Habermas: Çok Kısa Bir Giriş
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
Türler
الإجماع، أو إذا كانت الصحة، إذن الإجماع)؛ ولذا، فإن المبدأ الأخلاقي أقوى بكثير من مبدأ الخطاب؛ فهو ينص على أن قابلية الوصول لإجماع في الخطاب شرط ضروري وكاف لصحة المعيار الأخلاقي. وما يعنيه ذلك عمليا أنه، على خلاف مبدأ الخطاب، يمكن للمبدأ الأخلاقي أن يعمل بشكل «سلبي» و«إيجابي». فهو لا يبين أي المعايير الأخلاقية ليست صحيحة وحسب، بل يمكنه أن يحدد بشكل إيجابي أي المعايير صحيحة، ويبين لنا، إضافة إلى ذلك، ماهية الصحة الأخلاقية أو الصواب الأخلاقي. إن المعيار الأخلاقي الصحيح هو معيار يمكن أن يقبله كل المتأثرين باعتبارهم مشاركين في الخطاب في ضوء قيمهم ومصالحهم.
الفارق الثاني الكبير بين مبدأ الخطاب والمبدأ الأخلاقي هو أن المبدأ الأخلاقي يجعل الصحة تعتمد على إمكانية قبول «التبعات والآثار الجانبية المنظورة» لتنفيذ المعيار. يضع هابرماس بهذه العبارة حدسا عواقبيا داخل نظريته الأخلاقية الواجباتية. وبذلك فهو يباعد بين أخلاقيات الخطاب وبين كانط، الذي ينكر أن تبعات الفعل تلعب دورا في تحديد قيمته الأخلاقية. وهذا غير مألوف نوعا ما؛ لأن النظريات الأخلاقية الواجباتية عامة تفترض أن نيات الفاعل وحدها تحدد القيمة الأخلاقية لفعل ما. (إذا بصقت على الأرض، فحملت الريح بصاقي وألقت به على عابر سبيل، فإن النظرية العواقبية ستفيد بأن الفعل الذي أقدمت عليه خاطئ أخلاقيا، بينما النظرية الواجباتية ستفيد بأن فعلي ليس كذلك ما دام أنه لم يكن طائشا ولم تكن نيتي إلحاق الضرر بالآخرين.)
وأخيرا، يقدم المبدأ الأخلاقي معلومات أكثر من مبدأ الخطاب فيما يتعلق بمكونات إمكانية القبول في الخطاب أو الإجماع المدفوع بالعقلانية. فهو ينص على أن كل المعايير الأخلاقية الصحيحة يجب أن تعطي «اعتبارا متساويا» لمصلحة كل شخص معني، ويجب أن يكون بإمكان الجميع في خطاب عقلاني قبولها (بين الحقائق والمعايير). وإيجازا، ينص المبدأ الأخلاقي على أن أي معيار يكون صحيحا إذا، وفقط إذا، كان يجسد بالبرهان ما يطلق عليه هابرماس المصلحة «القابلة للتعميم». (2-2) الخطاب الأخلاقي باعتباره عملية تعميم
لكي نفهم ماهية المصلحة القابلة للتعميم، يجب أن ننظر إلى عملية التعميم التي يكتسب المبدأ الأخلاقي اسمه منها. كان كانط أول فيلسوف أخلاقي يعي المبدأ الأخلاقي باعتباره اختبارا للقابلية للتعميم. ومن المفترض أن تستوعب الصيغة الأولى للأمر القطعي عند كانط (انظر الفصل الخامس) الفكرة البديهية الواسعة الانتشار التي تفيد بأن المرء لا ينبغي أن يستثني نفسه. ولكن نظرية كانط تفضي به إلى بعض الصعوبات المعروفة؛ لأنه يتصور قابلية التعميم باعتبارها ملكية منطقية أو عقلانية للمسلمات وحسب. على سبيل المثال، قد تكون الفكرة البديهية «حافظ دوما على عهودك» قابلة تماما للتعميم، لكن هذا في حد ذاته لا يفسر سبب وجود التزام أخلاقي بأن يحفظ المرء عهوده. «من ينم مبكرا يستيقظ مبكرا» مسلمة قابلة للتعميم، ولكن رغم أنها قد تكون نصيحة سديدة، فمن الواضح أنها لا تنطوي على التزام أخلاقي. وبالمثل، فإن وجهة النظر القائلة إن الإساءة الأخلاقية في فعل ما يمكن تفسيرها كنوع من التناقض المنطقي في منطق المرء هي وجهة نظر يشوبها الشك. فبيان أن نقض العهد أمر فيه تناقض - لأنه ليس من الممكن أن يوجد إراديا عالم ينقض فيه الجميع عهودهم - لا يظهر ما يعيب نقض العهد من الناحية الأخلاقية. إننا لا نستنكر أخلاقيا الذين تعوزهم كفاءة سوق الحجج. ولهذه الأسباب، فإن تصور هابرماس للتعميم يختلف كل الاختلاف عن تصور كانط له؛ حيث لا يراه الأول كإجراء عقلي فردي، بل كإجراء اجتماعي.
ويستقي هابرماس تصوره للتعميم من الفيلسوف الاجتماعي البراجماتي الأمريكي جورج هربرت ميد. يقول ميد في كتابه «العقل والذات والمجتمع» (1934): «لكوننا كائنات اجتماعية، أصبحنا كائنات أخلاقية.» ويتصور هربرت اختبار التعميم كوسيلة لإدماج الأفراد في النظام الاجتماعي يطلق عليها اسم «التبني المثالي للأدوار». بالضبط كاللاعبين في لعبة جماعية، يعمل الفاعلون الأخلاقيون معا؛ حيث يتصور كل منهم نفسه في مكان جميع الفاعلين الأخلاقيين الآخرين. ويطلق ميد على ذلك تبني موقف «الآخر المعمم»، لكنه يعني تحديدا التكيف مع بقية أعضاء الفريق.
لقد ثبت أن إدماج المرء لنفسه داخل فريق ما، هو عملية مرهقة جدا. فالإدماج لا يمكن أن يتحقق فقط بالتفكير كما يفكر الآخرون، وفعل ما يفعلون. إنه عملية انعكاسية تنطوي على اتخاذ مواقف ثانوية (أي مواقف تجاه مواقف الفرد نفسه)، وتعديل مواقفه الأساسية في ضوء ذلك. النظير الأخلاقي لذلك هو أن كل فاعل في المجتمع عليه تعديل أفعاله في ضوء توقعاته لما يفعله الآخرون، وهي التوقعات التي يكتسبها عن طريق تبني منظورهم تجاهه وتجاه الآخرين.
يقول ميد إن منظور الفرد يتكون تبعا لرغباته ومصالحه الخاصة، والذوات الفردية «تتشكل» من مصالحه. ومن ثم، فإن تبني موقف الآخر المعمم يعني تبني الرؤية التي «تضع في الاعتبار كل مصلحة من تلك المصالح.» والسلوك الأخلاقي مسألة تنطوي على تعديل المرء لمصالحه في ضوء فهمه وإدراكه لمصالح الجميع، وهي العملية التي تفضي إلى اكتساب «ذات أكبر» تتسق ومصالح الآخرين.
يستخلص هابرماس عدة دروس مستفادة من ميد؛ أولها أن التبني المثالي للأدوار لا ينطوي على الانتقال من منظور المتكلم إلى منظور الغائب، بل ويحظره حقا، ويجب على القائم بالتعميم ألا يحاول نيل الحياد بالانفصال عن منظور المتكلم كفاعل في العالم المعيش، وبتبني منظور الغائب التجريدي في موقفه. تخاطبنا الالتزامات الأخلاقية من منظور المتكلم؛ ومن ثم ينبغي أن نتصورها من منظور المتكلم. إن المشاركين في الخطاب الأخلاقي ليسوا متحاورين مثاليين يسوقون الحجج، أو مختارين عقلانيين وحسب؛ إنهم أشخاص حقيقيون، فاعلون في العالم المعيش، يتيحون لأنفسهم الاسترشاد بقواعد الخطاب؛ مما يجعلهم يتصورون أنفسهم كجزء مما يطلق عليه هابرماس اسم «منظورنا الجمعي المصطبغ بصبغة مثالية»:
يجب أن يكون كل منا قادرا على أن يضع نفسه في موقف كل الذين قد يتأثرون بأداء فعل إشكالي أو تبني معيار مشكوك فيه. «التبرير والتطبيق»
الدرس الثاني المهم المستفاد هو أن الخطاب الفعلي يجب أن يجري إذا تم تفعيل هذا التمديد المثالي للمنظور الفردي المحدود الذي سماه هابرماس المثال التنظيمي ل «مجتمع التواصل اللامحدود» (التبرير والتطبيق). وحتى إذا اقتضى الأمر تمديد خطاب ما بحيث يشمل أناسا لا وجود لهم، يتعين أن يجري خطاب حقيقي فعلا إن أردنا تبرير معيار ما (الوعي الأخلاقي والفعل التواصلي). والدرس الثالث المستفاد هو أن الخطابات «ثنائية الحوار» أصلا. على العكس من اختبار كانط «أحادي الحوار» لقابلية تعميم المسلمات، لا يمكن إجراء خطابات أخلاقية بمعرفة أفراد يسوقون الحجج وحدهم. ورابعا وأخيرا، ينتهي هابرماس إلى أن الخطاب عملية يدمج الأفراد أنفسهم بمقتضاها داخل المجتمع. فالفاعل الأخلاقي المندمج اجتماعيا بشكل ملائم يحقق الاتساق بين مصالحه الفردية وهويته من ناحية والمصلحة الجمعية من ناحية أخرى. بالتصرف بناء على معايير صحيحة، يخدم الفاعلون المصلحة المشتركة. يعتبر هابرماس أطروحة أن المعايير الصحيحة تحوي «مصالح قابلة للتعميم» مكافئة للادعاء بأن المعايير الصحيحة «مناسبة للجميع على حد سواء». وبهذه الطريقة، يتحقق ضرب من الإنصاف، لكن ليس على حساب الاستغناء عن منظوري المتكلم والمخاطب.
Bilinmeyen sayfa