الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد
الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد
Yayıncı
دار ابن الجوزي
Baskı Numarası
الرابعة ١٤٢٠هـ
Yayın Yılı
١٩٩٩م
Türler
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني أو أغنثني أو ارزقني أو أنا في حسبك ... ونحو هذه الأقوال؛ فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب، وإلا؛ قتل؛ فإن الله - سبحانه تعالى - إنما أرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده لا شريك له، ولا يدعى معه إله آخر، والذين يدعون مع الله إلها آخر مثل المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنزل المطر أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو يعبدون صورهم ويقولون: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى الله زُلْفَى﴾ ١، ويقولون: ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ الله﴾ ٢، فبعث الله - سبحانه - رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه؛ لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة ... " انتهى كلام الشيخ ﵀.
وبه يتضح كشف شبهة هؤلاء القبوريين، الذين يسوغون فعلهم هذا بأنهم لا يعتقدون في الأولياء مشاركة الله في الخلق والرزق والإحياء والإماتة، وإنما يعتقدون فيهم أنهم وسائط بينهم وبين الله في قضاء حاجاتهم وتفريج كربتهم، وهي نفس الشبهة التي قالها مشركو الجاهلية كما ذكرها الله في كتابه وأبطلها.
والواقع أن الشرك هؤلاء المتأخرين زاد على شرك الجاهلية؛ فصاروا يهتفون بأسماء هؤلاء الأموات في كل مناسبة، ولا يذكرون اسم الله إلا قليلًا، وإنما يجري على ألسنتهم اسم الولي دائما، والأولون كاونوا يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، وهؤلاء شركهم دائم في الرخاء والشدة؛ كما قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني ﵀:
وكم هتفوا عند الشدائد باسمها كما يهتف المضطر بالصمد الفرد فيا علماء المسلمين! أنتم المسؤولون عن هذه القطعان الضائعة والتائهة
_________
١ سورة الزمر، الآية: ٣.
٢ سورة يونس، الآية: ١٨.
1 / 56