت السلطات المدنية والحربية والدينية قبضته، شأن جميع ملوك المسلمين، فكان ظل الله الحي المرهوب وخليفته القادر في الأرض.
وكان وزراؤه وولاته وقادته ومن إليهم من أمراء المغول صنائع فيرفعهم ويخفضهم بكلمة تخرج من فيه.
Bilinmeyen sayfa