الفضائل واجتناب الرذائل فالانصاف استثمار والعدل استكثار فيصير الملك بالانصاف مستثمرًا وبالعدل مستكثرًا وما نقض ملك من إنصاف ولا جاه من إسعاف وقد قيل من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه وقيل عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان وروى الثقاة بأسانيد حسنة عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة وعن عبد الرحمن بن عمرو بن العاص إن رسول الله ﷺ قال المقسطون على منابر من لؤلؤ يوم القيامة بين يدي الرحمن بما أقسطوا في الدنيا وقال حكيم لبعض الملوك أيها الملك إنما فخرك بإظهار وعدلك وإيثار فضلك لا بجمال بزتك وتمكن عزتك وفراهة مركبك وكثافة موكبك ويقال الملك يبقى على العدل والكفر ولا يبقى على الايمان والجور وإليه أشار الشاعر بقوله
عليك بالعدل إن وليت مملكة ... واحذر من الجور فيها غاية الحذر
فالملك يبقى على عدل الكفور ولا ... يبقى مع الجور في بدو ولا حضر
دخل عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق ﵄ فسلم فلم يرد عليه فقال لعبد الرحمن بن عوف أخاف أن يكون قد وجد علي خليفة رسول الله ﷺ فكلم عبد الرحمن أبا بكر في ذلك فقال إنه أتاني وبين يدي خصمان قد فرغت لهما سمعي وبصري وقلبي وعلمت أن الله سائلي عنهما وعما قالا وعما قلت ويقال إذا عدل السلطان في رعيته ثم جار على واحد لم يف عدله بجوره ويقال حق على من ملكه الله على بلاده وحكمه في عباده أن يكون لنفسه مالكًا وللهوى تاركًا وللغيظ كاظمًا وللظلم هاضمًا وللعدل في حالتي الرضا والغضب مظهرًا وللحق في السر والعلانية مؤثرًا وإذا كان كذلك ألزم النفوس طاعته والقلوب محبته وأشرق بنور عدله زمانه وكثر على عدوه
1 / 48