Akılları Besleyen Adab Manzumesi Şerhi
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Yayıncı
مؤسسة قرطبة
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
1414 AH
Yayın Yeri
مصر
Türler
Tasavvuf
الْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ. ثَالِثُهَا حُسْنُ الْفَهْمِ. رَابِعُهَا الْحِفْظُ، خَامِسُهَا التَّعْلِيمُ سَادِسُهَا وَهِيَ الثَّمَرَةُ الْعَمَلُ بِهِ وَمُرَاعَاةُ حُدُودِهِ.
وَحِرْمَانُ الْعِلْمِ يَكُونُ بِسِتَّةِ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا): تَرْكُ السُّؤَالِ.
(الثَّانِي): سُوءُ الْإِنْصَاتِ وَعَدَمُ إلْقَاءِ السَّمْعِ.
(الثَّالِثُ): سُوءُ الْفَهْمِ.
(الرَّابِعُ): عَدَمُ الْحِفْظِ.
(الْخَامِسُ): عَدَمُ نَشْرِهِ وَتَعْلِيمِهِ، فَمَنْ خَزَّنَ عِلْمَهُ وَلَمْ يَنْشُرْهُ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِنِسْيَانِهِ جَزَاءً وِفَاقًا.
(السَّادِسُ): عَدَمُ الْعَمَلِ بِهِ، فَإِنَّ الْعَمَلَ بِهِ يُوجِبُ تَذَكُّرَهُ وَتَدَبُّرَهُ وَمُرَاعَاتَهُ وَالنَّظَرَ فِيهِ، فَإِذَا أَهْمَلَ الْعَمَلَ بِهِ نَسِيَهُ. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْعِلْمِ بِالْعَمَلِ بِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ، فَمَا اسْتَدَرَّ الْعِلْمُ وَاسْتُجْلِبَ بِمِثْلِ الْعَمَلِ بِهِ.
فَإِنْ قُلْت: قَوْلُ النَّاظِمِ لِيَصْغَ إنْ كَانَ مِنْ صَغَى بِمَعْنَى مَالَ بِقَلْبِهِ فَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْغَى بِمَعْنَى اسْتَمَعَ فَكَيْفَ يَكُونُ الِاسْتِمَاعُ بِالْقَلْبِ مَعَ أَنَّ السَّمْعَ وَالِاسْتِمَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأُذُنِ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الِاسْتِمَاعَ إلْقَاءَ السَّمْعِ، وَالْإِلْقَاءَ الَّذِي هُوَ قَصْدُ الِاسْتِمَاعِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْقَلْبِ. وَأَيْضًا فَبَيْنَ الْأُذُنِ وَالْقَلْبِ تَمَامُ الِارْتِبَاطِ، فَالْعِلْمُ يَدْخُلُ مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْقَلْبِ، فَهِيَ بَابُهُ وَالرَّسُولُ الْمُوصِلُ إلَيْهِ الْعِلْمَ، كَمَا أَنَّ اللِّسَانَ رَسُولُهُ الْمُؤَدِّي عَنْهُ.
وَمَنْ عَرَفَ ارْتِبَاطَ الْجَوَارِحِ بِالْقَلْبِ عَلِمَ أَنَّ الْأُذُنَ أَحَقُّهَا بِالِارْتِبَاطِ مِنْ جِهَةِ الْإِيصَالِ إلَى الْقَلْبِ بِهِ، فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالُ لِلْقَلْبِ اسْتَمَعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:
وَيَقْبَلُ نُصْحًا مِنْ شَفِيقٍ عَلَى الْوَرَى ... حَرِيصٍ عَلَى زَجْرِ الْأَنَامِ عَنْ الرَّدَى
(وَيُقْبَلُ) قَبُولَ طَاعَةٍ وَإِذْعَانٍ وَانْقِيَادٍ وَعِرْفَانٍ (نُصْحًا) مَفْعُولُ يُقْبَلُ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إرَادَةِ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: النَّصِيحَةُ تَشْمَلُ خِصَالَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانَ وَالْإِحْسَانَ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثَلَاثًا، قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَامَّتِهِمْ» .
1 / 44