٢٤ - وَقَدْ كانَ أَصْحابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَمْزَحُونَ حَتَّى بِحَضْرَتِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدهم مِنَ التَّابعين والعلماء والأئمّة، كما سَتَسْمَعُ فِيما سَيَأتِي.
٢٥ - كَانَ نُعَيْمانُ الأنْصَارِيُّ رَجُلًا ضاحِكًا مَزّاحًا مَلِيحًا، وَكانَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيّ بالمَدِينَةِ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ أَعْمَى، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِئة وخمس عشرة سنةً، فَقَامَ يَوْمًا في المسْجِدِ يريدُ أَنْ يَبُولَ، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، فَأَتاهُ نُعَيْمانُ، فَتَنَحَّى بِهِ ناحِيةً مِنَ المسْجِدِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اجْلِسْ هَاهُنا، فَأَجْلَسَهُ يَبولُ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: مَنْ جَاءَ بِي إِلى هَذَا المَوْضِع؟ قَالُوا: نُعَيْمانُ. قَالَ: [فَعَلَ] اللهُ بِهِ وَفَعَلَ، أَمَا إِنَّ للهِ عَلَيَّ إِنْ ظَفِرْتُ بِهِ [أنْ] أَضْرِبَهُ بِعَصَاي هَذِهِ ضَرْبَةً تَبْلُغُ مِنْهُ مَا بَلَغَتْ. فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ حَتَّى نَسِيَ ذَلِكَ مَخرَمَةُ، ثُمَّ أَتَاهُ نُعَيْمانُ يَوْمًا وَعُثْمانُ بْنُ عَفَّانَ ﵁ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ناحِيَةٍ مِنَ المَسْجِدِ، وَكَانَ عُثْمَانُ إِذَا صَلَّى لَا يَلْتَفِتُ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي نُعَيْمان؟ فَقَالَ: نَعَم! أيْنَ هُوَ؟ دُلَّنِي عَلَيْهِ؛ فَأَتَى بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى عُثْمانَ، فَقَالَ لَهُ: دُونَكَ، هَذَا هُوَ؛ فَجَمَعَ مَخْرَمَةُ يَدَيْهِ بِعَصَاهُ، فَضَرَبَ عُثْمَانَ، فَشَجَّهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّمَا ضَرَبْتَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عُثْمانَ! فَاجْتَمَعَ بَنُو زُهْرَةَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: دَعُوا نُعَيْمانَ، لَعَنَ اللهُ نُعَيْمَانَ [وراجع "المراح" رقم: ٦٥].
٢٦ - وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَناخَ نَاقَتَهُ بِفِنَائِهِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ لِنُعَيْمَان الأَنْصَارِي: لَوْ عَقَرْتَهَا فَأَكَلْنَاهَا، فَإِنَّا قَدْ قَرِمْنَا إِلى اللَّحْمِ، وَغَرِمَ رَسولُ اللهِ ﷺ. قَالَ: فَعَقَرَهَا نُعَيْمَانُ، فَخَرَجَ الأَعْرابيُّ،
1 / 31