. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
=عروة بن الزبير، ثم إن رسول الله ﷺ لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله ﷺ، وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله ﷺ من مكة، فكانوا يغدون كلّ غداة إلى الحرّة، فينتظرونه، حتى يردّهم حرّ الظهيرة، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم؛ فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من زفر على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه؛ فبصر برسول الله ﷺ، وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب! هذا جدّكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح؛ فتلقوا رسول الله ﷺ بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول؛ فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممّن لم ير رسول الله ﷺ يحيّي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله ﷺ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله ﷺ من ذلك، فلبث رسول الله ﷺ في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله ﷺ، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس، حتى بركت عند مسجد الرسول الله ﷺ بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدا للتمر لسهيل، وسهل، غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة؛ فقال رسول الله ﷺ حين بركت به راحلته: «هذا إن شاء الله المنزل»، ثم دعا رسول الله ﷺ الغلامين؛ فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: لا، بل نهبه لك يا رسول الله؛ فأبى رسول الله ﷺ أن يقبله منهما هبة، حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجدا، وطفق رسول الله ﷺ ينقل معهم اللبن في بنيانه، ويقول وهو ينقل اللبن: «هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبرّ ربّنا وأطهر»، ويقول: «اللهمّ إن الأجر أجر الآخرة، فارحم الأنصار والمهاجره»، فتمثل بشعر رجل من المسلمين
1 / 42