Grant of the All-Knowing in Explaining the Attainment of the Objective
منحة العلام في شرح بلوغ المرام
Yayıncı
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
Türler
الثوري، فهو إمام حجة، لم يخالفه أحد إلا كان القول قوله، كما قال ابن معين وغيره، وقد يكون الخطأ ممن روى عنه، وهو ابن عيينة وقبيصة كما عند الدارقطني (٢/ ٢٥٤) والفريابي وقبيصة معًا عند البيهقي (١/ ٨٥).
وقال ابن دقيق العيد: (والحديث في الصحيح، لكن بصيغة الخبر «نبدأ»، و«أبدأ» لا بصيغة الأمر، والأكثر في الرواية هذا، والمخرج للحديث واحد) (^١). وزاد فيما نقل عنه الحافظ: (وقد اجتمع مالك وسفيان ويحيى بن سعيد القطان على رواية (نبدأ) بالنون التي للجمع). قال ابن حجر عقبه: (قلت: وهم أحفظ من الباقين) (^٢)، وهذا هو الصواب إن شاء الله، إذ لا يمكن القول بتصحيح اللفظ الآخر؛ لأن الحديث واحد، ولم يتكلم به النبي ﷺ إلا مرة واحدة، عند صعوده على الصفا، فلا بد من الترجيح، والله أعلم.
الوجه الثالث: هذا الحديث - كما تقدم - ورد في سياق «حجة النبي ﷺ» وقد ساقه الحافظ هنا في باب «الوضوء»، ليستدل به على وجوب الترتيب في غسل الأعضاء فيبدأ أولًا بغسل الوجه ثم اليدين .. إلخ، كما ذكر الله تعالى في القران، فما بدأ الله به خبرًا وأمرًا، نبدأ به فعلًا وامتثالًا؛ لأن كلامه كلام حكيم، لا يبدأ ذكرًا إلا بما يستحق أن يبدأ به فعلًا، وقد رتبها النبي ﷺ هكذا، كما تقدم، فيجب علينا التأسي به ﷺ وأن نرتب أعضاء الوضوء، كما رتبها ﵊.
وهذا مبني على القاعدة الأصولية: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فاللفظ المذكور وإن كان ورد في موضوع السعي بين الصفا والمروة إلا أنه لفظ عام فيعمل بعمومه، وأن كل ما بدأ الله به نبدأ به، وتكون اية الوضوء مندرجة في ذلك العموم، فعلى رواية الأمر يكون الوجوب ظاهرًا، وعلى رواية الخبر فلأن الظاهر من فعله ﷺ هو بيان المناسك، وقد قال: «لتأخذوا مناسككم» (^٣) لأن الظاهر أن المراد بيان الواجب لا بيان الأفضل، والله أعلم.
(^١) "الإلمام" رقم (٥٦). (^٢) "التلخيص" (٢/ ٢٦٩). (^٣) أخرجه مسلم (١٢٩٧).
1 / 211