Endülüs'te Arap Medeniyeti: Eşsiz Hayali Bir Biçimde Tarihi Mektuplar
حضارة العرب في الأندلس: رسائل تاريخية في قالب خيالي بديع
Türler
شرف ينطح السماك بروقيه
وعز يقلقل الأجبالا •••
وهم البحر ذو الغوارب إلا
أنه صار عند بحرك آلا
وقد كان المسلمون في الصدر الأول يتحاشون ركوب البحر حتى كان من عمر بن الخطاب - لما كتب إلى عمرو بن العاص وهو على مصر يستوصفه البحر، فكتب إليه عمرو فيما كتب: إن البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود - أن أوعز بمنع المسلمين من ركوبه، فتحرجوا منه وعبروا على ذلك حينا من الدهر؛ حتى إذا كان لعهد معاوية أذن في ركوب أثباجه، والجهاد على متون أمواجه؛ وذلك لأن العرب لبداوتهم لم يكن لهم مران عليه، وحذق بركوبه، بينما الروم والفرنجة لممارستهم أحواله ومرباهم في التقلب على أعواده للحرب والاتجار مرنوا عليه، وأحكموا الدربة بثقافته، والحرب في أساطيله، حتى كان من ذلك أن أغار الروم من العدوة الشمالية على أفريقية من العدوة الجنوبية، والقوط على المغرب منها؛ أجازوا في الأساطيل وملكوها، وتغلبوا على البربر بها، وانتزعوا من أيديهم أمرها، وكان لهم بها المدن الحافلة، مثل قرطاجنة وطنجة، وكان صاحب قرطاجنة من قبلهم يحارب صاحب رومة، ويبعث الأساطيل لحربه مشحونة بالعساكر والعدد، فكان ذلك ديدن أهل هذا البحر الساكنين حفافيه في القديم والحديث.
فلما استقر الملك للعرب، وشمخ سلطانهم، وصارت أمم الأعاجم خولا لهم وتحت أيديهم، ومت إليهم كل ذي صنعة بمبلغ صناعته، واستخدموا من النواتية في حاجاتهم البحرية أمما، وتكررت ممارستهم للبحر وثقافته، شرهوا إلى الجهاد فيه، فأنشئوا السفن والأساطيل، وشحنوها بالرجال والسلاح، وأمطوها العساكر والمقاتلة لمن وراء البحر من هذه الأمم الحمراء، واختصوا بذلك من ممالكهم وثغورهم ما كان أقرب لهذا البحر وعلى حافته، مثل الشام وأفريقية والمغرب والأندلس، فأوعز عبد الملك بن مروان إلى حسان بن النعمان؛ عامل أفريقية، باتخاذ دار الصناعة بتونس لإنشاء الآلات البحرية، حرصا على مراسم الجهاد، ومنها كان فتح صقلية أيام زيادة الله بن الأغلب، كما سيمر بك، ثم تسلسل الأمر حتى بلغ شأن الأساطيل عند العبيديين أصحاب أفريقية، وعند بني أمية بالأندلس، مبلغا غلبوا معه على هذا البحر من جميع جوانبه، وعظمت صولتهم وسلطانهم فيه، وصار لا قبل لأمم النصرانية بأساطيلهم به، وملكوا سائر الجزائر المنقطعة عن السواحل منه؛ مثل أقريطش وصقلية وقبرص ومالطة وقوصرة وسردانية وميورقة ومنورقة ويابسة،
58
كما سيمر بك، إن شاء الله.
ولقد كان من أجل عناية العبيديين وبني أمية بشأن الأساطيل وتفوقهم في ذلك على سائر الممالك الإسلامية للسبب الذي قدمناه، وهو وجودهم على ضفاف هذا البحر، أن انبعثت قرائح الشعراء في الأندلس وأفريقية بالقول في وصف الأساطيل، واختص أدباء هذين القطرين بهذا الباب من الوصف، حتى لا تكاد تجد لشعراء المشرق يدا فيه. ومن أحسن ما سمعناه لشعراء المغرب في الأسطول دالية أبي القاسم محمد بن هانئ؛ الشاعر الأندلسي المنقطع الآن للمعز العبيدي، وقد تقدمت في صدر هذه الرسالة، وبائية علي بن محمد الإيادي التونسي؛ شاعر القائم العبيدي، وهي دون الدالية، وفيها يقول:
شرجوا جوانبه مجاذف أتعبت
Bilinmeyen sayfa