هذه رسالة غزيرة موجزة مسماة بالوجيزة في علم الدراية مجعولة كالمقدمة لحبل المتين لجمال الملة بهاء الدين عامله الله بلطفه يوم الدين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على نعمائه المتواترة وآلائه المستفيضة (المستفظاة) والصلاة على أشرف أهل الدنيا والآخرة محمد وعترة الطاهرين (الطاهرة) فهذه رسالة عزيزة موسومة بالوجيزة تتضمن خلاصة علم الدراية وتشتمل على زبدة ما يحتاج إليه أهل الرواية جعلتها كالمقدمة لكتاب حبل المتين وعلى الله أتوكل وبه استعين اما المقدمة علم الدراية يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه وكيفية تخله وآداب نقله والحديث كلام يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره واطلاقه عندنا على ما ورد عن غير المعصوم تجوز وكذلك الأثر والخبر يطلق تارة على ما ورد عن غير المعصوم من الصحابي والتابعين ونحوهما (غيرهما) وأخرى على ما يرادف الحديث وهو الأكثر وتعريفه حينئذ بكلام يكون لنسبته خارج في أحد الأزمنة يعم التعريف للخبر المقابل الانشاء لا المرادف للحديث كما ظن لانتقاضه طردا بنحو زيد انسان وعكسا بنحو قوله ص صلوا كما رأيتموني أصلي فبين الخبرين عموم من وجه اللهم الا ان يجعل قول الراوي قال النبي صلى الله عليه وآله مثلا جزء منه ليتم العكس ويضاف إلى التعريف قولنا يحكى ليتم الطرد وعنه مندوحة ثم اختلال عكس التعريفين بالحديث المسموع من المعصوم (ع) قبل نقله عنه ظاهر والتزام عدم كونه حديثا تعسف ولو قيل الحديث قول المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره لم يكن بعيدا واما نفس الفعل والتقرير فيطلق عليهما اسم السنة لا الحديث فهي أعم منه مطلقا ومن الحديث ما يسمى حديثا قدسيا وهو ما يحكى كلامه تعالى غير متحدي بشئ منه نحو قال الله تعالى الصوم لي وانا أجزي عليه الفصل الأول ما يتقوم به الحديث متنه وسلسلة رواته إلى المعصوم سنده فان بلغت سلاسله في كل طبقة حدا يؤمن معه تواطئهم على فمتواتر ويرسم بأنه خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه والا فخبر آحاد ولا يفيد بنفسه الا ظنا فان نقله في كل مرتبة أزيد من ثلاثة فمستفيض أو انفرد به واحد من أحدها فغريب وان علمت سلسلة (سلسلته) بأجمعها فمسند أو سقط من أولها واحد فصاعدا فمعلق أو من آخرها كذلك أو كلها فمرسل أو من وسطها واحد فمنقطع أو أكثر فمفصل والمروي بتكرير لفظ عن فمعنعن ومطوي ذكر المعصوم
Sayfa 4
مضمر وقصير السلسلة عال ومشتركها كلا أو جلا في امر خاص كالاسم والأولية والمصافحة والتلقيم ونحو ذلك مسلسل ومخالف المشهور شاذ ثم سلسلة المسند اما إماميون ممدوحون بالتعديل فصحيح وان شذ أو بدونه كلا أو بعضا مع تعديل البقية فحسن أو مسكوت عن مدحهم وذمهم كذلك فقوي واما غير الإماميين كلا أو بعضا مع تعديل الكل فموثق ويسمى قويا أيضا وما عدا هذه الأربعة ضعيف فان اشتهر العمل بمضمونه فمقبول وقد يطلق الضعيف على القوي بمعنييه وقد يخص بالمشتمل على جرح أو تعليق أو انقطاع أو اعضال أو ارسال وقد يعلم من حال مرسله عدم الارسال من غير الثقة فينتظم حينئذ في سلك الصحاح كمراسيل محمد بن أبي عمير وروايته أحيانا عن غير الثقة لا يقدح في ذلك كما يظن لأنهم ذكروا انه لا يرسل الا عن ثقة لا انه لا يروي الا عن ثقة الفصل الثاني الصدق في المتواترات مقطوع والمنازع مكابر وفي الآحاد الصحاح مظنون وقد عمل بها المتأخرون وردها المرتضى وابن زهرة وابن البراج وابن إدريس وأكثر قدمائنا ومضمار البحث من الجانبين وسيع ولعل كلام المتأخرين عند التأمل أقرب والشيخ على أن غير المتواتر ان اعتضد بقرينة الحق بالمتواتر في ايجاب العلم ووجوب العمل والا فيسميه خبر آحاد ويجيز العمل به تارة ويمنعه أخرى على تفصيل ذكره في الاستبصار وطعنه في التهذيب في بعض الأحاديث بأنها اخبار آحاد مبني على ذلك فتشنيع بعض المتأخرين عليه بان جميع أحاديث التهذيب آحاد لا وجه له والحسان كالصحاح عند بعض ويشترط الانجبار باشتهار عمل الأصحاب بها عند آخرين كما في الموثقات وغيرها وقد شاع العمل بالضعاف في السنن وان اشتهر ضعفها ولم ينجبر والايراد بان اثبات أحد الأحكام الخمسة بما هذا حاله مخالف لما ثبت في محله مشهور والعامة مضطربون في التفصي عن ذلك واما نحن معاشر الخاصة فالعمل عندنا ليس بها في الحقيقة بل بحسنة من سمع شيئا من الثواب وهي ما تفردنا بروايته وقد بسطنا فيها الكلام في شرح الحديث الحادي والثلثين من كتاب الأربعين الفصل الثالث الحديث ان اشتمل على علة خفية في متنه أو سنده فمعلل وان اختلط به كلام الراوي فتوهم انه منه أو نقل مختلفي الاسناد أو المتن بواحد فمدرج أو أوهم السماع ممن لم يسمع منه أو تعدد شيخه بايراد ما لم يشتهر من ألقابه مثلا فمدبر أو بدل بعض الرواة أو كل السند بغيره سهوا أو للرواج أو الكساد فمقلوب أو صحف في السند أو المتن فمصحف والراوي ان وافق في اسمه واسم أبيه لفظا فهو المتفق والمفترق أو خطا فقط المؤتلف والمختلف أو في اسمه فقط والأبوان مؤتلفان فهو المتشابه وان وافق المروي عنه في السن أو في الاخذ عن الشيخ فرواية الاقران أو يقدم عليه في أحدهما فرواية الأكابر عن الأصاغر الفصل الرابع يثبت تعديل الراوي وجرحه بقول واحد عدل عند الأكثر ولو اجتمع الجارح والمعدل فالمشهور تقديم الجارح والأولى التعويل على ما يثمر غلبة الظن كالأكثر عددا وورعا وممارسة و ألفاظ التعديل ثقة حجة عين وما أدى مؤداها واما متقن حافظ ضابط صدوق مشكور مستقيم زاهد قريب الامر ونحو ذلك فيفيد المدح المطلق وألفاظ الجرح ضعيف مضطرب غال مرتفع القول متهم ساقط ليس بشئ كذوب وضاع وما شاكلها دون يروي عن الضعفاء لا يبالي عمن اخذ يعتمد المراسيل واما نحو يعرف حديثه وينكر ليس بنقي
Sayfa 5
الحديث وأمثال ذلك ففي كونه جرحا تأمل ورواية من اتصف بفسق بعد صلاح أو بالعكس لا تعتبر حتى يعلم أو يظن صلاحه وقت الأداء اما وقت التحمل فلا الفصل الخامس أنحاء تحمل الحديث سبعة أولها السماع من الشيخ وهو أعلاها فيقول المتحمل سمعت فلانا أو حدثنا أو أخبرنا أو نبأنا ثانيها القراءة عليه ويسمى العرض و شرطه حفظ الشيخ أو كون الأصل الصحيح بيده أو يد ثقة فيقول قرأت عليه فأقربه ويجوز إحدى تلك العبارات مقيدة بقراءة عليه على قول ومطلقة مطلقا على آخر وفي غير الأولى على ثالث وفي حكم القراءة عليه السماع حال قراءة الغير فيقول قرئ عليه وانا اسمع منه فأقربه أو إحدى تلك العبارات والخلاف في اطلاقها وتقييدها كما عرفت ثالثها الإجازة والأكثر على قبولها ويجوز مشافهة وكتابة ولغير المميز وهي اما لمعين بمعين أو غيره أو لغيره به أو بغيره وأول هذه الأربعة أعلاها بل منع بعضهم ما عداها ويقول أجازني رواية كذا أو إحدى تلك العبارات مقيدة والمقيدة بإجازة على قول رابعها المناولة بان يناوله الشيخ أصله ويقول هذا سماعي مقتصرا عليه من دون أجزتك ونحوه وفيها خلاف وقبولها غير بعيد مع قيام القرينة على قصد الإجازة فيقول حدثنا مناولة و ما أشبه ذلك اما المقترنة بها لفظا فهي أعلى أنواعها خامسها الكتابة بان يكتب له مروية بخطه أو يأمر بها له فيقول كتب إلى أو حدثنا مكاتبة على قول سادسها الاعلام بان يعلمه ان هذا مروية مقتصرا عليه من دون مناولة ولا إجازة والكلام في هذا وسابقه كالمناولة فيقول أعلمناه ونحوه سابعها الوجادة بان يجد المروي مكتوبا من غير اتصال على أحد الأنحاء السابقة فيقول وجدت بخط فلان أو في كتاب أخبرني فلان انه خط فلان ففي العمل بها قولان اما الرواية بها فلا الفصل السادس آداب كتابة الحديث تبيين الخط وعدم ادماج بعضه في بعض واعراب ما يخفى وجهه وعدم الاخلال بالصلاة والسلام بعد اسم النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم وتصريحا من غير رمز ويكتب عند تحويل السند حاء بين المحول والمحول إليه وإذا كان المستتر في قال أو يقول عائدا إلى المعصوم (ع) فليمد اللام وليفصل بين الحديثين بدائرة صغيرة من غير لون الأصل وان وقع سقط فإن كان يسيرا كتب على سمت السطر أو كثيرا فعلى أعلى الصفحة يمينا أو يسارا ان كان سطرا واحدا وإلى أسفلها يمينا وأعلاها يسارا ان كان أكثر والزيادة اليسيرة تنفى بالحك مع امن الخرق وبدونه بالضرب عليها ضربا ظاهرا لا بكتابة لا أو حرف الزاء على أولها وإلى في خرها فإنه ربما يخفى على الناسخ وإذا وقع تكرار فالثاني أحق بالحك أو الضرب الا ان يكون أبين خطا أو في أول السطر خاتمة جميع أحاديثنا الا ما ندر ينتهي إلى أئمتنا الاثني عشر سلام الله عليهم أجمعين وهم ينتهون فيها إلى النبي صلى الله عليه وآله فان علومهم مقتبسة من تلك المشكاة وما تضمنه كتب الخاصة رضوان الله عليهم من الأحاديث المروية عنهم (ع) يزيد على ما في الصحاح الست للعامة بكثير كما يظهر لمن تتبع أحاديث الفريقين وقد روى راو واحد وهو أبان بن تغلب عن امام واحد أعني الامام أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) ثلاثين الف حديث كما ذكره علماء الرجال وكان قد جمع قدماء محدثينا رضي الله عنهم ما وصل إليهم من أحاديث أئمتنا سلام الله عليهم في أربعمأة كتاب يسمى الأصول ثم تصدى جماعة من المتأخرين شكر الله سعيهم لجمع تلك الكتب وترتيبها تقليلا للانتشار وتسهيلا
Sayfa 6
على طالبي تلك الأخبار فألفوا كتبا مبسوطة مبوبة وأصولا مضبوطة مهذبة مشتملة على الأسانيد المتصلة بأصحاب العصمة سلام الله عليهم كالكافي وكتاب من لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار ومدينة العلم والخصال والأمالي وعيون الأخبار الرضا وغيرها والأصول الأربعة الأول هي التي عليها المدار في هذه الاعصار اما الكافي وهو تأليف ثقة الاسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي عطر الله مرقده الفه في مدة عشرين سنة وتوفي ببغداد سنة ثمان أو تسع وعشرين وثلاثمأة ولجلالة شأنه عدة جماعة من علماء العامة كابن الأثير في كتاب جامع الأصول من المجددين لمذهب الامامية على رأس المأة الثالثة بعد ما ذكر ان سيدنا وامامنا أبا الحسن علي بن موسى الرضا سلام الله عليه وعلى ابائه الطاهرين هو المجدد لذلك المذهب على رأس المأة الثانية واما كتاب من لا يحضره الفقيه فهو تأليف رئيس المحدثين حجة الاسلام أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي قدس الله سره وله طاب ثراه مؤلفات أخرى سواه يقارب ثلاثمأة كتاب توفي بالري سنة إحدى وثمانين وثلاثمأة واما التهذيب والاستبصار فهما من تأليفات شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي نور الله ضريحه وله تأليفات أخرى سواهما في التفسير والأصول والفروع وغيرها توفي طيب الله مضجعه سنة ستين وأربعمأة بالمشهد المقدس الغروي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام فهؤلاء المحمدون الثلاثة قدس الله أرواحهم هم أئمة أصحاب الحديث من متأخري علماء الفرقة الناجية الامامية رضوان الله عليهم وقد وفقني الله تعالى وانا أقل العباد محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه للاقتداء بآثارهم والاقتباس من أنوارهم فجمعت في كتاب حبل المتين خلاصة ما تضمنه الأصول الأربعة من الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات التي منها تستنبط أمهات الاحكام الفقهية وإليها ترد مهمات المطالب الفرعية وسلكت في توضيح مبانيها وتحقيق معانيها مسلكا يرتضيه الناظرون بعين البصيرة ويحمله المتأولون بيد غير قصيرة واسأل الله التوفيق لاتمامه والفوز بسعادة أختامه انه سميع مجيب فائدة قد يبتدء في الحديث بقوله روينا بالاسناد عن فلان فلفظ روينا بناء على العلوم كلما أطلق معناه أخبرني شيخي أو استادي وكلما أطلق على المجهول معناه رواني شيخ شيخي أو أستاذ استادي وكلما روى روينا على المجهول والتشديد يطلق على الإجازة يعني رويت إجازة قد فرغت من تحرير هذه النسخة الشريفة في ليلة الاثنين الرابع من ذي حجة الحرام سنة الف وثلاثمأة وثمان عشر فائدة إذا أطلق أبو جعفر (ع) فالمراد به الباقر (ع) وإذا قيد بالثاني فالجواد (ع) وإذا أطلق أبو عبد الله (ع) فالصادق (ع) وإذا قيل أحدهما فالباقر أو الصادق (ع) وإذا أطلق أبو الحسن (ع) فالكاظم (ع) وإذا قيد بالثاني فالرضا (ع) وبالثالث الهادي (ع) والعالم والشيخ وأبو إبراهيم والعبد الصالح الكاظم (ع) وأبو محمد والماضي والفقيه وصاحب العسكر والامر فالعسكري عليهم السلام من لطائف إفادات المصنف قدس سره البهي في أحوال بعض الرواة كل حميد حميد كل جميل جميل كل شعيب خال عن العيب كل عبد السلام صالح حتى عبد السلام كل عاصم حسن الا عاصم بن الحسن كل يعقوب بلا خيبة الا يعقوب بن شيبة كل سالم غير سالم كل طلحة طالح بسم الله الرحمن الرحيم في معرفة من اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وهم على ما حكاه الكشي ثمانية عشر رجلا ستة منهم من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وهم زرارة ومعروف بن خربوز وبريد العجلي وأبو نصر الأسدي و الفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وقال بعضهم أبو بصير ليث المرادي مكان أبي نصر الأسدي وستة منهم من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وهم جميل بن دراج وعبد الله بن مسكان وعبد الله بن بكير وحماد بن عثمن وابان بن عثمان وزعم بعضهم ان أفقه هؤلاء جميل بن دراج وستة منهم من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن عليهما السلام وهم يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى بياع السابري ومحمد بن أبي عمير و عبد الله بن المغيرة والحسن بن محبوب وأحمد بن محمد بن أبي نصر وقال بعضهم مكان الحسن فضالة بن أيوب وقال بعضهم مكان فضالة عثمن بن عيسى وافقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى فتدبر
Sayfa 7
هذا هو الكتاب المبين المسمى بالحبل المتين في احكام احكام الدين لبرهان الحق جمال الملة بهاء الدين العاملي حباه الله بما تقر به عينه يوم الدين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي دلنا على الطريق القويم ومن علينا بالهداية إلى الصراط المستقيم ووفقنا عند تفرق الأهواء وتشعب الآراء للتمسك بكتابه المبين وهدانا عند تخالف المذاهب وتباين المشارب إلى التشبث بأذيال أهل بيت نبيه سيد المرسلين وأشرف الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين صلاة و سلاما دائمين إلى يوم الدين وبعد فان الفقير إلى الله الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي وفقه الله للعمل في يومه لغده قبل ان يخرج الامر من يده يقول إن أهم ما توجهت إليه الهمم العوالي وأحق ما نقضت عليه الأيام والليالي هو العلوم الدينية التي عليها مدار امر الاسلام والمعارف الملية التي إليها دعى الأنبياء عليهم السلام سيما علم الحديث ودرايته ونقله وروايته والبحث عن حاله والتفحص على رجاله والوقوف على رموزه و الوصول إلى كنوزه فإنه بعد علم التفسير منبع العلوم الشرعية وأساس الاحكام الأصلية والفرعية فطوبى لمن وجه إليه همته وبيض عليه لمته وجعله شعاره ودثاره وصرف فيه ليله ونهاره وهذا الكتاب بذلت فيه جهدي وجعلته تذكرة لأولي الألباب من بعدي ينطوي على عيون الأحاديث الواردة في الاحكام العملية ويحتوي على خلاصة ما رواه أصحابنا رضي الله عنهم بالأسانيد المعتبرة عن العترة النبوية كنز مذخور بصحاح الأحاديث و حسانها وبحر مسجور بلؤلؤ الاخبار ومرجانها موشحة أحاديثه بتفسير المباني وتقرير المعاني وتبيين النكات وتوضيح المغلقات واستكشاف الدلائل واستنباط المسائل إلى غير ذلك مما انجر إليه الكلام في بعض الأوقات من سوانح المباحثات ولوايح المطارحات مما سمح به النظر القاصر وانتهى إليه الفكر الخاسر وهذا الكتاب انما يعرف قدره من تأمل أصول أصحابنا قدس الله أرواحهم بعين بصيرة وسبر أغوار تلك الكتب بيد غير قصيرة وافنى في
Sayfa 8
فن الجرح والتعديل برهة من عمره وصرف في رد الفروع إلى الأصول شطرا من أيام دهره ثم غاية ما التمس منكم أيها الاخوان في الدين والشركاء في طلب اليقين ان تمنوا علي باصلاح فساده وترويج كساده والاغماض عما لا يخلو عنه مؤلف ولا يسلم منه مصنف مما هو حقيق بان يستر ولا يسطر ويضمر ولا يظهر ويلفظ ولا يحفظ فإنكم تعلمون ان الغوص على درر الدقايق يتعذر مع تلاطم أمواج المحن والعوايق وإلى الله سبحانه المشتكى من دهر قل ما أضحك وطال ما ابكى ثم إن طرق سمعكم ما لم تعهدوا طروقه ولاح لكم برق لم تألفوا بروقه فلا تعجلوا باللجاج في سلوك ذلك السبيل وامكثوا قليلا فعسى ان يتبدل الملح الأجاج بالعذب السلسبيل وها انا باسط كف السؤال إلى من لا يخيب لديه الآمال ان يعصمني عن اقتحام موارد الزلل في القول والعمل وان يسهل لي اتمام ما أرجوه و يوفقني لاكماله على أحسن الوجوه وان يجعله خالصا لوجهه الكريم وان يتقبله بلطفه العميم وفضله العظيم وسميته بالحبل المتين في إحكام أحكام الدين ورتبته على أربعة مناهج أولها في العبادات وثانيها في العقود وثالثها في الايقاعات ورابعها في الاحكام وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب المنهج الأول في العبادات وفيه خمسة كتب الكتاب الأول في الصلاة وفيه مقدمة وأبواب المقدمة في فضل الصلاة و الحث (أي الترغيب) عليها خمسة أحاديث أ من الصحاح أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) أنه قال يا ابان هذه الصلوات الخمس المفروضات من أقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيمة وله عنده عهد يدخله به الجنة ومن لم يصلهن لمواقيتهن ولم يحافظ عليهن فذلك إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه ب معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو فقال ما اعلم بعد المعرفة أفضل من (؟) الصلاة الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم صلى الله عليه قال وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ج بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما بين المسلم وبين ان يكفر الا ان يترك الصلاة الفريضة متعمدا أو يتهاون بها فلا يصليها د من الحسان عبيد بن زرارة؟ عن الصادق (ع) ان الكباير سبع الكفر بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين واكل الربوا واكل مال اليتيم ظلما والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة قال قلت فاكل درهم من مال اليتيم أكبر أم ترك الصلاة قلت فما عدت في الكبائر قال اي شئ (أول) ما قلت لك قال قلت الكفر قال فان تارك الصلاة كافر يعني من غير علة ه زرارة عن أبي جعفر (ع) قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال صلى الله عليه وآله نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني أقول المراد بالمحافظة على المواقيت شدة الاعتناء بشأنها بمراقبتها والتطلع إليها والتهيؤ لها قبل دخولها وعدم تفويت وقت الفضيلة منها وما هو من هذا القبيل واللام في قوله (ع) ولم يصلهن لمواقيتهن اما بمعنى في كما قالوه في قوله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيمة أو بمعنى بعد كما قالوه في قوله (ع) صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته أو بمعنى عند كما قالوه في قولهم كتب الكتاب لخمس خلون من شهر كذا والمجرور في قوله (ع) ولم يحافظ عليهن اما عائد إلى الصلوات أو إلى المواقيت والسلامة من تشويش الضمائر تعضد الأول ورعاية اللف والنشر تعضد الثاني والجار والمجرور في قوله (ع) فذلك خبر مبتدأ محذوف والتقدير
Sayfa 9
فذلك امره إليه سبحانه ويحتمل ان يكون مراد هو الخبر عن اسم الإشارة اي فذلك الشخص صائر إلى الله تعالى و راجع إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه وهذا الحديث رواه الصدوق في الفقيه على أنه حديث قدسي هكذا دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد وفيه ناس من أصحابه فقال أتدرون ما قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم فقال إن ربكم يقول هذه الصلوات الخمس المفروضات الحديث مع أدنى تغير والمراد بالمعرفة في قوله (ع) في الحديث الثاني لا اعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ما يتحقق به الايمان عندنا من المعارف الخمس وما قصده (ع) من أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال وان لم يدل عليها منطوق الكلام الا ان المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما يفهم من قولنا ليس بين أهل البلد أفضل من زيد أفضليته عليهم وان كان منطوقه نفي أفضليتهم عليه وهو لا يمنع المساواة هذا و في جعله (ع) قول عيسى على نبينا وعليه السلام وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا مؤيدا لأفضلية الصلاة بعد المعرفة على غيرها من الأعمال نوع خفاء ولعل وجهه ما يستفاد من تقديمه (ع) ما هو من قبيل الاعتقادات في مفتتح كلامه ثم أردفه ذلك بالاعمال البدنية والمالية وتصديره لها بالصلاة مقدما لها على الزكاة ولا يبعد ان يكون التأييد لمجرد تفضيل الصلاة على غيرها من الأعمال من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ويؤيده عدم ايراده (ع) صدر الآية في صدر التأييد والآية هكذا قال إني عبد الله اتاني الكتاب وجعلي نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا والظاهر أن المراد من أول شقي الترديد في قوله صلى الله عليه وآله في الحديث الثالث الا ان يترك الصلاة الفريضة متعمدا أو يتهاون بها فلا يصليها ترك الاتيان بها في جميع الوقت من غير أن يكون عازما على أدائها في شئ من اجزائه ومن الشق الثاني التقاعد عنها في كل جزء من اجزاء الوقت تساهلا وتكاسلا لكن مع عزمه على الاتيان بها في الجزء الآخر ثم يتكاسل عنها في ذلك الجزء أيضا وهكذا إلى أن يفوت الوقت ثم ما يفهم من ظاهر هذا الحديث وما بعده من كفر تارك الصلاة متعمدا من دون تقييد بالاستحلال مشكل ويظهر من بعض الأصحاب الميل إليه والأحاديث الدالة بظاهرها عليه كثيرة ولعل المراد الترك مستحلا وان التعبير بالكفر للمبالغة والتأكيد وتغليظ الاثم كما في قوله تعالى جل شانه ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين وما تضمنه الحديث الرابع من أن الكباير سبع هو أحد ما رواه أصحابنا عن أئمتنا عليهم السلام في تعدادها وستسمع في تحقيق ذلك كلاما مستوفي في بحث صلاة الجماعة انشاء الله تعالى والمراد من الفرار من الزحف الفرار في معركة النبي صلى الله عليه وآله واحد خلفائه (ع) والزحف بالزاي و الحاء المهملة الساكنة العسكر والمراد بالتعرب بعد الهجرة الالتحاق ببلاد الكفر والإقامة بها بعد المهاجرة عنها إلى بلاد الاسلام والتاء في قوله في آخر الحديث قال قلت الكفر يحتمل الضم والفتح على أنها تاء المتكلم أو المخاطب ولفظة بينا في الحديث الخامس هي بين الظرفية أشبعت فتحتها فصارت ألفا ويقع بعدها إذ الفجائية تقول بينا انا في عسر إذ جاء الفرج والمراد من عدم اتمام الركوع والسجود ترك الطمأنينة فيهما كما يشعر به قوله صلى الله عليه وآله نقر كنقر الغراب والنقر التقاط الطاير بمنقاره الحبة وفيه دلالة ظاهرة على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود والعجب من الأصحاب رضوان الله عليهم كيف استدلوا على وجوبها فيهما بحديث الأعرابي وهو ضعيف السند عامي وبرواية حماد وزرارة وهما غير دالتين على الوجوب ولم يستدلوا
Sayfa 10
بهذا الحديث المعتبر السند الظاهر الدلالة وقوله صلى الله عليه وآله لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني يشعر بان التهاون في المحافظة على حدود الفرائض والتساهل في استيفاء أركانها يؤدي إلى الاستخفاف بشأنها وعدم المبالاة بتركها وهو يؤدي إلى الكفر نعوذ بالله من ذلك الباب الأول في مقدمات الصلاة وفيه مقاصد المقصد الأول في الطهارة وفيه جمل ثلث الجملة الأولى في الوضوء وما يتعلق به وفيه فصول اثنا عشر الفصل الأول في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة من عترته (ع) أربعة أحاديث أ من الصحاح زرارة بن أعين قال حكى لنا أبو جعفر (ع) وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فاخذ كفا من ماء فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه ثم مسح بيده الجانبين جميعا ثم أعاد اليسرى في الاناء فأسدلها على اليمنى ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الاناء ثم صبها على اليسرى فصنع بها كما صنع باليمنى ثم مسح ببقية ما بقي في يديه رأسه ورجليه ولم يعدهما في الاناء ب زرارة قال قال أبو جعفر (ع) الا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا بلى فدعا بقعب فيه شئ من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر على ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال هذا إذا كانت الكف طاهره ثم غرف فملأها ماء فوضعها على جبينه ثم قال بسم الله وسدله على أطراف لحيته ثم امر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ثم وضعها على مرفقه اليمنى وامر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ثم غرف بيمينه ملأها فوضعها على مرفقه اليسرى وامر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه ج حماد بن عثمان قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا بماء فملأ به كفه ثم عم به وجهه ثم ملاء كفه فعم به يده اليمنى ثم ملاء كفه فعم به يده اليسرى ثم مسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا يعني به التعدي في الوضوء د أبو عبيدة الحذاء قال وضأت أبا جعفر (عليه السلام) بجمع وقد بال فناولته ماء فاستنجى ثم صببت عليه كفا فغسل به وجهه وكفا غسل به ذراعه الأيمن وكفا غسل به ذراعه الأيسر ثم مسح بفضلة الندى رأسه ورجليه أقول ما تضمنه صدر الأحاديث الثلاثة الأول من صدر انه (عليه السلام) دعا بقدح من ماء يمكن ان يستنبط منه ان استدعاء الماء للوضوء والامر بالاحضار ليس من الاستعانة المكروهة تنزيها للإمام (عليه السلام) عن فعل المكروه والذي استفاده الأصحاب رضوان الله عليهم من الاخبار ان الاستعانة المكروهة هي صب الماء في اليد ليغسل به كما روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان لا يدعهم يصبون الماء عليه ويقول لا أحب ان أشرك في صلاتي أحد وكما رواه في الكافي والتهذيب عن الحسن بن علي الوشاء قال دخلت على الرضا (عليه السلام) وبين يديه إبريق يريد ان يتهيأ منه للصلاة فدنوت لأصب عليه فأبى ذلك وقال مه يا حسن فقلت لم تنهاني ان أصب على يدك تكره ان أوجر فقال توجر أنت وأوزر انا قلت وكيف ذلك فقال اما سمعت الله يقول فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وها انا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره ان يشركني فيها أحد وهاتان الروايتان وان ضعفت أوليهما بالارسال والثانية بان في طريقها إبراهيم بن إسحاق بن الأحمري وهو ضعيف جدا الا انهما مجبورتان بعمل الأصحاب ومعتضدتان بالحديث الحسن الوارد في العمل بالضعاف فيما هو من باب السنن على أن الرواية الأولى من مراسيل الصدوق رحمه الله في كتاب من لا يحضره الفقيه وقد ذكر رحمه الله ان ما أورده فيه فهو حاكم بصحته ومعتقدا به حجة فيما بينه وبين الله تعالى فينبغي ان لا يقصر مراسيله عن
Sayfa 11
مراسيل ابن أبي عمير وان تعامل معاملتها ولا تطرح بمجرد الارسال نعم يمكن ان يقال إنه لا دلالة لتينك الروايتين على ما فهمه الأصحاب من أن النهي فيهما انما كان عن صب الماء في اليد لاحتمال كونه عن الصب على نفس العضو المغسول و يؤيده الاستشهاد بالآية الكريمة فان النهي فيها ظاهر في التحريم وكذا قوله (عليه السلام) توجر أنت وأوزر انا إذ لا وزر في فعل المكروه وبهذا يرتفع التعارض بينهما وبين الحديث الرابع المتضمن لصب أبي عبيده الماء في يد الباقر (عليه السلام) ولا يحتاج إلى حمله على الضرورة أو بيان الجواز والله أعلم بحقايق الأمور والاسدال في اللغة ارخاء الستر وطرف العمامة ونحوهما ومنه السديل وهو ما يرخى على الهودج ففي الكلام استعارة تبعية وما تضمنه الحديثان الأولان من ابتدائه (عليه السلام) بأعلى الوجه هو مستند جمهور الأصحاب على وجوب الابتداء بالأعلى لأنه (عليه السلام) في مقام البيان فوجب اتباعه ولما روي من أنه صلى الله عليه وآله لما توضأ الوضوء البياني قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ولأنه صلى الله عليه وآله لو بدء بغير الاعلى لتعين ولم يجز خلافه لهذه الرواية لكنه لم يقل به أحد فتعين ان يكون قد بدأ بالأعلى هذا خلاصة ما استدل به العلامة في المنتهى وذهب السيد المرتضى رضي الله عنه وابن إدريس إلى جواز الابتداء بغير الاعلى لاطلاق الآية وأصالة براءة الذمة ويمكن ان يقال من جانبهما في الجواب عن الدليل الأول ان مجرد ابتدائه (عليه السلام) بالأعلى لا يقتضي وجوبه كامراره (عليه السلام) اليد على الوجه ولم لا يجوز ان يكون ذلك من الأمور الجبلية فان كل من يغسل وجهه يغسله من الأعلى وأيضا فيجوز كون غسله (عليه السلام) من الأعلى لكونه أحد جزئيات المأمور به أعني مطلق الغسل لا لكونه عين المأمور به وعن الثاني انها رواية مرسلة لا تعويل عليها مع ظهور ان المراد لا يقبل الله الصلاة الا بمثله فالواجب أقل ما يصدق معه مماثلة الوضوئين ولا نسلم انتفاؤها رأسا بالبدءة بغير الاعلى وبه يظهر الجواب عن الثالث على أنه يجوز ان يكون (عليه السلام) بدء بالأسفل لبيان جوازه فيه وبما قررناه يعلم أن قول المرتضى رضي الله عنه غير بعيد عن الصواب وان كان العمل على المشهور بين الأصحاب وظني انه لو استدل على هذا المطلوب بان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع المتعارف و الشايع المتعارف في غسل الوجه غسله من فوق إلى أسفل فيصرف الامر به في قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم إليه لم يكن بعيدا والله أعلم وقوله ثم مسح بيده الجانبين جميعا ربما يوجد في بعض نسخ التهذيب الحاجبين والأول أصح وهو الموافق لما في الكافي و يمكن ان يستدل به على ما يلوح من كلام ابن الجنيد من وجوب امرار اليد على الوجه ولا يخفى ان الأدلة الثلاثة التي استدل بها العلامة على وجوب الابتداء بأعلى الوجه جارية بعينها هنا وما يرد عليها هناك يرد عليها هنا من غير فرق واستدل له في الذكرى بان المعهود من الغسل ما كان معه امرار اليد ثم أجاب عنه بان الغالب في استعمال الغسل وان كان ذلك لا يلزم منه وجوبه وفيه نظر فان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع الغالب كما مر فينبغي ان يحمل الغسل المأمور به على ذلك كما اعترف به وقوله ثم أعاد اليسرى في الاناء كان الظاهر أن يقول ثم ادخل اليسرى ولعله أطلق الإعادة على الادخال الابتدائي لمشاكلة قوله فيما بعد ثم أعاد اليسرى ليمنى ولا يشترط في المشاكلة تقدم المشاكل بالفتح على المشاكل بالكسر وان كان أكثريا الا ترى انهم صرحوا بان يمشي في قوله تعالى فمنهم من يمشي على بطنه لمشاكلة قوله تعالى ومنهم من يمشي على رجلين ويمكن ان يقال إنه أطلق الإعادة باعتبار كونها يدا لا باعتبار كونها يسرى وقوله في الحديث الثاني فدعا بقعب فيه شئ من ماء القعب بفتح القاف واسكان العين قدح من خشب وما تضمنه هذا الحديث من وضعه (عليه السلام) الاناء بين يديه يخالف ما
Sayfa 12
اشتهر من استحباب وضع الاناء على اليمنى واستدل عليه في المنتهى بما روى عن عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شانه كله وفيه انه لا يصلح لمعارضة مثل هذا الحديث الصحيح واستدل في المعتبر بان وضع الاناء على اليمين أمكن في الاستعمال وأنت خبير بعدم دلالته على الاستحباب وربما يستفاد من قوله فوضعها على يمينه جبينه وقوله ثم وضعه على مرفقه وامر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه عدم جواز النكس في كل من الوجه و اليدين وجوزه المرتضى رضي الله عنه وابن إدريس في الكل وقد عرفت الكلام فيه وفي قوله في آخر الحديث ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية (بلة) يمناه نوع اشعار بأنه (عليه السلام) مسح رأسه ببلة يمناه حيث قال في اليسرى بالبلة وفي اليمنى ببقيتها وهو ربما يعطي استحباب مسح الرأس باليمنى وقوله في آخر الحديث الثالث يعني به التعدي في الوضوء الظاهر أنه من كلام حماد لا من كلام من روى عنه ولعل مراد الإمام (عليه السلام) ان هذا الوضوء المشتمل على مسح الرجلين هو وضوء من لم يتعد حدود الله وان وضوء من يغسلهما وضوء من تجاوز عما ورد به الكتاب والسنة ويمكن على القول بعدم استحباب تثنية الغسلات ان يكون مراده (عليه السلام) ان مثل هذا الوضوء الخالي عن تثنيتها وضوء من لم يحدث في الوضوء ما ليس منه على ما سيجئ الكلام فيه عن قريب انشاء الله تعالى والفاء في قول أبي عبيدة وضأت أبا جعفر (عليه السلام) بجمع فناولته ماء فاستنجى ظاهر انها فاء التعقيب وهو لا يخلو من شئ فان الوضوء وقع عقيب الاستنجاء دون العكس فاما ان يراد من وضأت أردت التوضية كما قالوا في قوله تعالى كم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون من أنه بتأويل أردنا اهلاكها واما ان يصار إلى ما قاله بعض المحققين من النحاة من أن التعقيب في الفاء على نوعين حقيقي معنوي نحو جاء زيد فعمرو ومجازي ذكري وهو عطف مفصل على مجمل كقوله تعالى ونادى نوح ربه فقال رب ان ابني من أهلي فان التفصيل حقه ان يتعقب الاجمال وعلى هذا ففي كلام الراوي اشعار بان الاستنجاء يلحق بأفعال الوضوء و مقدماته فيتأيد به ان ماءه محسوب من الماء الذي يستحب به الوضوء كما قاله شيخنا الشهيد في الذكرى ولا يخفى ان هذا لا يتمشى على الوجه الأول وسيأتيك في هذا الباب كلام مشبع انشاء الله تعالى وجمع بفتح الجيم واسكان الميم المشعر الحرام المسمى بالمزدلفة روى عن الصادق (عليه السلام) سمي جمعا لان ادم (عليه السلام) جمع فيه بين المغرب والعشاء الفصل الثاني في تحديد الوجه والحكم في تخليل الشعر حديثان حديثان أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قلت له أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي ان يوضأ الذي قال الله عز وجل فقال الوجه الذي امر الله تعالى بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر وان نقص منه اثم ما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه فقلت له الصدغ من الوجه فقال لا قال زرارة قلت له أرأيت ما أحاط به الشعر فقال كل ما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه ولا ان يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء ب محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال سألته عن الرجل يتوضأ أيبطن لحيته قال لا أقول وكل من الموصولين في قول زرارة الذي قال الله عز وجل وفي قول الإمام (عليه السلام) الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه نعت بعد نعت للوجه وجملة الشرط والجزاء في قوله (عليه السلام) ان زاد عليه لم يوجر صلة بعد صلة وتعدد الصلة وان لم يكن بين النحاة مشهور الا انه لا مانع منه وقد ذكر بعض المحققين في قوله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين تجويز كون جملة أعدت صلة ثانية للتي والقصاص بالتثليث منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه
Sayfa 13
ومؤخره والمراد هنا المقدم وهو يأخذ من كل جانب من آخر الناصية ويرتفع عن النزعة إلى أن يتصل بمواضع التحذيف ويمر فوق الصدغ ويتصل بالعذار واما ما يرتفع من الاذن فداخل في المؤخر والذقن بالتحريك مجمع اللحيتين اللذين فيهما منابت الأسنان السفلى والذي استفاده الأصحاب رضوان الله عليهم من هذه الرواية ان الحد الطولى للوجه من القصاص إلى طرف الذقن والحد العرضي ما حواه الابهام والوسطى وهذا التحديد يقتضي بظاهره دخول النزعتين و الصدغين والعارضين ومواضع التحذيف في الوجه وخروج العذارين عنه لكن النزعتان وان كانتا تحت القصاص فهما خارجتان عن الوجه عند علمائنا ولذلك اعتبروا قصاص الناصية وما على سمته من الجانبين في عرض الرأس واما الصدغان فهما وان كانا تحت الخط العرضي المار بقصاص من الناصية ويحويهما الإصبعان غالبا الا انهما خرجا بالنص واما العارضان فقد قطع العلامة في المنتهى بخروجهما وشيخنا الشهيد في الذكرى بدخولهما وربما يستدل على الدخول بشمول الإصبعين لهما واما مواضع التحذيف فقد أدخلهما بعضهم لاشتمال الإصبعين عليها غالبا ووقوعهما تحت ما يسامت قصاص الناصية وأخرجها آخرون لنبات الشعر عليهما متصلا بشعر الرأس وبه قطع العلامة في التذكرة واما العذاران فقد أدخلهما بعض المتأخرين وقطع المحقق والعلامة بخروجهما للأصل ولعدم اشتمال الإصبعين عليهما غالبا وعدم المواجهة بهما وإذا تقرر هذا ظهر لك ان ما فهمه الأصحاب رضي الله عنهم من هذه الرواية يقتضي خروج بعض الاجزاء عن حد الوجه مع دخوله في التحديد الذي عينه (عليه السلام) فيها ودخول البعض فيه مع خروجه من التحديد المذكور وكيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عن الإمام (عليه السلام) فلا بد من امعان النظر في هذا المقام وقد لاح لي من الرواية معنى آخر يسلم به التحديد عن القصور ودلالة الرواية عليه في غاية الظهور وهو ان كلا من طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه الابهام والوسطى بمعنى ان الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين الإصبعين غالبا إذا فرض اثبات وسطه وأدير على نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله وذلك لان الجار والمجرور في قوله (عليه السلام) من قصاص شعر الرأس اما متعلق بقوله دارت أو صفة مصدر محذوف والمعنى ان الدوران تبدء من القصاص منتهيا إلى الذقن واما حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه وهو لفظ ما ان جوزنا الحال عن الخبر والمعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن فإذا وضع طرف الوسطى مثلا على قصاص الناصية وطرف الابهام إلى آخر الذقن ثم أثبت وسط انفراجهما ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب الأيسر إلى أسفل ودار طرف الابهام على الجانب الأيمن إلى فوق تمت الدائرة المستفادة من قوله (عليه السلام ) مستديرا وتحقق ما نطق به قوله (عليه السلام) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وبهذا يظهر ان كلا من طول الوجه وعرضه قطر من أقطار تلك الدائرة من غير تفاوت ويتضح خروج النزعتين والصدغين عن الوجه وعدم دخولهما في التحديد فان أغلب الناس إذا طبق انفراج الإصبعين على ما بين قصاص الناصية إلى طرف ذقنه وأدارهما على ما قلناه ليحصل شبه دائرة وقعت النزعتان والصدغان خارجة عنها و كذلك يقع العذاران ومواضع التحذيف كما يشهد به الاستقراء والتتبع واما العارضان فيقع بعضها داخلها والبعض خارجا عنها فيغسل ما دخل ويترك ما خرج على ما يستفاد من الرواية وحينئذ يستقيم التحديد المذكور فيها ويسلم عن القصور ولا يدخل فيه ما هو خارج ولا يخرج ما هو داخل فتأمل في ذلك فإنه بالتأمل حقيق والله سبحانه اعلم بحقايق الأمور وما تضمنه الحديث
Sayfa 14
من قوله (عليه السلام) كلما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه وكذا ما تضمنه الحديث الثاني من عدم وجوب تبطين اللحية اي ايصال الماء إلى باطنها وهو مستند الأصحاب رضوان الله عليهم في عدم وجوب تخليل الشعر الكثيف وفسر بما لا تتراءى البشرة خلاله في مجالس التخاطب لكنهم اختلفوا في وجوب تخليل الخفيف وفسر بما يقابل تفسير الكثيف فالمرتضى رضي الله عنه وابن الجنيد والعلامة في القواعد والمختلف والتذكرة على الوجوب والشيخ والمحقق والعلامة في المنتهى وشيخنا الشهيد في الذكرى والدروس على العدم وهو المشهور واستدل في الذكرى بان الوجه اسم لما يواجه به فلا يتبع غيره وبهاتين الصحيحتين وبما رووه من أن النبي صلى الله عليه وآله توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه ولا يبلغ الغرفة الواحدة أصول الشعر وخصوصا مع أن النبي صلى الله عليه وآله كان كث اللحية كما وصفه به علي (عليه السلام) ولأن كل شعرة تستر ما تحتها ضرورة فلا يجب غسله كالساتر للجميع لقيام المواجهة به هذا كلامه وفيه نظر لان دليله الأول انما يجري بظاهره في الكثيف وليس النزاع فيه والعلاوة التي ظنها مؤيدة لدليله الثالث تأييدها غير ظاهر بل الظاهر خلافه وقوله في الرابع ان كل شعرة تستر ما تحتها ان أراد ان أصلها تستر نفس منبتها الحقيقي فليس الكلام فيه وان أراد ان الشعرة تستر شعاع البصر عن الوقوع على ما يحاذيها من اجزاء الوجه فان أراد اجزاء شخصية بعينها في كل مجالس التخاطب فالخفيف ليس كذلك فان المستورية تتبدل بتبدل مجلس التخاطب بل بأدنى حركة بين الرائي والمرئي يظهر ما كان مستورا ويستر ما كان ظاهرا وان أراد اجزاء نوعية متبدلة الافراد بتبدل المجالس توجه المنع إلى الكبرى لحصول المواجهة بها في بعض الأوقات ثم اعلم أنه لا خلاف بين الفريقين في وجوب غسل ما لا يرى من البشرة خلال الشعر في مجلس التخاطب وفي عدم وجوب غسل ما لا يرى منها ومن هنا قال بعض مشايخنا رضي الله عنهم ان النزاع في هذه المسألة قليل الجدوى وأنت خبير بأنه لو جعل النزاع في وجوب غسل ما يستره الشعر الخفيف في بعض المجالس دون بعض كما يلوح من كلامهم لم يكن بعيدا ولا يكون النزاع قليل الجدوى ومنشأوه حينئذ ان عدم المواجهة به في بعض الأوقات هل يؤثر في سقوط غسله أم لا وان قوله (عليه السلام) كلما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه هل يراد به الإحاطة الدائمية أو في الجملة لكن الظاهر أن المراد الإحاطة الدائمية وان المواجهة به في بعض الأوقات كافية في ايجاب غسله وحينئذ فيقوى مذهب المرتضى (رض) مع أنه أقرب إلى سلوك سبيل الاحتياط والله أعلم الفصل الثالث فيما يمسح من الرأس والقدم وجواز النكس فيهما عشرة أحاديث أ من الصحاح زرارة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) الا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين في القدم فضحك ثم قال يا زرارة قال رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به (بها) الكتاب من الله لان الله عز وجل يقول فاغسلوا وجوهكم فعلمنا ان الوجه كله ينبغي ان يغسل ثم قال وأيديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالراس كما وصل اليدين بالوجه فقال وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلهما بالراس ان المسح على بعضهما ب زرارة وأخوه بكير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك ج حماد بن عثمن عيسى عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يتوضأ وعليه العمامة قال يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه د زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) المرأة يجزيها من مسح الرأس ان تمسح مقدمه مقدار ثلاث أصابع ولا تلقى عنها خمارها ه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال
Sayfa 15
سألته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم فقلت جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه (هكذا) فقال لا الا بكفه وحماد بن عثمن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و مدبرا ز حماد بن عثمن أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا ح زرارة قال (قال) أبو جعفر عليه السلام ان الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمناك (يمينك) ظهر قدمك اليمنى وتمسح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسرى ط معمر بن خلاد قال سألت أبا الحسن (الرضا) (عليه السلام) يجزى الرجل ان يمسح قدميه بفضل رأسه فقال برأسه لا فقلت بماء جديد فقال برأسه نعم ى من الموثقات أبو بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسح الرأس فقلت امسح بما في يدي من الندا رأسي قال لا بل تضع يدك في الماء ثم تمسح أقول وقد يظن أن ما تضمنه الحديث الأول من قول زرارة للباقر (عليه السلام) الا تخبرني من أين علمت ينبئ عن سوء أدبه وقلة احترامه للإمام (عليه السلام) وهو قدح عظيم في شأنه وجوابه ان زرارة رضي الله عنه أوضح حالا وارفع قدرا من أن يظن به ذلك ولكنه كان ممتحنا بمخالطة علماء العامة وكانوا ربما بحثوا معه في بعض المسائل وطالبوه عليها بالدلايل التي ربما عجز عنها فأراد ان يستفيد من الإمام (عليه السلام) ما يسكتهم به ويرد شبهاتهم ويخلص من تعجيزهم فعبر بتلك العبارة من دون تأمل معتمدا على رسوخ عقيدته واثقا بعلم الإمام (عليه السلام) بما قصده بذلك السؤال وربما قرئ قوله من أين علمت وقلت بتاء المتكلم اي أخبرني بمستند علمي بذلك ودليل قولي به فاني جازم بالمدعى غير عالم بدليله وعلى هذا فلا اشكال وفي ضحكه (عليه السلام) عند سماع كلامه هذا نوع تأييد لهذا الوجه وقوله (عليه السلام) ثم فصل بين الكلامين اي غاير بينهما بادخال الباء في الثاني دون الأول وهو يعطي كون الباء في الآية للتبعيض فلا يلتفت إلى كلام من جعلها فيها لمطلق الالصاق واما قول سيبويه في سبعة عشر موضعا من كتابه ان الباء لم تجئ للتبعيض في لغة العرب فمع كونه شهادة على نفي يكذبه اصرار الأصمعي على مجيئها له وهو أشد انسا بكلام العرب واعرف بمقاصدهم من سيبويه وقد وافق الأصمعي كثير من النحاة وجعلوها في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله للتبعيض وناهيك بما تضمنه هذا الحديث حجة لهم وقوله (عليه السلام) في الحديث الثاني ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع يدل على عدم وجوب ادخال الكعبين في المسح وهو مختار المحقق في المعتبر وذهب العلامة في المنتهى إلى وجوبه وأجاب عما دل عليه هذا الحديث بان مثل ذلك قد يستعمل فيما يدخل فيه المبدء كقولك له عندي ما بين واحد إلى عشرة فان الواحد داخل قطعا وهو كما ترى ولا ريب ان الدخول أحوط وما تضمنه الحديث الثالث من رفع العمامة يراد به تنحيتها عن محل المسح إلى قدام لا رفعها عنه إلى فوق بقرينة قوله (عليه السلام) بقدر ما يدخل إصبعه ويجوز قراءته بكسر الخاء ونصب الإصبع بالمفعولية وبضمها ورفعه بالفاعلية وما تضمنه الحديث الرابع من اجزاء مسح المرأة بثلث أصابع يمكن ان يستدل به للشيخ في النهاية وابن بابويه من وجوب المسح بثلث أصابع وعدم اجزاء الأقل مع الاختيار ويؤيده رواية معمر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال يجزي المسح على الرأس موضع ثلث أصابع وكذلك الرجل ويمكن حملها على الاستحباب عملا بالمشهور بين الأصحاب المعتضد بالأخبار الصحيحة الصريحة وسلوك سبيل الاحتياط أولى و ما تضمنه ظاهر الحديث الخامس من وجوب مسح الرجلين بكل الكف لا اعرف به قائلا من أصحابنا ونقل المحقق في المعتبر و العلامة في التذكرة الاجماع على الاجتزاء بمسمى المسح ولو بإصبع واحدة فحمل ما تضمنه الحديث على الاستحباب لا بأس به
Sayfa 16
ويكون قوله (عليه السلام) لا الا بكفه من قبيل قوله (عليه السلام) لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد كما قاله العلامة في المنتهى تبعا للشيخ في التهذيب وقال في قول السائل قال بإصبعين من أصابعه بمعنى فعل واعلم أن العلامة في المختلف استدل بهذا الحديث من جانب القائلين بعدم الاجتزاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة بعدما نسب الاجتزاء به فيهما إلى الشهرة وهو يقتضي وقوع الخلاف بين أصحابنا في الرجلين أيضا ولا ينافيه الاجماع المنقول في الكتابين إذ وجود المخالف لا يقدح في انعقاد الاجماع عندنا وقد ظن بعض الأصحاب ان استدلاله طاب ثراه بذلك الحديث انما هو من جانب الشيخ وابن بابويه على عدم الاجتزاء في مسح الرأس بأقل من ثلث أصابع فاعترض عليه بأنه لا دلالة في ذلك الحديث على المدعى بوجه وما تضمنه الحديث السادس والسابع من جواز النكس في مسح الرأس والرجلين هو المشهور بين المتأخرين وقال الشيخ في النهاية والخلاف والمرتضى في الانتصار بعدم جواز استقبال الشعر في مسح الرأس خروجا من الخلاف ونقل عن ظاهر ابن بابويه والمرتضى عدم جواز النكس في مسح الرجلين أيضا و هما ضعيفان وما تضمنه الحديث الثامن من المسح ببقية البلل مما انعقد عليه اجماع (عنا) أصحابنا بعد ابن الجنيد وهذا هو المستند في هذا الباب واما استدلال المحقق في المعتبر بان الامر بالمسح مطلق والمطلق للفور والآتيان به ممكن من غير استيناف ماء فيجب الاقتصار عليه تحصيلا للامتثال فأنت خبير بان للبحث فيه مجالا واسعا إذ على تقدير كون الامر في الآية للفور لا يخل به اخذ الماء قطعا وهو ظاهر واما استدلال الأصحاب بالروايات الواردة في الوضوء البياني المتضمنة للمسح ببقية البلل كصحيح زرارة وأبي عبيد ة الحذاء وغيرهما ففيه ان لابن الجنيد ان يقول إن تلك الروايات انما تنهض دليلا لو ثبت ان مسح الإمام (عليه السلام) ببقية البلل انما كان لتعينه وعدم جواز غيره ولم لا يجوز ان يكون فعله (عليه السلام) له لكونه (أحد)؟ جزئيات الكلي المأمور به وبعض الأصحاب لما تفطن بهذا عدل عن الاستدلال بتلك الروايات إلى الاستدلال بهذا (الدليل)؟ وقال إن الجملة الخبرية يعني قوله (عليه السلام) وتمسح ببلة يمناك ناصيتك هنا بمعنى الامر وهو يقتضي الوجوب ولا يخفى ان لابن الجنيد ان يقول انما يتم التقريب لو تعين كون الجملة الخبرية هنا بمعنى الانشاء ولم يجز كون الفعل فيها معطوفا على ثلث غرفات ومندرجا تحت قوله (عليه السلام) فقد يجزيك اما على هذا التقدير فلا إذ لا كلام في اجزاء المسح ببلل الوضوء انما الكلام في تعينه وعطف الفعل على الاسم باضمار ان من الأمور الشايعة في الكلام السايغة عند النحاة كما في البيت المشهور للبس عباءة وتقر عيني * * أحب إلي من لبس الشفوف يعطف تقر بالنصب على لبس وبهذا يظهر ان ما ظنه بعض الأصحاب من دلالة هذه الرواية على أولوية مسح القدم اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى غير ظاهر والله أعلم بحقائق الأمور وما تضمنه الحديث التاسع والعاشر من النهي عن المسح ببقية البلل والامر بالاستيناف لا يخلو من اشكال والشيخ حملهما على التقية ثم قال ويحتمل ان يكون أراد بالخبر الثاني من قوله بل تضع يدك في الماء الماء الذي بقي في لحيته أو حاجبيه هذا كلامه واستبعده والدي ره في حواشي الاستبصار لان المسائل قال امسح بما في يدي من النداء فكيف ينهاه (عليه السلام) عن ذلك ويأمره بالأخذ من لحيته أو حاجبيه ولا يخفى ان الاحتمال الأول أيضا في نهاية البعد لان السائل قال يمسح قدميه بفضل رأسه وهو صريح في عدم الجفاف وفي حمل الخبر الأول على التقية اشكال لتضمنه مسح القدمين والعامة لا يمسحونهما لا ببقية البلل ولا بماء جديد فان قلت إنهم يجوزون اطلاق المسح على الغسل فيمكن تنزيل الكلام على ما يوافق زعمهم الفاسد قلت ما تضمنه الحديث من
Sayfa 17
المسح بفضل الرأس يأبى هذا التنزيل كما لا يخفى فلو نزل على مسح الخفين لكان أولى والذي ما زال يختلج بخاطري ان ايماءه (عليه السلام) برأسه نهى لمعمر بن خلاد عن هذا السؤال لئلا يسمعه المخالفون الحاضرون في المجلس فإنهم كانوا كثيرا ما يحضرون مجالسهم (عليه السلام) فظن معمر انه (عليه السلام) انما نها عن المسح ببقية البلل فقال أبماء جديد فسمعه الحاضرون فقال (عليه السلام) برأسه نعم ومثل هذا يقع في المحاورات كثيرا والله أعلم بحقايق الأمور الفصل الرابع في تعيين الكعبين ثلاثة أحاديث أ من الصحاح زرارة وأخوه بكير عن أبي جعفر (عليه السلام) انهما سألاه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء ثم حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن انتهى إلى المسح قالا قلنا له أصلحك الله فأين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون الساق قلنا هذا ما هو قال (هذا) عظم الساق ب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سألته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم ج من الحسان ميسرة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم أقول الطست يروى بالسين والشين معا والتور اناء يشرب منه و لفظة دون في قول الأخوين دون عظم الساق اما بمعنى تحت أو بمعنى عند أو بمعنى غير وقوله في الحديث الثاني إلى ظهر القدم تفسير وبيان لقوله إلى الكعبين وليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه كما يقال لما ارتفع وغلظ من الأرض ظهر بخلاف ظهر القدم في الحديث الثالث فإنه لا مانع فيه من إرادة كل من المعنيين وما تضمنه من قوله (عليه السلام) الوضوء واحدة واحدة مما يستدل به القائلون من أصحابنا بعدم استحباب الغسلة الثانية كالصدوق والكليني قدس الله روحهما وسنتكلم فيه عن قريب انشاء الله تعالى ولابد في هذا المقام من الكلام في تحقيق الكعب فإنه من المعارك العظيمة بين العلامة أعلى الله مقامه وبين من تأخر منه من علمائنا نور الله مراقدهم فلا بأس باطلاق عنان القلم في هذا الجدال فعسى ان تنحسم به مواد القيل والقال فأقول وبالله العصمة والتوفيق الكعب يطلق على معان أربعة الأول العظم المرتفع في ظهر القدم الواقع فيما بين المفصل والمشط الثاني بين الساق والقدم الثالث عظم مائل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق و القدم له زائدتان في أعلاه يدخلان في حفرتي قصبة الساق أو زائدتان في أسفله يدخلان في حفرتي العقب وهو نأت في وسط ظهر القدم أعني وسطه العرضي ولكن نتوه غير ظاهر لحس البصر لارتكاز أعلاه في حفرتي الساق وقد يعبر عنه بالمفصل أيضا اما لمجاورته له أو من قبيل تسمية الحال باسم المحل الرابع أحد الناتيين عن يمين القدم وشماله اللذين يقال لهما المنجمين وهذا المعنى الأخير هو الذي حمل أكثر العامة الكعب في الآية عليه وأصحابنا رضي الله عنهم مطبقون على خلافه واما المعاني الثلاثة الأول فكلامهم قدس الله أرواحهم لا يخرج عنها وان كان بعض عباراتهم أشد انطباقا على بعضها من بعض فالمعنى الأول ذكره من أصحابنا اللغويين عميد الرؤساء في كتابه الذي الفه في الكعب وصريح عبارة المفيد طاب ثراه منطبق عليه فإنه قال الكعبان هما قبتا القدمين امام الساقين ما بين المفصل والمشط والمعنى الثاني ذكره جماعة من أهل اللغة كصاحب القاموس حيث قال الكعب كل مفصل العظام والرواية الأولى ظاهرة فيه وهو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن الجنيد والمعنى الثالث هو الذي يكون في أرجل البقر والغنم أيضا وربما يلعب به الناس كما قاله صاحب القاموس وهو الذي بحث عنه علماء التشريح وقال به الأصمعي ومحمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة
Sayfa 18
في كتبهم وهو الكعب على التحقيق عند العلامة طاب ثراه وعبر عنه في بعض كتبه بحد المفصل وفي بعضها بمجمع الساق و القدم بالناتي وسط القدم وفي بعضها بالمفصل وصب عبارات الأصحاب عليه وقال في المنتهى بعد ما فسره بالناتي في وسط القدم قد تشتبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى الكعب والضابط فيه ما رواه زرارة وبكير في الصحيح ثم أورد الرواية الأولى وقال في المختلف يراد بالكعبين هنا المفصل بين الساق والقدم وفي عبارة علمائنا اشتباه على غير المحصل واستدل بتلك الرواية وبان استيعاب ظهر القدم كما يعطيه بعض الروايات يوجب الانتهاء إليه وانما عبر قدس روحه عنه بالمفصل لموافقة الرواية ولئلا يشتبه بالمعنى الأول وأيضا فالمفصل أظهر للحس والمسح إليه مسح إلى المفصل في الحقيقة وأراد قدس الله روحه باشتباه عبارة علمائنا انها لما كانت مجمله بحيث يحتمل المعنى الأول والثالث بل ظاهرها أقرب إلى الأول وقع الاشتباه فيها على غير المحصلين فحملوها على المعنى الأول والتحقيق يقتضي حملها على الثالث وهو الذي انطبق على الرواية الصحيحة واعتضد بكلماء علماء التشريح وشاع نسبته إلى كل من قال بالمسح ولا باس بنقل عبارات بعض الأصحاب ليظهر في الجملة ويتضح انها غير أبية على الانطباق على ما ذكره قدس الله روحه قال ابن الجنيد الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدام العرقوب وقال السيد المرتضى رضي الله عنه الكعبان هما العظمان الناتيان في ظهر القدم عند معقد الشراك وقال الشيخ الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط القدم وقال أبو الصلاح الكعبان معقد الشراك وقال ابن أبي عقيل الكعبان ظهر القدم وقال ابن إدريس الكعبان هما العظمان اللذان في ظهر القدمين عند معقد الشراك وقال المحقق في المعتبر الكعبان عندنا هما العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقدا الشراك ثم استدل على ذلك بالرواية الأولى كما فعل العلامة في المنتهى والمختلف هذه عبارات أصحابنا رضي الله عنهم ولا يخفى عدم إبائها عن الانطباق على ما قاله العلامة طاب ثراه فإنه قدس الله روحه لا ينكر ان الكعب عظم نأت في وسط القدم كيف وقد فسره بذلك في المنتهى والتذكرة وغيرهما ولكنه يقول ليس هو العظم الواقع امام الساق بين المفصل والمشط بل هو العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم وهو الذي ذكره المشرحون وغيرهم وأنت خبير بان تنزيل عبارات الأصحاب على هذا المعنى غير بعيد نعم عبارة المفيد رحمه الله صريحة في المعنى الأول فذكره لها في المختلف في بعض هذه العبارات ليس على ما ينبغي ولعله طاب ثراه حمل المشط في كلامه على نفس القدم وجعل قوله امام الساقين بالنظر إلى امتداده القامة لكنه محمل بعيد والله أعلم بحقايق الأمور واعلم أن كتب العامة مشحونة بذكر ما ذهب إليه علماء الخاصة رضي الله عنهم من أن الكعب هو ذلك العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم المعبر عنه بالمفصل قال الفخر الرازي في تفسيره عند قوله تعالى وأرجلكم إلى الكعبين قالت الامامية وكل من ذهب إلى وجوب المسح ان الكعب عبارة عن عظم مستدير مثل كعب البقر والغنم موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم وهو قول محمد بن الحسن وكان الأصمعي يختار هذا القول ثم قال حجة الامامية ان اسم الكعب يطلق على العظم المخصوص الموجود في أرجل جميع الحيوانات فوجب ان يكون في حق الانسان كذلك والمفصل يمسى كعبا ومنه كعاب الرمح لمفاصله فوجب ان يكون الكعب انتهى كلامه وقال صاحب الكشاف عند تفسير هذه الآية لو أريد المسح لقيل إلى الكعاب لان الكعب هناك مفصل القدم وهو واحد في كل رجل فان أريد
Sayfa 19
كل واحد فالافراد والا فالجمع انتهى وكلامه وشبهته هذه ضعيفة فإنه يجوز كون التثنية بالنظر إلى كل متوضي وقال النيشابوري في تفسيره ان الامامية وكل من قال بالمسح ذهبوا إلى أن الكعب عظم مستدير تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم والمفصل يمسى كعبا ومنه كعوب الرمح لمفاصله ثم قال إن العظم المستدير الموضوع في المفصل الذي تقوله الامامية شئ خفي لا يعرفه الا علماء التشريح هذا حاصل كلامه وليس الغرض من نقل كلام هؤلاء الاستدلال على أن مذهب أصحابنا رضي الله عنهم في الكعب هو ما نسبه العلامة طاب ثراه إليهم فإنه قدس الله روحه مصدق في تلك النسبة غير محتاج إلى التأييد بموافقة العامة له (يقينا)؟؟ وتلك الرواية الصحيحة الخالية عن المعارض مساعدة له على ذلك وانما الغرض ان نسبة هذا القول إلى أصحابنا رضي الله عنهم مما اشتهر بين العامة أيضا والله أعلم بحقايق الأمور واعلم أن شيخنا الشهيد في الذكرى وشيخنا الشيخ علي في شرح القواعد وشيخنا الشهيد الثاني في شرح الارشاد بسطوا لسان التشنيع على العلامة في هذا القول ونسبوه إلى خرق الاجماع على أنه لم يقل أحد من أصحابنا بموجبه وان عباراتهم ناطقة بخلاف ما ادعاه ولا باس بنقل كلام هؤلاء المشايخ الثلاثة قدس الله أرواحهم وان اتسع به نطاق الكلام قال شيخنا الشهيد في الذكرى تفرد الفاضل رحمه الله بان الكعب هو المفصل بين الساق والقدم وصبت عبارات الأصحاب كلها عليه وجعله مدلول كلام الباقر (عليه السلام) محتجا برواية زرارة عن الباقر (عليه السلام) المتضمنة لمسح ظهر القدمين و هو يعطي الاستيعاب وبأنه أقرب إلى حد أهل اللغة وجوابه ان الظهر المطلق هنا يحمل على المقيد لان استيعاب الظهر لم يقل به أحد منا وقد تقدم قول الباقر (عليه السلام) إذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك ورواية زرارة وأخيه بكير وقال في المعتبر لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يكفي المسمى من رؤس الأصابع إلى الكعبين ولو بإصبع واحدة وهو اجماع فقهاء أهل البيت (عليه السلام) ولأن الرجلين معطوفة على الرأس الذي يمسح بعضه فيعطيان حكمه ثم قال شيخنا الشهيد وأهل اللغة ان أراد بهم لغوية العامة فهم مختلفون وان أراد بهم لغوية الخاصة فهم متفقون على ما ذكرنا حسبما مر ولأنه احداث قول ثالث مستلزم لرفع ما أجمع عليه الأمة لان الخاصة على ما ذكرنا والعامة على أن الكعبين ما نتا عن يمين الرجل وشمالها انتهى كلام شيخنا الشهيد طاب ثراه ولعمري انه قد بلغ في التشنيع أقصى غاياته ونعم ما فعل حيث رجع عن هذا وقال في الرسالة بمقالة العلامة فكأنه لاح عليه بعض ما تلونا عليك وقد وافقه في ذلك صاحب كنز العرفان وقال شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره في شرح القواعد ما ذكره في تفسير الكعبين خلاف ما عليه جميع أصحابنا و هو من متفرداته مع أنه ادعى في عدة من كتبه انه المراد في عبارات الأصحاب وان كان فيها اشتباه على غير المحصل واستدل عليه بالاخبار وكلام أهل اللغة وهو عجيب فان عبارات الأصحاب صريحة في خلاف ما يدعيه ناطقة بان الكعبين هما العظمان الناتيان في ظهر القدم امام الساق حيث يكون معقد الشراك غير قابلة للتأويل والاخبار صريحة في ذلك وكلام أهل اللغة مختلف وان كان اللغويون من أصحابنا لا يرتابون في أن الكعب هو الناتي في ظهر القدم وقد أطنب عميد الرؤساء في كتاب الكعب في تحقيق ذلك وأكثر من الشواهد عليه على أن القول بان الكعب هو المفصل بين الساق والقدم ان أراد ان نفس المفصل هو الكعب لم يوافق مقالة أحد من الخاصة والعامة ولا كلام أهل اللغة ولم يساعد عليه الاشتقاق فإنهم قالوا إن اشتقاقه
Sayfa 20
من كعب إذا ارتفع ومنه كعب ثدي الجارية وان أراد ان ما نتا عن يمين القدم وشماله هو الكعب كمقالة العامة لم يكن المسح منتهيا إلى الكعبين انتهى كلامه طاب ثراه وقال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الارشاد بعد أن أورد روايتين دالتين على أن الكعب في ظهر القدم لا ريب ان الكعب الذي يدعيه المصنف ليس في ظهر القدم وانما هو المفصل بين الساق والقدم والمفصل بين الشيئين يمتنع ان يكون في أحدهما والعجب منه حيث قال في المختلف ان في عبارة أصحابنا اشتباها على غير المحصل مشيرا إلى أن المحصل لا يشتبه عليه ان مرادهم بالكعب المفصل بين الساق والقدم وان من لم يفهم ذلك من كلامهم لم يكن محصلا ثم حكى كلام جماعة منهم والحال ان المحصل لو حاول فهم ذلك من كلامهم لم يجد إليه سبيلا ولم يقم عليه دليلا انتهى كلامه زيد اكرامه ولا يخفى ان حاصل ما شنعوا به على العلامة طاب ثراه يدور على سبعة أمور الأول ان ما ذهب إليه مخالف لما أجمع عليه أصحابنا بل لما أجمع عليه الأمة من الخاصة والعامة وهذا من أقبح التشنيعات الثاني انه مخالف للاخبار خالفة الاخبار الصريحة الثالث انه مخالف لكلام أهل اللغة إذ لم يقل أحد منهم ان المفصل كعب الرابع انه مخالف للاشتقاق من كعب إذا ارتفع الخامس انه زعم أن عبارات الأصحاب تنطبق على ما ادعاه مع أنها ناطقة بما يخالف دعواه غير قابلة للتأويل السادس ان الكعب في ظهر القدم والمفصل الذي ادعى انه الكعب ليس في ظهر القدم السابع ان قوله بوجوب استيعاب ظهر القدم بالمسح مخالف للنص والاجماع رضى لله عنهم ان تحقق فإنما تحقق على أن الكعب عظم نأت في ظهر القدم عند معقد الشراك والعلامة طاب ثراه قائل به ومصرح بذلك في كتبه كما تلوناه عليك قبيل هذا وتحقق الاجماع على ما وراء ذلك مما ينافي كلامه ممنوع وعن الثاني انه لا خبر في هذا الباب أصرح من خبر الأخوين وعدم مخالفته لكلامه قدس الله روحه ولا يخفى على المشهور والعجب من شيخنا الشهيد طاب ثراه كيف أهمله عند ذكر دلائل العلامة مع أنه أقوى دلائله واما الاخبار المتضمنة لكون الكعب في ظهر القدم فظاهر انها لا تخالف كلامه فان الكعب واقع عنده في ظهر القدم غير خارج عنه على أن قول ميسر بضم الميم وفتح الياء المثناة التحتانية وكسر السين المهملة المشددة في الحديث الثالث ان الباقر (عليه السلام) وصف الكعب في ظهر القدم يعطي ان الإمام (عليه السلام) ذكر للكعب أوصافا ليعرفه الراوي بها ولو كان الكعب هذا الارتفاع المحسوس المشاهد لم يحتج إلى الوصف بل كان ينبغي ان يقول هو هذا وقس عليه قوله صلى الله عليه وآله في الحديث الأول هيهنا بالإشارة إلى مكانه دون الإشارة إليه و عن الثالث ان صاحب القاموس وغيره صرحوا بان المفصل يسمى كعبا كما مر وما ذكره صاحب القاموس لصحاح من أن الكعب هو العظم الناتي عند ملتقى الساق والقدم لا ينافي كلامه طاب ثراه وكذا ما ذكره صاحب القاموس من أن الكعب هو العظم الناتي فوق القدم وعن الرابع ان دعوى المخالفة غير مسموعة وحصول الارتفاع فيما قاله ظاهر وعن الخامس ان كون تلك العبارات ناطقة بخلاف ما ادعاه ممنوع وتطبيقها عليه غير محتاج إلى التأويل نعم تطبيق عبارة المفيد على ذلك محتاج إلى ضرب من التأويل كما مر وعن السادس بما مر في الجواب عن الثاني وعن السابع ان المخالف للنص والاجماع انما هو القول بوجوب استيعاب كل ظهر القدم طولا وعرضا والعلامة غير قائل به بل نقل الاجماع على خلافه قال في المنتهى لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل الواجب من رؤس الأصابع إلى الكعب ولو بإصبع واحدة وهو مذهب
Sayfa 21
علمائنا أجمع وانما قال طاب ثراه بوجوب الاستيعاب الطولي يعني ايصال خط المسح من رؤس الأصابع إلى الكعب على أن يكون الكعب داخلا في الممسوح وهذا مما لم ينعقد اجماع على خلافه وانما أطنبنا الكلام في هذا المقام لأنه بذلك حقيق ومن الله الإعانة والتوفيق الفصل الخامس في ترتيب الوضوء أربعة أحاديث أ من الصحاح زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) تابع بين الوضوء كما قال الله عز وجل ابدء بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس والرجلين ولا تقدمن شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به فان غسلت الذراع قبل الوجه فاغسل الوجه واعد على الذراع وان مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرجل ثم أعد على الرجل ابدء بما بدء الله عز وجل به ب منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يتوضأ فيبدء بالشمال قبل اليمين قال يغسل اليمين ويعيد اليسار ج من الحسان محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) على أنه ذكر المسح فقال امسح على مقدم رأسك وامسح على القدمين وابدء بالشق الأيمن د الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا نسي الرجل ان يغسل يمينه فغسل شماله و مسح رأسه ورجليه فذكر بعد ذلك غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه ولا يعيد على ما كان قد توضأ وقال اتبع وضوءك بعضه بعضا أقول المراد بالمتابعة بين الوضوء في الحديث الأول المتابعة بين أفعاله على حذف مضاف اي اجعل بعض أفعاله تابعا اي مؤخر أو بعضها متبوعا اي مقدما من قولهم تبع فلان فلانا اي مشى خلفه وليس المراد المتابعة بالمعنى المتعارف بين الفقهاء أعني أحد فردي الموالاة الذي جعلوه قسيما لمراعاة الجفاف وينبغي ان يقرأ قوله (عليه السلام) تخالف ما أمرت به بالرفع على أن الجملة حال من فاعل تقدمن كما في قوله تعالى فذرهم في طغيانهم يعمهون أو على أنها مستأنفة كما قالوه في قول الشاعر وقال رائدهم ارسوا نزاولها واما قراءته مجزوما على أنه جواب النهي كما في نحو لا تكفر تدخل الجنة فممنوع عند جمهور النحاة لان الجزم في الحقيقة انما هو بان الشرطية المقدرة ولا يجوز ان يكون التقدير ان لا تقدمن شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به لأنه من قبيل لا تكفر تدخل النار وهو ممتنع عندهم ولا عبرة بخلاف الكسائي في ذلك ثم لا يخفى ان هذا الحديث انما دل على تقديم الوجه على اليدين وهما على مسح الرأس وهو على الرجلين واما تقديم غسل اليد اليمنى على اليسرى فمسكوت عنه هنا والحديث الثاني نص فيه وعطفه على الرجلين بالواو يراد منه معنى الترتيب كما يدل عليه قوله (عليه السلام) وان مسحت الرجل الخ وقوله (عليه السلام) ابدأ بما بدء الله به وما تضمنه الحديث الثالث من قوله (عليه السلام) وابدأ بالشق الأيمن يدل على وجوب تقديم الرجل اليمنى على اليسرى كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب إذ الامر للوجوب وقوله (عليه السلام) في الحديث الرابع ولا يعيد على ما كان قد توضأ يراد منه انه لا يعيد على العضو الذي كان قد وضأه قبل العضو المنسي والاتباع في في قوله عليه السلام في آخر الحديث اتبع وضوءك بعضه بعضا يمكن ان يراد به المتابعة كما في صدر الحديث الأول أعني الترتيب بقرينة ما قبله ويمكن ان يراد به الموالاة من غير تراخ ومن هذا يظهر ان استدلال المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بهذا الحديث في المعتبر على وجوب المتابعة بهذا المعنى محل كلام على ما سيجئ ذكره في الفصل الآتي انشاء الله تعالى الفصل السادس في الموالاة في الوضوء حديثان أ من الصحاح معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ربما توضأت ونفد الماء فدعوت الجارية فأبطأت علي بالماء فيجف وضوئي فقال أعده ب من الموثقات أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا توضأت بعض وضؤك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضؤك (فأعد وضوءك) فان الوضوء لا يتبعض أقول نفد بالفاء المكسورة
Sayfa 22
والدال المهملة اي فني ولم يبق منه شئ والوضوء في الحديث الأول بفتح الواو بمعنى ماء الوضوء وكذلك الواقع فاعلا في الحديث الثاني ويظهر من كلام بعض اللغويين ان الوضوء بالضم يجئ بمعنى ماء الوضوء أيضا وقد دل الحديثان على أن الاخلال بالموالاة بحيث يجف السابق موجب لبطلان الوضوء لكن قول الراوي فيجف وضوئي يمكن ان يراد به جفاف كل الأعضاء وجفاف بعضها وكذلك قول الإمام عليه السلام في الحديث الثاني حتى يبس وضوؤك ولهذا اختلف الأصحاب في أن المبطل للوضوء هو جفاف الجميع أو ان جفاف البعض كاف في البطلان والأول هو الأظهر وعليه الأكثر وذهب ابن الجنيد إلى الثاني واشترط بقاء البلل على كل الأعضاء إلى مسح الرجلين الا لضرورة وقول الصادق عليه السلام في آخر الحديث الثاني فان الوضوء لا يتبعض ربما يدل عليه وذهب المرتضى وابن إدريس إلى البطلان بجفاف العضو السابق على ما هو فيه والموالاة بهذا المعنى أعني مراعاة الجفاف لا خلاف في وجوبها في الجملة انما الخلاف بمعنى المتابعة فأوجبها الشيخان والمرتضى في المصباح وأدلتهم لا تخلو من ضعف كقولهم الامر بالمسح في الآية للفور والوضوء البياني وقع متتابعا فوجب اتباعه ولا ريب ان القول بالوجوب أحوط واحتج له في المعتبر والمنتهى بما تضمنته رواية الحلبي السابقة في الفصل الخامس من قول الصادق عليه السلام اتبع وضوءك بعضه بعضا وفيه ان الظاهر من سياقها انه عليه السلام أراد بالاتباع الترتيب لا المتابعة كما مر وأنت خبير بأنه لو جعل قول الحلبي في آخر تلك الرواية وقال الخ رواية أخرى برأسها زالت دلالة السياق أو تأكد احتمال المتابعة لكنه لا بحيث تنهض دليلا لبقاء الاحتمال الاخر ثم المشهور عن القائلين بوجوب المتابعة عدم بطلان الوضوء الا بالجفاف وانه انما يظهر اثرها في ترتب الاثم والشيخ في المبسوط على البطلان واحتج في المعتبر والمنتهى بأنه يتحقق الامتثال مع الاخذ بها بغسل المغسول ومسح الممسوح فلا يكون قادحا في الصحة وفيه نظر ظاهر ولو استدل عليه بمفهوم الغاية المستفادة من الحديث الثاني لكان وجها وطريق الاحتياط ظاهر الفصل السابع فيما ورد في وحدة الغسلات وتعددها عشرة أحاديث أ من الصحاح زرارة قال قال الباقر عليه السلام ان الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين الحديث وقد مر في الفصل الثالث ب أبو عبيدة الحذاء قال وضأت أبا جعفر عليه السلام بجمع إلى أن قال ثم صببت عليه كفا غسل به ذراعه الأيمن وكفا غسل به ذراعه الأيسر الحديث ج حماد بن عثمن قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام فدعا بماء فملأ به كفه ثم عم به وجهه ثم ملا كفه فعم به يده اليمنى ثم ملا كفه فعم به اليسرى الحديث وقد مر مع الحديث الذي قبله في الفصل الأول د زرارة وبكير ابنا أعين قالا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ساق صفة الوضوء إلى أن قالا فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزي للوجه وغرفة للذراع فقال نعم إذا بالغت فيها والثنتان يأتيان على ذلك كله ه معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الوضوء قال مثنى مثنى وصفوان بن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام قال الوضوء مثنى مثنى ز من الحسان ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال الوضوء واحدة واحدة وقد مر في الفصل الرابع ح داود بن زربي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوضوء فقال لي توضأ ثلثا ثلثا قال ثم قال لي الست تشهد بغداد أو عساكرهم قلت بلى قال فكنت يوما أتوضأ في دار المهدي فرآني بعضهم وانا لا اعلم به فقال كذب من زعم انك فلأني وأنت تتوضأ هذا الوضوء قال فقلت لهذا والله امرني ط من الموثقات عبد الكريم قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام)
Sayfa 23