ويكفي في ذم الكذب قوله تعالى إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون وقول رسول الله ﷺ إن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة والكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وقول عمر بن الخطاب ﵁ لأن يضعني الصدق وقلما يفعل أحب إلي من أن يرفعني الكذب وقلما يفعل وقيل لا يجوز أن يكذب الرجل لصلاح نفسه فإن ما عجز الصدق عن إصلاحه كان الكذب أولى بفساده ولقد صدق من قال
عوّد لسانك قول الصدق تحظ به ... إنّ اللسان لما عوّدت معتاد
موكل بتقاضي ما سننت له ... في الخير والشر فانظر كيف ترتاد
ويكفي في معرة الكذب أن من عرف به مقت إذا نطق وكذب وإن صدق قال رجل لأبي حنيفة ما كذبت قط فقال له أبو حنيفة إما هذه فواحدة أشهد عليك بها وقال الأصمعي لرجل كذاب أصدقت قط قال نعم قيل له عجب قال خفت أن أقول لا فأصدق وقيل لبعض الحكماء أيما أشر الكذاب أو النمام فقال الكذاب لأنه يخلق عليك والنمام ينقل عنك شاعر
لي حيلة فيمن يتم ... وليس في الكذاب حيله
من كان يخلق ما يقو ... ل فحيلتي فيه قليلة
ومن ظريف أخبار الكذبة أن رجلًا من آل الحرث بن ظالم قال لقد بلغني أن الحرث غضب يومًا فانتفخ في ثوبه فبدر من ثوبه أربعة أزرار ففقأت أربعة أعين من عيون جلسائه شاعر
حلفت برب مكة والمصلى ... وأبدا الواقفين على عكاظ
لا كذب ما يكون إذا تألى ... وشدّدها بأيمان غلاظ
1 / 69