الملك العزيز لجلسائه الأدباء: نجعل هذا المملوك الجديد ساقينا اليوم. فلما استقر مجلس الأنس- وفيه جعفر بن شمس الخلافة، والأسعد ابن مماتي، وهما حينئذ الغاية في طبقة الشعراء، وهناك من يشعر غيرهما- قال لهم، وقد أخذت الكأس منهم وأزلت حجاب الحياء عنهم: هذا مكان الأفكار وإجالتها، وأشار إلى المملوك. فأفكروا ساعةً فلم يحضر لهم ما يرضونه، فقالوا: يا مولانا، إن الوزير نجم الدين له شغف بالمعذرين وأوصافهم، بفكرة منقادة لتعلقه بهم، وما لهذا إلا خاطره. فقال: نسره بالمشاركة في هذا الشأن ولا نضيره بالاستدعاء للحضور على ما لا يريده. ثم أمر بالكتب له في ذلك. فوصل جوابه بهذه الأبيات التي لا نظير لها في حسنها، ولا عديل لقصدها في فنها:
غصن من الفضة قد أورقا ... بالتبر من فاز به وفقا
رواه ساقي الحسن من مائة ... فبان في أعلاه ما قد سقى
ومنتهى الأحرف من خطه ... في جانبي صدغيه قد عرقا
1 / 22