199

الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد

الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد

Yayıncı

دار ابن الجوزي

Baskı Numarası

الرابعة ١٤٢٠هـ

Yayın Yılı

١٩٩٩م

Türler

٣ - ختم الرسالات ببعثة محمد ﷺ.
لقد ختم الله ﷾ النبوة بنبوة محمد ﷺ؛ قال تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ ١، وقال ﷺ: "أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي"، وذلك يستلزم ختم المرسلين لأن ختم الأعم يستلزم ختم الأخص.
ومعنى ختم النبوة بنبوته ﵊: أنه لا تبدأ نبوة ولا تشرع شريعة بعد نبوته وشرعته، وأما نزول عيسى ﵇ في آخر الزمان؛ فلا ينافي ذلك؛ لأن عيسى ﵇ إذا نزل؛ إنما يتعبد بشريعة نبينا ﷺ دون شريعته المتقدمة؛ أنها منسوخة؛ فلا يتعبد بهذه الشريعة أصولًا وفروعا، فيكون خليفة لنبينا ﷺ، وحاكما من حكام ملته بين أمته.
فهذا النبي الخاتم للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين قد بعث بخير كتاب وأتم شريعة وأفضل ملة وأكل دين، جاء بشريعة كافية لحاجة الخليفة في كل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة، وكمل به عقد النبيين؛ فلا نبي بعده.
وفي (الصحيحين) وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله ﵄، عن النبي ﷺ؛ أنه قال: "ومثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارًا فأكملها وأحسنها؛ إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلون ويعجبون منها ويقولون: لولا موضع اللبنة"، زاد مسلم: "فجئت فختمت الأنبياء".
وفي (الصحيحين) - أيضا - من حديث أبي هريرة ﵁ معناه، وفيه: "فجعل الناس يطوفون به ويقولون: هلا وضعت اللبنة. فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين".
وقال ﷺ: "كانت بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء، لكما هلك نفي خلفه

١ سورة الاحزاب، الآية: ٤٠.

1 / 210