Cennet Bahçelerinde Muz Dalı
غصن البان في رياض الجنان
Türler
ولم أزل كذلك حتى انطفأ المصباح بين يدي، فاحتملت تلك الرسائل وأنا أقبلها، ثم أخذت بندقيتي ووثبت من الغرفة وهمت على وجهي بين تلك الجبال تحت ظلام الليل الدامس وعصف الرياح الشديدة والهدير المتواصل من أمواج البحيرة التي كانت مهد غرامنا ومنشأ صبوتنا وحافظ تذكارنا، وأنا في كل ساعة يخال لي أنني أسمعها تناديني باسمي فأقف وألتفت، ثم أضحك على نفسي وأنصرف وشر البلية ما يضحك، ولو لم يدركني أحد أصدقائي ويرجعني من بين تلك الصخور لبقيت هائما على وجهي إلى ما شاء الله.
وقد مر علي من تاريخ هذه الحادثة إلى الآن عشر سنين وأنا لا أزال أذكرها كأنها بنت أمسها، ولا تكاد تمر بي سنة حتى أزور تلك الأماكن وأقف على شاطئ تلك البحيرة، وأذكر ما كان لي فيها من مواقف صبابة وغرام تعيد لي ماضي حياتي ممزوجا بماضي حياتها فأحسب أنها لا تزال حية لأن حياتنا كانت واحدة، فلا تنصرف أفكاري إليها حتى أصادفها كما كانت، وكذلك التذكار عمر ثان.
أتت من بني الدنيا التي خير ما بها
يكون له الحظ التعيس المعجل
بدت وردة فيها فكانت كوردة
تفتح في رأد الضحى ثم تذبل
ترجمة لامارتين
هو الشاعر الفرنسوي الخطيب والسياسي الكاتب البليغ، مؤلف هذه الرواية من بين ما ألف من بدائع الأسفار ونفائس الآثار، ولسنا الآن نتعمد ترجمة حياته بأسرها فإنها طويلة المجال واسعة الأطراف، تقتضي تاريخا لكل صفة من أوصاف هذا الرجل الشهير الذي يقسم إلى عدة رجال في عدة فنون، يستلزم كل رجل منها ترجمة مستقلة بين السياسة والشعر والخطابة والتأليف، ولكننا نذكر عنه لمعة من تاريخه نحيط فيها بجميع هذه الأوصاف أو نصف بها كل أولئك الرجال في ذلك الرجل على طريق الإيجاز والاختصار بقدر ما يحتمله هذا الكتاب وما تكون فيه الكفاية لفائدة القراء.
ولد لامارتين عام 1790 في مدينة ماكون من أبوين شريفين، وربي على يد أمه بعيدا عن باريز وما كان ينتابها من نيران الثورات والفتن، ثم دخل مدرسة الرهبان فتعلم فيها، وطاف إيطاليا بعد ذلك حيث جرت له عدة حوادث غرامية نشر بعضها في قصائده وبعضها في قصصه مثل هذه القصة وسواها من سائر رواياته وأشعاره، واشتهر في النظم شهرة عظيمة، وانفرد منه بأسلوب جديد لم يسبقه إليه أحد، ولم ينسج قبله شاعر على منواله، ولا سيما في تعظيم الصغير، ووصف الحقير، وتجسيم الخيال، واستخراج الموجود من العدم حتى سمي شاعر اللاشيء أو شاعر الوهم والخيال.
وساعده الغرام الذي علق به والأماكن التي زارها والمعشوقات التي هويها على الإجادة في هذا الفن الغرامي من المنظوم، فكانت تخرج قصائده أشبه برنة العود المحزنة أو همهمة النسيم اللطيف أو أنة العاشق الولهان، كما وصفه كثير من مدوني ترجمته ومعاصريه العارفين برقة أخلاقه وإبداعه في المنظوم والمنثور. وتتابعت قصائده على فرنسا بأرق من نسيم الصبا وأطيب من عرف الكبا حتى جعلت له شهرة واسعة في الأدب ومهدت له سبل الوظائف والسياسة، فأرسل مستخدما إلى سفارة فرنسا في نابولي، ثم أرسل في سفارة إلى فلورانسا، وكان جميل الصورة حلو الحديث، فأحبته إنكليزية غنية فتزوجها ومات عمه في أثناء ذلك فأصبح غنيا من إرثه وزواجه. وكان قد نظم عن إيطاليا عدة قصائد هجائية أوجبت له مبارزة مع أحد قوادها، فجرح في ذلك البراز.
Bilinmeyen sayfa