Arapların Medeniyeti

Emil Ludwig d. 1377 AH
113

Arapların Medeniyeti

حضارة العرب

Türler

وأقدم العرب على تلك المباحث، التي لم يكن لهم عهد بها، بشوق ونشاط، وأكثروا من إنشاء المكتبات العامة والمدارس والمختبرات في كل مكان، وكانت لهم اكتشافات مهمة في أكثر العلوم كما سترى ذلك في الفصول التي ندرس فيها تفاصيل حضارتهم.

وترى من الخلاصة السابقة أن العرب بلغوا درجة رفيعة من الثقافة بعد أن أتموا فتوحهم بزمن قصير، ولكن الإدارة الرشيدة والفنون المعقدة كالتعدين وطراز العمارة، والعلوم كعلم الفلك؛ إذ كانت مما لا يأتي عفوا لم يفعل العرب غير مواصلة الحضارات التي ظهرت قبلهم، كالحضارة اليونانية اللاتينية، فكانت لهم مبتكرات فيما ورثوه من علومها وفنونها وطرق حكمها، وكانوا بذلك على نقيض الروم الذين سلموا إلى العرب تراث تلك الحضارات من غير أن ينتفعوا به، والذين سقطوا في أسفل دركات الانحطاط.

شكل 2-1: مسجد أورفة (العراق، من تصوير فلاندان).

وكان حب العرب للعلم عظيما، ولم يترك الخلفاء في بغداد طريقا لاجتذاب أشهر العلماء ورجال الفن في العالم إلا سلكوها، ومن ذلك أن شهر أحد أولئك الخلفاء الحرب على قيصر الروم؛ ليأذن لأحد الرياضيين المشهورين في التدريس ببغداد.

وكان العلماء ورجال الفن والأدباء من جميع الملل والنحل، من يونان وفرس وأقباط وكلدان، يتقاطرون إلى بغداد، ويجعلون منها مركزا للثقافة في الدنيا، وقال أبو الفرج عن المأمون إنه «كان يخلو بالحكماء، ويأنس بمناظرتهم، ويلتذ بمذاكرتهم علما منه بأن أهل العلم هم صفوة الله من خلقه ونخبته من عباده ... فلهذا السبب كان أهل العلم مصابيح الدجى وسادة البشر، وأوحشت الدنيا لفقدهم.»

وكان أولئك يحيطون بخلفاء بغداد، وكان يمكن هؤلاء الخلفاء أن يعدوا قصرهم أول قصور العالم وأنضرها، وتتجلى لنا أبهة بغداد الشرقية بالقول الآتي الذي وصف به المؤرخ العربي، أبو الفداء، استقبال أحد الخلفاء العباسيين لسفير قيصر الروم في سنة 305ه.

قال أبو الفداء:

قدم رسل ملك الروم إلى بغداد، فلما استحضروا عبئت لهم العساكر وصفت الدار بالأسلحة وأنواع الزينة، وكان العساكر المصفوفون حينئذ مائة ألف وستين ألفا ما بين راكب وواقف، ووقف الغلمان ذوو الزينة الحجرية والمناطق المحلاة، ووقف الخدام الخصيان كذلك، وكانوا سبعة آلاف، أربعة آلاف خادم أبيض وثلاثة آلاف خادم أسود، ووقف الحجاب كذلك، وهم حينئذ سبعمائة حاجب، وألقيت المراكب والزوارق في دجلة بأعظم زينة، وزينت دار الخلافة، فكانت الستور المعلقة عليها ثمانية وثلاثين ألف ستر، منها اثنا عشر ألفا وخمسمائة ستر من الديباج المذهب، وكانت البسط اثنين وعشرين ألفا، وكان هناك مائة سبع مع مائة سباع، وكان في جملة الزينة شجرة من ذهب وفضة تشتمل على ثمانية عشر غصنا، وعلى الأغصان والقضبان الطيور والعصافير من الذهب والفضة، وكذلك أوراق الشجرة من الذهب والفضة، والأغصان تمايل بحركات موضوعة، والطيور تصفر بحركات مرتبة، وشاهد الرسل من العظمة ما يطول شرحه، وأحضروا بين يدي المقتدر، وصار الوزير يبلغ كلامهم إلى الخليفة، ويرد الجواب عن الخليفة.

شكل 2-2: عبور الفرات عند بيره جك (من تصوير فلاندان).

وكانت قوة الخلفاء الحربية في بغداد تناسب أهمية دولتهم، ويمكننا اجتلاء ما كانت عليه من الهيبة في الخارج بما أكره عليه قيصر بزنطة الوارث لعظمة اليونان والرومان من دفع الجزية حين تمنع عن إعطائها عبثا، فلما رفض خليفة الإمبراطورة إيرين، القيصر نيقفور، إعطاء الجزية في كتاب أرسله إلى الخليفة هارون الرشيد أجابه هارون الرشيد بالكتاب الموجز العنيف الدال على درجة الاحتقار الذي أضحى عرضة له أبناء اليونان والرومان الضعفاء، وإليكه:

Bilinmeyen sayfa