وظلت صناعة قسم من جزيرة العرب وتجارته على ما كانت عليه في القرون الخالية، وتعد الحلي اليمنية والتمور والخيل والنيلج
14
والسنا المكي واللبان والمر
15
الصافي ... إلخ، أهم مواد الإصدار من جزيرة العرب، ولا تزال القوافل تقوم، كما في العصر الإسرائيلي، بإصدار هذه المواد من جزيرة العرب إلى أوربة، وبإيراد ما تحتاج إليه من إفريقية والهند وفارس.
وتحسب المسافات بالساعات في جزيرة العرب، كما في الشرق كله، ويرى العربي أن سير الجمل ذي الحمل الخفيف في الساعة الواحدة يعدل فرسخا، فنجم عن هذا أن المسافات التي تلوح تافهة على الخريطة تقطع في عدة أيام.
وجزيرة العرب خالية من الطرق المعبدة ، والطرق التي تسلكها القوافل فيها هي الأودية أو الأخاديد التي ذكرناها آنفا، وإذا ما استثنينا هذه المسالك، التي لا تزال كما كانت عليه في الزمن القديم، رأينا مناحي جزيرة العرب تتعين بآبارها التي تتعذر الحياة هناك بدونها، وأكثر مسالك جزيرة العرب استطراقا هي: الطريق التي بين دمشق وبغداد، والطرق التي تبدأ من مدينة الرياض النجدية وتنتهي بمكة ومسقط وبغداد ودمشق. (3) أقسام جزيرة العرب
لم يعرف القدماء من جزيرة العرب سوى الشيء القليل، ولم يتحدث هيرودتس عنها في أكثر من بضع كلمات، ولا يؤبه للأخبار الناقصة التي أتى بها إسترابون وديودورس الصقلي، وهما اللذان أسندا إلى جزيرة العرب من المنتجات، في الغالب، وما كانت تصدره إليها بلاد الهند فتصدرها إلى الخارج، وذكر بطليموس - ويظهر أنه عرف جزيرة العرب أحسن مما عرفه أولئك - أنه كان في بلاد اليمن 170 مدينة، وعد من هذه المدن خمس عواصم كبيرة.
ومعرفة الرومان لجزيرة العرب كانت ضعيفة إلى الغاية، وحاول الرومان غير مرة، تدويخ جزيرة العرب التي كانوا يعتقدون أنها تنتج من التوابل والأبازير والعطور والنسائج والحجارة الكريمة ما كانت تستورده من بلاد الهند والصين بالحقيقة، ولكنهم وهم الذين كانوا سادة العالم، لم يستطيعوا أن يقهروا قبائل البدو العربية التي احتمت بكثبان الرمال وجو البلاد.
ولم يتوغل الأوربيون في جزيرة العرب إلا حديثا، ولم يعرف عنها الأوربيون، قبل نيبوهر الذي زارها سنة 1762م، سوى ما أخذوه عن جغرافيي العرب أو عن بطليموس من المعارف المبهمة، ونرى الخريطة التي رسمها نيبوهر أولى الخرائط العلمية عن جزيرة العرب، مع اقتصاره على السياحة في قسم من بلاد اليمن.
Bilinmeyen sayfa