الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد
الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد
Yayıncı
دار ابن الجوزي
Baskı Numarası
الرابعة ١٤٢٠هـ
Yayın Yılı
١٩٩٩م
Türler
في مدحي كما غلت النصارى في عيسى ابن مريم ﵇، حتى ادعوا فيه الألوهية، " إتما أنا عبد؛ فقولوا: عبد الله ورسوله"؛ أي: صفوني بذلك، ولا تزيدوا عليه؛ فقولوا: عبد الله ورسوله؛ كما وصفني ربي بذلك؛ كما في قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ ١، وقوله: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ ٢، وقوله: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ الله يَدْعُوهُ﴾ ٣، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ .
فأبى المشركون إلا مخالفة أمره، وارتكاب نهيه؛ فعظموه بما نهاهم عنه وحذرهم منه، وناقضوه أعظم مناقضة، وشابهوا النصارى في غلوهم وشركهم، وجرى منهم من الغلو في حقه ﷺ بما هو صريح الشرك في نثرهم وشعرهم؛ كقوله البوصيري في (البردة) يخاطب النبي ﷺ:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
وما بعده من الأبيات التي مضمونها توجيه الدعاء والعياذ واللياذ إلى رسول ﷺ، وطلب تفريج الكربات منه في أضيق الحالات وأشد الصعوبات، ونسي الله ﷿، وذلك أن الشيطان زين لهذا الناظم ولأمثاله سوء عملهم، فأظهر لهم هذا الغلو في مدحه - وإن كان شركا أكبر - في قالب حبه وتعظيمه ﷺ، وأظهر لهم التزام السنة في عدم الغلو به "في قالب بغضه وتنقصه، وفي الحقيقة أن ارتكاب ما نهى عنه ﷺ من الإفراط في مدحه وترك متابعته في أقواله وأفعاله وعدم الرضى بحكمه هو التنقص الحقيقي له ﷺ، فلا يحصل تعظيمه ولا تتحقق محبته إلا باتباعه ونصرة دينه وسنته.
وقد جاء في حديث عبد الله بن الشخير ﵁، قال: "انطلقت مع وفد بني عامر إلى الرسول ﷺ، فقلنا: أنت سيدنا وابن سيدنا. فقال: " السيد
_________
١ سورة الكهف، الآية: ١.
٢ سورة الفرقان، الآية: ١.
٣ سورة الجن، الآية: ١٩.
1 / 51