وقال عبد المعين في لهجة مفعمة بالسعادة: قم يا صابر قبل يد حماك.
وبفرائص مرتعدة من الفرح قام صابر يقبل يد خاله، ثم قامت أمه تهاني فقبلت أخاها وقبلت سلفتها ألفت، ثم التفتت إلى وداد وقالت لها: أما أنت فتعالي أشبعك من القبل.
ثم أطلقت زغرودة أعلنت بها إلى الجيران والأزمان خطبة وداد إلى صابر.
وفي صخب هذه العواطف التقت النظرات من وداد وصابر، وقالت العيون ما لم يقله حديث، وما لم تستطع القبلات المتبادلة بين الأهل أن تحمل معانيه، وما تنوء به زغاريد العالم كله بعظمته وأبعاده. •••
كان عبد المعين موفور الثروة، وكان العثور على بيت أمرا يسيرا؛ فما أسرع ما اشترى الأب لابنه بيتا من طابقين بحي الحلمية، وما أسرع ما جهزت تهاني بيت العرس! فما مر شهران حتى كانت العروس في حضن زوجها.
وبعد تسعة أشهر كان عبد المعين يحمل الحفيد الأول له من ابنه. «باسم الله ما شاء الله! اللهم اجعل خلقه رضيا وحبب فيه خلقك. اسمعي يا بنتي يا وداد! سأقول لك سرا لم أقله لأحد، كنت أتمنى أن يكون اسمي عبد الكريم أو عبد الغني، أو عبد الله الشاملة لكل صفاته سبحانه وتعالى، ولم أكن أتمنى أن يكون اسمي عبد المعين، سبحانه! هو العون ومنه العون، ولكن العبد لا يحتاج إلى العون إلا حين يضيق به الأمر وتحوم حوله الشدائد، فلا تسميا الولد باسمي.»
وتبتسم وداد وتقول: اسمك بركة يا عمي. - سمياه عبد الغني، عسى الله أن يغنيه بالقناعة، وهي الغنى الكامل.
ويقول صابر: فاسمه إذن عبد الغني، على بركة الله. •••
ويمر عام وشهران، وينجب صابر ووداد ابنهما الثاني ويسميه جده عبد الودود. •••
ولا ينتظر الجد حتى يرى حفيديه يسعيان في مناحي الحياة، بل يختاره الله إلى جواره وعبد الودود في الخامسة من عمره.
Bilinmeyen sayfa