فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم وفي خبر عنه عليه السلام أنه قال الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا فإذا فعلوا ذلك فاتهموهم على دينكم وعنه عليه السلام أنه قال لن تزال هذه الأمة تحت يد الله وفي كنفه ما لم يمل قراءها إلى أمراؤها وما لم يزل علماؤها فجارها وما لم يهن ( 46 ) شرارها خيارها فإذا فعلوا ذلك رفع الله عنهم يده و سلط عليهم جبابرة فساموهم سوء العذاب وقال ( صلى الله عليه وسلم ) شرار العلماء الذين يأتون الأمراء وخيار الأمراء الذين يأتون العلماء وقد قال عمر ( رضي الله عنه ) أخوف ما أخاف على هذه الأمة المنافق العليم فقالوا وكيف يكون منافقا عليما فقال علم اللسان جاهل القلب واللسان والعمل وقال ابن المبارك لا يزال المرء عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل وقال الحسن عقوبة العلماء موت القلب وقال أسامة بن زيد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول يؤتى بالعالم يوم القيامة فيلقى في النار فيقولون مالك فيقول كنت أمر بالخير ولا آتيه وأنهى عن الشر وآتيه وقال عيسى عليه السلام مثل علماء السوء مثل صخرة وقعت على فم النهر هي تشرب ولا تترك الماء يخلص إلى الزرع وفي أخبار داود صلوات الله عليه أن أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثر شهوته على محبتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي يا داود لا تسأل عني عالما قد أسكرته الدنيا فيضلك عن طريق محبتي أولئك قطاع طريق عبادي يا داود إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما يا داود من رد ألي هاربا كتبته شهيدا ومن كتبته شهيدا لم أعذبه أبدا وقال يحيى بن معاذ الرازي إنما يذهب بهاء العلم والحكمة إذا طلب بها الدنيا وقال عمر ( رضي الله عنه ) إذا رأيتم العالم محبا للدنيا فاتهموه في دينكم فإن كل محب يخوض فيما أحب وقال سفيان الصوري كانوا يتعوذون ( 47 ) من فتنة العالم الفاجر وفتنة العابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة كل مفتون وروى أبو هريرة أنه عليه السلام
(1/40)
قال من طلب علما مما يبتغي به وجه الله ليصيب بخ عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة وروى أبو الدرداء أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال أوحى الله إلى بعض الأنبياء بعمل الآخرة ويلبسون للناس مسك الكباش وقلوبهم قلوب الذئاب وألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبرايا يخادعون وبي يستهزؤن لا يتحن لهم فتنة تذر الحليم حيران وقال ابن مسعود ( رضي الله عنه ) سيأتي على الناس زمان تملح فيه عذوبة القلوب فلا ينتفع بالعلم حامله ولا متعلمة فتكون قلوب علمائهم مثل السباخ من ذوات الملح ينزل عليهم قطر السماء فلا يوجد لها عذوبة وذلك مالت قلوب العلماء إلى حب الدنيا وإيثارها على الآخرة فعند ذلك يسلبها الله ينابيع الحكمة ويطفي مصابيح الهدى من قلوبهم فيخبرك عالمهم حين تلقاه فتظن أنه يخشى الله بلسانه والفجور بين في أعماله فما أحب الألسن يومئذ وأجدب القلوب فو الله الذي لا إله إلا هو ما ذلك إلا أن المعلمين علموا لغير الله والمتعلمين تعلموا لغير الله وفي الإنجيل مكتوب لا تطلبوا علما حتى تعلموا بما علمتم وقال حذيفة أنكم في زمان من ترك عشر ما تعلم هلك وسيأتي زمان من عمل بعشر ما علم نجا وذلك لكثرة الباطلين وقال كعب يكون في آخر الزمان علماء يزهدون الناس في الدنيا ولا يزهدون ويخوفون ولا يخافون وينهون عن غشيان الولاة ويؤثرون ( 48 ) الدنيا على الآخرة يأكلون بألسنتهم يقربون الأغنياء دون الفقراء يتغايرون على العلم كما يتغاير النساء على الرجال يغضب أحدهم على جليسه إذا جالس غيره أولئك الجبارون أعداء الرحمن وقال وهب بن منبه لعطاء الخراساني كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم وكانوا لا يلتفتون إلى دنيا غيرهم وكان أهل الدنيا يبذلون لهم دنياهم رغبة في علمهم فأصبح أهل العلم فينا اليوم يبذلون لأهل الدنيا علمهم في دنياهم فأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم وقال داود
Sayfa 44