وغابه أشد من غابها امتناعا، وآجامه أكثر من آجامها ضواري، وحميات أوديته أعظم من حميات أوديتها خطرا، وسكانه أظهر من سكانها همجية واقترابا من الحيوان واحتمالا للجو القاتل والطعام الجشيب.
35
شكل 3-7: ثلاثة وحوش من جهوتا ناغبور.
ويقف كل وصف عند الحد الذي وقف عنده الغزاة المتمدنون، فما قيل عن معايش أهل تلك المنطقة الوحشية ليس إلا فرضيات، فهندوس السهل يشبهونهم بالقرود ويخشونهم كأنهم من الجن الأشرار، ومن الأساطير ما هو خاص بغاب تلك المنطقة البعيدة الغور وفجاجها الكئيبة التي لا تخلو من حفدة أقدم عروق الهند البائسين.
ويتألف من جهوتاناغبور منطقة متوسطة بين هضبة الولايات الوسطى والسهول المجاورة لمصب نهر الغنج، وتشمل تلك المنطقة، المائلة إلى الجنوب الشرقي والمتوجهة إلى خليج البنغال، على وادي مهاندي ووادي برهمني الأعليين، وتجري من منحدراتها الشمالية الغربية روافد سون، ويعد معظمها من ولاية البنغال.
وجهوتاناغبور منطقة انتقال من الناحية الإثنولوجية والناحية الجغرافية، فالمرء إذا ما نزل من أعاليها وتوجه إلى أودهة، حيث يعيش أجمل العروق الآرية بالهند كما ذكرنا، وجد بالتتابع أمثلة جميع ما في الهند من العروق المترجحة بين قباح وثنيي الزنوج وشمخ البراهمة.
ويسكن جهوتاناغبور قبائل من سكان البلاد الأصليين على الخصوص، فهذه القبائل، وإن ظلت وحشية في الجبال، تتهند في السهول بالتدريج، وهنا ننبه القارئ إلى أن ما نصفها به ينطبق على حالها الفطرية الأولى قد تشاهد اليوم في أقاصي تلك المنطقة وفي أراضيها المنيعة قياسا على ما فعلناه في أمر الغوند.
ونحن، حين نضيف إلى جهوتاناغبور سلسلة جبال وندهيا ومعظم شبه جزيرة الكجرات تبدو لنا بلاد ممتدة من بحر إلى بحر قاطعة لوسط الهند، فهذه البلاد المستطلية هي مقر العروق الكولية التي تعد ثالثة الجماعات الهندية فتأتي بعد الجماعة التورانية الآرية، أو الهندوس البراهمة، التي هي الأولى منها والجماعة الدراويدية التي هي ثانيتها.
واختلاف اللغات بين تلك العروق، ولا سيما بين الدراويد والكول، هو سبب ذلك التقسيم الثلاثي ما كان الدراويد والكول من الشعوب الفطرية التي توالدت هي والغزاة بعض التوالد وما تماثل الدراويد والكول طبائع وصورا، ويشابه الكول البهيل الذين يقطنون معهم في الأراضي التي تغشى جبال وندهيا، بيد أن الكول المقيمين بجهوتاناغبور يقتربون من البهيل ذوي المثال المغولي مع أن دم الراجبوت يجري في شرايين الكول المقيمين بالكجرات، وقد تكلمنا في فصل سابق عن هؤلاء الكول القاطنين في المنطقة الغربية، والذين يعدهم البراهمة من الشودرا فيستخدمون في المدن للقيام بأشق الأعمال، فأطلق اسم الواحد منهم «القلي» في المستعمرات الإنجليزية وأمريكا على العمال والعتالة والمكارين.
ويعد الكول الشرقيون من زمرة المنبوذين لا من طبقة الشودرا، ولم يخرج أكثرهم من دور الهمجية الأولى، وعن هؤلاء قلنا إنهم يذكروننا بالمثال المغولي، فهم، بالحقيقة، ذوو وجوه مثلثة الأضلاع ولحى معرة
Bilinmeyen sayfa