١٠٦ - وَرَكِبَ يُوشَعُ الطَّبِيبُ مَعَ المَأْمُونِ، فَتَعَلَّقَ بِهِ مَجْنُونٌ، وَقَالَ: أَيُّهَا الطَّبِيبُ! جُسَّ يَدِي، فَجَسَّهُ، وَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟ فَقَالَ: الشَّبَقُ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ مِسْوَاكَ أَرَاكٍ، وَأَدْخِلْهُ مِنْ وَرَاكَ؛ فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِذَاكَ؛ فَرَفَعَ الْمَجْنُونُ فَخِذَهُ وَضَرَطَ، وَقَالَ: خُذْ هَذَا بِذَاكَ، حَتَّى نُجَرِّبَ دَوَاكَ؛ فَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِذَاكَ؛ شَكَرْنَاكَ وَزِدْنَاكَ؛ وَلَا يَكُونُ لَنَا طَبِيبٌ سِوَاكَ؛ فَضَحِكَ الْمَأْمُونُ وَخَجِلَ الطَّبِيبُ.
١٠٧ - وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى مَحْبُوبَتِهِ: وَإِنْ رَأَيْتِ أَنْ تَزُورِينَا -عَصمَنَا اللهُ وَإِيَّاكِ- فَافْعَلِي. فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ: يَا أَحْمَقُ! مَتَى عُصِمْنَا لَا نَجْتَمِعُ أَبَدًا.
١٠٨ - وَسَأَلَ أَعْرَابِيُّ عَبْدَ المَلِكِ بْنِ مَرْوَان، فَقَالَ لَهُ: سلِ اللهَ. فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ فَأَحَالَنِي عَلَيْكَ؛ فَضَحِكَ مِنْهُ وَأَعْطَاهُ.
١٠٩ - وَذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ المُؤَرِّخِينَ أَنَّ المَنْصُورَ كَانَ يَدْخُلُ الْبَصْرَةَ فِي أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ مُسْتَتِرًا، فَيَجْلِسُ في حَلْقَةِ أَزْهَر السَّمَّانَ المُحَدِّث، فَلَمَّا أَفْضَتِ الخِلافَةُ إِلَيْهِ قَدِمَ عَلَيْهِ أَزْهَرُ الْكُوفَةِ، فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَرَّبَ مَنْزِلَهُ، وَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: جِئْتُكَ طَالِبًا. فَأَعْطَاهُ عَشْرَةَ آلاف دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا وَانْصَرَفَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فِي قَابِلٍ، فَلَمَّا رَآهُ، قَالَ لَهُ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ مُسَلِّمًا عَلَيْكَ. فَأَمَرَ لَهُ بِعَشْرَةِ أَلاف دِرْهَم، فَأَخَذَهَا وَانْصَرَفَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فِي قَابِلٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ؟ قَالَ: جِئْتُ عَائِدًا، فَأَمَرَ لَهُ بِعَشْرَةِ آلَاف دِرْهَم، وَقَالَ لَهُ: لَا تَأْتِنَا طَالِبًا وَلَا مُسَلِّمًا وَلَا عَائِدًا؛ فَأَخَذَهَا وَانْصَرَفَ، ثُمَّ عَادَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ، فَلَمَّا رَآهُ، قَالَ لَهُ: مَا الَّذِي أَتى بِكَ؟ فَقَالَ لَهُ: دُعَاءٌ كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنْ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ، جِئْتُ لِأَكْتُبَهُ.
1 / 51