Akılları Besleyen Adab Manzumesi Şerhi
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Yayıncı
مؤسسة قرطبة
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
1414 AH
Yayın Yeri
مصر
Türler
Tasavvuf
لَا يَأْلَفُونَ التَّطْوِيلَ، وَقَدْ تَرَكَهُ النَّاسُ مُنْذُ أَزْمَانٍ.
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَقَاصِدِهِ فَقَالَ:
أَلَا كُلُّ مَنْ رَامَ السَّلَامَةَ فَلْيَصُنْ ... جَوَارِحَهُ عَنْ مَا نَهَى اللَّهُ يَهْتَدِي
(أَلَا) حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ وَيَأْتِي عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: لِلتَّنْبِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة: ١٣] وَتُفِيدُ التَّحْقِيقَ لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْهَمْزَةِ وَلَا.
وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ إذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ أَفَادَتْ التَّحْقِيقَ، وَتَأْتِي لِلتَّوْبِيخِ وَالْإِنْكَارِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَلَا ارْعِوَاءَ لِمَنْ وَلَّتْ شَبِيبَتُهُ ... وَآذَنَتْ بِمَشِيبٍ بَعْدَهُ هَرَمٌ
وَلِلِاسْتِفْهَامِ عَنْ النَّفْيِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَلَا اصْطِبَارَ لِسَلْمَى أَمْ لَهَا جَلَدٌ ... إذَا أُلَاقِي الَّذِي لَاقَاهُ أَمْثَالِي
وَلِلْعَرْضِ وَالتَّحْضِيضِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُمَا، وَمَعْنَاهُمَا هُنَا التَّحْقِيقُ (كُلُّ مَنْ) أَيُّ إنْسَانٍ (رَامَ) قَصَدَ وَطَلَبَ (السَّلَامَةَ) أَيْ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَهِيَ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْجَوَامِعِ، فَإِنَّ مَنْ سَلِمَ نَجَا، فَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ الْعَافِيَةِ.
وَلِذَا يَكُونُ كَلَامُ الرُّسُلِ عِنْدَ مُرُورِ النَّاسِ عَلَى الصِّرَاطِ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ مَنْ قَالَ:
وَقَائِلَةٍ مَالِي أَرَاك مُجَانِبًا ... أُمُورًا وَفِيهَا لِلتِّجَارَةِ مَرْبَحٌ
فَقُلْت لَهَا كُفِّي مَلَامَك وَاسْمَعِي ... فَنَحْنُ أُنَاسٌ بِالسَّلَامَةِ نَفْرَحُ
(فَلْيَصُنْ) أَيْ فَلْيَحْفَظْ، يُقَالُ صُنْتُهُ أَيْ حَفِظْته فِي صِوَانَةٍ صَوْنًا وَصِيَانًا وَصِيَانَةً فَهُوَ مَصُونٌ، وَالصُّوَانُ بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا، وَالصِّيَانَةُ بِالْكَسْرِ مَعَ الْيَاءِ لُغَةً هُوَ مَا يُصَانُ فِيهِ الشَّيْءُ كَمَا فِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ لِمُؤَلِّفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (جَوَارِحَهُ) جَمْعُ جَارِحَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَكْتَسِبُ وَتَتَصَرَّفُ (عَنْ مَا) أَيْ عَنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي (نَهَى اللَّهُ) ﷾ عَنْهَا نَهْيًا مُؤَكَّدًا جَازِمًا مُقْتَضِيًا لِلْوَعِيدِ عَلَى الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلتَّحْرِيمِ كَقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿لا تَأْكُلُوا الرِّبَا﴾ [آل عمران: ١٣٠] ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ [الإسراء: ٣٢] وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ لَيْسَ مَعَهُ جَزْمٌ فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ كَقَوْلِهِ ﷺ «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَصَوْنُ
1 / 59